انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية في الجزائر رغم رفض الشارع

المجلس الدستوري قبل من بين 23 شخصية ملفات 5 مترشحين للرئاسة يرى الحراك الشعبي أنهم من رموز النظام السابق.

الجزائر - انطلقت حملة الانتخابات الرئاسية الجزائرية اليوم الأحد، على الرغم من تواصل الرفض الواسع لها من قبل الحركة الاحتجاجية، التي ترى في جميع المرشحين الخمسة وجوها من النظام الذي يطالب الجزائريون برحيله.

وبعد تسعة أشهر من الحركة الاحتجاجية، التي دفعت الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة للاستقالة، ما زال الشارع يرفض انتخاب رئيس خلفا له. وقد اسقط انتخابات كانت مقررة في الرابع من تموز/يوليو لعدم وجود مترشحين.

لكن الأمر مختلف في انتخابات 12 كانون الأول/ديسمبر، إذ تبدو السلطة وخصوصا قيادة الجيش ماضية في تنظيمها.

وتقدم خمسة مرشحين تقدموا للتنافس من أجل الوصول إلى قصر المرادية، وسط مخاوف من إقبال ضعيف للناخبين على التجمعات التي دعوا أنصارهم لحضورها.

وأختار ثلاثة مرشحين من بين الخمسة الذين دخلوا السباق محافظة أدرار الصحراوية التي تبعد نحو 1400 كم عن عاصمة البلاد (جنوب غرب)، لإطلاق حملاتهم الشعبية في هذا السباق الانتخابي الذي يرفض الحراك الشعبي تنظيمه في الظروف الحالية.

وأطلق عبدالعزيز بلعيد (56 عاما) رئيس "جبهة المستقبل"، وعزالدين ميهوبي (60 عاما) أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي (حزب أحمد أويحيى رئيس الوزراء السابق المسجون في قضايا فساد)، حملاتهم الانتخابية من أدرار الأحد، فيما اختار رئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون المدينة نفسها لكن خصص اليوم الأول من الحملة "لاجتماعات تنظيمية داخلية".

 وقال عبداللطيف بلقايم من المكتب الإعلامي لتبون إن الحملة الانتخابية لمرشحهم ستنطلق غدا الاثنين.

وأدرار شملتها الاحتجاجات التي بدأت في الجزائر منذ فبراير الماضي، حيث تعاني المدينة من نقص التنمية وتعطيل مشاريع البنى التحتية وعدم توفير فرص تشغيل للشباب.
من جانبه دشن رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس (الأمين العام لحزب طلائع الحريات) حملته الدعائية من محافظة تلمسان (غرب) وهي الولاية التي ينحدر منها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أطاحت به انتفاضة شعبية قبل أشهر.

وبرر بن فليس (75 عاما) رئيس الحكومة بين عامي 2000 و2003 خلال الولاية الأولى لبوتفليقة، اختياره المشاركة في الانتخابات بـ"إطفاء النار وإنهاء حكم العصابة الفاسدة والعودة إلى الحكم الديمقراطي"، كما جاء في خطاب نقلته قناة النهار.

لكن المحامي الذي يخوض الاستحقاقات الرئاسية للمرة الثالثة قوبل بهتافات مناهضة له، حيث استقبله بعض سكان تلمسان بشعار "ديغاج" (ارحل).

ميهوبي أمين عام حزب أوبحيى اختار أدرار لاطلاق حملته الانتخابية
ميهوبي أمين عام حزب أوبحيى اختار أدرار لاطلاق حملته الانتخابية

وتجمع مئات الجزائريين من سكان المدينة، بمن فيهم طلاب من جامعة تلمسان، أمام دار الثقافة حيث كان الأمين العام لحزب طلائع الحريات سيعقد أول تجمع شعبي له، قبل أن تتدخل قوات الأمن لإبعادهم ومنعهم من دخول المبنى.

وأظهرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي بن فليس وهو يعقد اجتماعه الأول ضمن حملته الانتخابية وسط عدد أنصاره في تلمسان.

وبعد خسارته في الانتخابات الرئاسية ضدّ بوتفليقة في 2004 ثم في 2014، واتهم بن فليس السلطات بتزويرها.

أما عبدالقادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني والمرشح الإسلامي الوحيد في هذه الانتخابات، فقد اختار الانطلاق من العاصمة التي تشهد احتجاجات يومية في خطوة تهدف للقاء المتظاهرين مباشرة والترويج لبرنامجه الانتخابي من الشارع لكسب أصواتهم.

ولم يختلف الأمر كثيرا مع بن قرينة حيث تجمع المحتجون في ساحة البريد المركزي، التي ارتبط اسمها بحراك 22 فبراير، حوله حين حاول القاء كلمة مقتضبة أمام مناصريه، ليهتفوا "مكاش (لا يوجد) انتخابات مع العصابات".

