هدوء حذر ببيروت بعد ليلة متوترة بين أنصار حزب الله والأمن

مواجهات بالحجارة والمفرقعات الثقيلة وقنابل الغاز بين قوات الأمن ومؤيدين لحزب الله وحركة امل بعد ان خربوا وحرقوا لافتات للمتظاهرين ثم حاولوا دخول خيم منصوبة في ساحة الشهداء.
هتاف شيعة شيعة يعود الى وسط بيروت
المواجهات نشبت مع خلو وسط بيروت تقريبا من المتظاهرين

بيروت - ساد هدوء حذر على وسط العاصمة اللبنانية بيروت صباح اليوم الأحد، بعد ليلة متوترة شهدت اشتباكات متفرقة بين شبان مؤيدين لحزب الله وحركة أمل من جهة وقوات الأمن التي تعرض عناصرها للرشق بالحجارة والمفرقعات المشتعلة من جهة أخرى، قبل أن تردّ بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وقال مصادر لبنانية إن الهدوء عاد إلى منطقة وسط العاصمة اللبنانية بعد تعزيز الانتشار الأمني من قبل قوات الأمن والجيش، فيما لا تزال عناصر من الدفاع المدني متواجدة في المنطقة تحسبا لأي طارئ وللتدخل سريعا حال استدعى الأمر.

 وبدأت آثار العنف التي سادت الشوارع حتى ساعات الفجر الأولى واضحة اليوم الأحد بعد موجات كرّ وفرّ بين عدد من المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، الذين أصرّوا على إخلاء الساحات بالقوّة.

وجاءت مواجهات السبت غداة دعوة الأمين العام لحزب الله مناصري حزبه وحليفته حركة أمل إلى "ضبط الأعصاب"، بعد تكرار حوادث مماثلة وصدامات مع القوى الأمنية من جهة، ومع المتظاهرين الذين يطالبون منذ شهرين برحيل الطبقة السياسية، من جهة ثانية.
وهاجم عشرات الشبان القادمين سيراً من منطقة الخندق الغميق ظهر السبت وسط بيروت القريب، حيث عملوا على تخريب لافتات رفعها المتظاهرون في وقت سابق وحرقها في وسط الطريق. ثم حاولوا دخول خيم موضوعة في ساحة الشهداء، مرددين هتافات "شيعة شيعة"، وفق ما نقلت شاشات تلفزة محلية.
وإثر ذلك، تدخّلت قوات الأمن لمنعهم من التخريب، قبل أن تشهد الساحة عمليات كرّ وفرّ بين الطرفين تطورت إثر بدء الشبان برمي عناصر الأمن بالحجارة ومفرقعات نارية ثقيلة واطلاق الشتائم. وعمدت قوات مكافحة الشغب إلى اطلاق الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم وتمكنت من دفعهم للعودة إلى المنطقة التي قدموا منها.

ووقع هذا التوتر في وقت كان وسط بيروت شبه خال من المتظاهرين الذين توافدوا فيما بعد إلى ساحات الاعتصام وسط بيروت، بعد دعوات أطلقها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للنزول لمساندة المتظاهرين بعد الأحداث الأخيرة.
وفي صيدا جنوبي لبنان، أُقفلت عدد من الطرقات الفرعية في المدينة ليل السبت، تضامنًا مع المحتجين في بيروت، وسط انتشار دعوات عبر مواقع التواصل للتجمع في ساحة الثورة في قلب صيدا الجنوبيّة.

وحول الحصيلة الأولية للاشتباكات في وسط بيروت، مساء اليوم، أفاد الدفاع المدني اللبناني، عبر تويتر، بنقل 36 جريحا إلى مستشفيات العاصمة. وأضاف أن المسعفين عملوا تضميد إصابات 54 مواطنا آخرين في المكان.
ويشهد لبنان احتجاجات شعبية غير مسبوقة، بدأت على خلفية مطالب معيشية في ظلّ أزمة اقتصادية لم تشهدها البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.
وأجبرت الاحتجاجات، في 29 من أكتوبر/تشرين أول الجاري، سعد الحريري على تقديم استقالة حكومته، وهي تضم حزب الله وحركة أمل مع قوى أخرى.
ومن المقرر أن تبدأ الاثنين المقبل مشاورات نيابية ملزمة لتسمية رئيس وزراء جديد، في ظل خلافات بين القوى السياسية.

نصرالله: يجب أن نكون على مستوى عال جداً من ضبط النفس

وليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها مناصرون لحزب الله وحليفته أمل المتظاهرين الذين يتمسكون بمطلب رحيل الطبقة السياسية مجتمعة، إذ سبق واعتدوا بالعصي على متظاهرين، كما دمروا خيماً في وسط بيروت، في الأسابيع الأولى من الحراك.

وكان نصرالله أقر في خطاب عبر الشاشة الجمعة بحصول "حالات انفعال وغضب خارج السيطرة". وأكد توافق قيادتي حزب الله وحركة أمل على وجوب "أن نحفظ الهدوء، يجب أن لا ننجر إلى مشكلة، إلى أي توتر".
وتابع "الانفعال يجب أن يُضبط، ويجب أن نكون على مستوى عال جداً من ضبط النفس، وألا نعطي لا لأعدائنا ولا لخصومنا ولا للمتربصين بنا مادة للإساءة أو للاستفادة السيئة منها".

ونقلت قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال التلفزيونية أن إمام حسينية الحي وجّه نداءات عبر مكبرات الصوت باسم حزب الله وحركة أمل لـ"الانضباط"، مطالباً الشبان بالعودة إلى منازلهم.
وسبق لمؤيدي حزب الله وحركة أمل أن هاجموا المتظاهرين أكثر من مرة خلال نوفمبر/تشرين الثاني ورددوا هتافات داعمة لنصرالله ورئيس البرلمان رئيس حركة أمل نبيه بري، بالإضافة إلى هتاف "شيعة شيعة" أيضا.
ولم تتمكن القوى السياسية من التوافق على تسمية خلف للحريري حتى الآن في وقت يطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة تضم مستقلين عن الأحزاب السياسية والسلطة الحالية، وهو ما يرفضه حزب الله وحلفائه من بينهم الرئيس ميشال عون.

وأكّد نصرالله أنّه "حتى هذه اللحظة، لم تتوافق الكتل النيابية على اسم"، آملا أن "يحصل تكليف لمن تختاره أكثر الأصوات لتشكيل الحكومة"، إلا أنه نبّه في الوقت ذاته إلى أنّ "عملية التأليف لن تكون سهلة".
وفي بلد يقوم على المحاصصة الطائفية كلبنان، غالباً ما يتم التوافق على اسم رئيس الحكومة قبل موعد الاستشارات التي تأتي شكلية.