الانقسام والتشرذم يضعفان المعارضة الايرانية

الكثير من الإيرانيين ينظرون بحنين إلى حقبة النظام الملكي التي سبقت الثورة، لكن العديد منهم أيضا يتذكرون أوجه عدم المساواة والقمع التي كانت سائدة خلالها.

طهران – تتعرض المؤسسة الحاكمة في إيران لضغوط شديدة جراء الضربات الإسرائيلية التي لا تزال تستهدف كبار الشخصيات والأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام الحكومية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الموجات المتكررة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد على مدار عقود من الزمن، لا تزال المعارضة الإيرانية منقسمة بين جماعات وفصائل أيديولوجية متنافسة ويبدو أن حضورها المنظم داخل البلاد ضعيف.

ومن أبرز هؤلاء المعارضين، رضا بهلوي آخر وريث للعرش الملكي، بعد أن فرّ والده آخر شاه لإيران، محمد رضا بهلوي، في عام 1979 مع اندلاع الثورة. وتوفي في مصر عام 1980.

وكان ابنه رضا وهو الآن مقيم في الولايات المتحدة يدعو إلى تغيير النظام من خلال العصيان المدني السلمي وإلى إجراء استفتاء على حكومة جديدة.

وفي حين أن لدى بهلوي الكثير من المؤيدين الإيرانيين في الخارج الذين يدعمون العودة إلى نظام الحكم الملكي، فمن غير الواضح مدى شعبية هذه الفكرة داخل البلاد. فمعظم الإيرانيين ليسوا كبارا في السن بما فيه الكفاية ليتذكروا الحياة قبل الثورة، وتبدو البلاد مختلفة تماما عن تلك التي شهدت فرار والد بهلوي قبل 46 عاما.

وفي حين ينظر الكثيرون من الإيرانيين بحنين إلى تلك الحقبة التي سبقت الثورة، يتذكر العديد منهم أيضا أوجه عدم المساواة والقمع التي كانت سائدة خلالها. وفي الوقت نفسه، هناك انقسامات حتى بين الجماعات المؤيدة لنظام حكم الشاه.

بدورها، منظمة مجاهدي خلق وهي جماعة يسارية قوية نفذت الكثير من الهجمات التفجيرية ضد حكومة الشاه وأهداف أميركية في السبعينيات لكنها في النهاية اختلفت مع الفصائل الأخرى.

ولا يمكن للكثيرين من الإيرانيين، ومنهم ألد أعداء الجمهورية الإسلامية، أن يغفروا لمنظمة مجاهدي خلق وقوفها إلى جانب العراق ضد إيران خلال الحرب التي دارت رحاها بين 1980 و1988.

وكانت مجاهدي خلق أول من كشف علنا في عام 2002 عن امتلاك إيران برنامجا سريا لتخصيب اليورانيوم، لكن الحركة لم تظهر أي علامة تذكر على أي وجود نشط داخل إيران لسنوات.

وفي المنفى، لم يظهر زعيمها مسعود رجوي في العلن منذ أكثر من 20 عاما، وتتولى زوجته مريم رجوي زمام الأمور. وانتقدت جماعات حقوقية مجاهدي خلق بسبب ما وصفته بسلوكها الشبيه بسلوك الطائفة ولانتهاكات تمارسها بحق أتباعها، وهو ما تنفيه المنظمة.

ومنظمة مجاهدي خلق هي القوة الرئيسية وراء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تقوده مريم رجوي والذي له وجود نشط في العديد من الدول الغربية.

وكثيرا ما كانت الأقليات الكردية والبلوشية ذات الأغلبية السُنية في إيران تشعر بالغضب حيال الحكومات الشيعية.

ونظمت العديد من الجماعات الكردية منذ فترة طويلة حركات معارضة للجمهورية الإسلامية في الأجزاء الغربية من البلاد حيث تشكل الأغلبية، وكانت هناك فترات من التمرد ضد القوات الحكومية.

وفي بلوشستان، على طول الحدود الإيرانية مع باكستان، تتشكل المعارضة لطهران من أنصار رجال الدين السُنة الذين يسعون إلى توسيع نفوذ أتباعهم داخل الجمهورية الإسلامية والمتشددين المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة.

وعندما انتشرت الاحتجاجات الكبرى في مختلف أنحاء إيران، فإنها كانت في كثير من الأحيان أشد ضراوة في المناطق الكردية والبلوشية، ولكن لا توجد في أي من المنطقتين حركة معارضة واحدة موحدة تشكل تهديدا واضحا لحكم طهران.

وخرج مئات الآلاف من الإيرانيين إلى الشوارع في احتجاجات حاشدة على مدار عقود من الزمن.

وبعد الانتخابات الرئاسية عام 2009، امتلأت شوارع طهران ومدن أخرى بالمتظاهرين الذين اتهموا السلطات بتزوير الأصوات لصالح الرئيس، آنذاك، محمود أحمدي نجاد ضد المرشح المنافس مير حسين موسوي.

وتم سحق "الحركة الخضراء" التي يتزعمها موسوي ووضعه تحت الإقامة الجبرية مع حليفه السياسي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي.

ويُنظر إلى الحركة التي سعت إلى الإصلاح الديمقراطي داخل النظام القائم للجمهورية الإسلامية، الآن على نطاق واسع على أنها حركة لا وجود لها.

وفي عام 2022، اجتاحت إيران احتجاجات كبيرة مرة أخرى تركزت على حقوق المرأة. إذ استمرت مظاهرات "المرأة والحياة والحرية" لعدة أشهر لكن دون أن تسفر عن تشكيل منظمة أو قيادة، وفي النهاية تم اعتقال العديد من المتظاهرين وسجنهم.

وأكد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو هيئة في المنفى تعارض الحكومة الإيرانية، في وقت لاحق من اليوم الأربعاء أن إسقاط النظام لا يحدث إلا "على يد الشعب الإيراني ومقاومته".

وقالت رئيسة المجلس مريم رجوي خلال مؤتمر صحافي في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بحضور عدد من البرلمانيين إن نهاية هذا النظام الديني "لا يمكن أن تُحقق بتعيين ملك من جانب إنكلترا، كما كانت الحال قبل مئة عام".

وشددت زعيمة المعارضة على أنه "لا يمكن فرض" التغيير "كما حدث عام 1953، بانقلاب الولايات المتحدة على حكومة الدكتور مصدق الوطنية، من خلال القمع والإعدامات والتعذيب"، متهمةً آية الله خامنئي بـ"جرّ" الإيرانيين "إلى الحرب وانعدام الأمن من أجل الحفاظ على نظامه الهشّ والفاشل"