وأمام نحو مئة مناصر له قال بن قرينة إن الحراك "أسقط إمبراطوريات الفساد السياسي والمالي" و "أسس لجزائر جديدة".

لكن سمير، التاجر البالغ من العمر 27 عاما، فظل يصرخ "أنتم تترشحون ضد الحراك وليس دعما له".

وأوضح "هؤلاء الذين يسيرون خلف المرشحين لا يهمهم البلاد بل كل ما يهمهم مصالحهم الشخصية. هذا بن قرينة لم يكن يوما في المعارضة سواء في حزبه السابق (حركة مجتمع السلم) أو حزبه الحالي (حركة البناء الوطني)".

وتساءل "ما الفائدة من انتخاب رجل من النظام وسكت طيلة 20 سنة على فساد بوتفليقة؟".

وكما سمير يتظاهر أعداد كبيرة من الجزائريين في كل يوم الجمعة ضد الانتخابات وللمطالبة بتغيير النظام الذي حكم البلاد منذ الاستقلال في 1962 ومنها 20 سنة لبوتفليقة وحده.

وتأتي هذه الانتخابات في وضع غير مسبوق تشهده البلاد، وبعد ثمانية أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أبريل/ نيسان الماضي، من قبل انتفاضة شعبية دعمها الجيش.

الشارع الجزائري يرى في جميع المترشحين للانتخابات نسخة من نظام يطالب برحيله
الشارع الجزائري يرى في جميع المترشحين للانتخابات نسخة من نظام يطالب برحيله

وترفض الحركة الاحتجاجية إجراء الانتخابات تحت إشراف الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح وحكومة نورالدين بدوي وحتى رئيس الأركان الرجل القوي في السلطة الفريق أحمد قايد صالح.

وبالنسبة لأستاذ القانون والعلوم السياسية إسماعيل معراف فإن"الحركة الاحتجاجية ستعرف تصعيدا في تعبئتها وسيزداد عدد المتظاهرين. لكن في غياب قيادة له بعد أن تم اعتقال أغلبهم والحصار الإعلامي فلن يمنع ذلك من إجراء الانتخابات".

وأضاف "السلطة تعودت على تنظيم الانتخابات في ظروف استثنائية كما فعلت خلال سنوات الإرهاب (الحرب الأهلية بين 1992و2002 التي أسفرت عن 200 ألف قتيل) حيث كان التقتيل يوميا وتهديد من يشارك في الانتخابات بالموت".

ورغم ذلك فإن المهمة ستكون "صعبة" على المرشحين كما كتبت صحيفة الخبر التي اعتبرت أنهم "سيجدون صعوبة في تجنيد المتردّدين" الذين يرون أن "النتيجة محسومة مثل مختلف المواعيد السابقة" التي شهدت تزويرا للنتائج حسب المعارضة. وينتظر أن تستمر الحملة الانتخابية 21 يوما لتنتهي ثلاثة أيام قبل يوم الاقتراع.

ولا يزال الجزائريون يتظاهرون أسبوعيا في العاصمة وعدد من المحافظات، حيث يطالب عدد كبير من المحتجين برحيل جميع رموز نظام بوتفليقة من السلطة أولا، ثم المرور إلى تنظيم انتخابات، لكن الجيش أصر على أن المخرج الوحيد للأزمة في البلاد لابد أن يكون عبر تطبيق الدستور وذلك بإجراء انتخابات لاختيار رئيس ينفذ مطالب الإصلاح. 

وتجرى هذه الانتخابات لأول مرة تحت إشراف سلطة مستقلة للانتخابات، والتي عوضت وزارة الداخلية في التنظيم وإعلان النتائج ولجان سابقة مكونة من القضاة وممثلي الأحزاب في مراقبة سير السباق الانتخابي.

وأمس السبت، وقع مرشحو الرئاسة "ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية"، الذي يتضمن التزامات باحترام قواعد السباق وتجنب تبادل الاتهامات وإطلاق تصريحات تحريضية.

كما وجهت وزارة الدفاع السبت نداء لكافة "المواطنين الغيورين على وطنهم إلى المساهمة النشيطة إلى جانب قوات الجيش (...) للوقوف صفا واحدا لإنجاح هذا الموعد المصيري في حياة ومستقبل البلاد"".

وأعلنت في بيان لها "أعطت التعليمات الكافية والتوجيهات الضرورية لكل القوات الأمنية المعنية لتوفير الشروط الملائمة لتمكين الشعب الجزائري من المشاركة القوية والفعالة في الحملة الانتخابية وفي الاستحقاق الرئاسي المقبل بكل حرية وشفافية".
وقبل أيام، حذر الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، من أن "حرية التظاهر"، يجب أن تكون باحترام إرادة الراغبين في المشاركة بالانتخابات وأن الدولة ستتصدى لمن يعرقلها.