انهيار جديد لليرة والسندات السيادية يربك الاقتصاد التركي

الانحدار الجديد في قيمة الليرة التركية التي عانت بشدة، هو أحدث مؤشر على حالة الإرباك الاقتصادي الذي تعيشه تركيا على وقع تدخلات الرئيس رجب طيب أردوغان في السياسات النقدية.

الاقتصاد التركي يئن تحت وطأة تراجع الليرة والسندات السيادية
سياسات أردوغان تغرق الاقتصاد التركي في الركود
تغيير محافظ البنك المركزي لم تعالج أزمة الليرة والتضخم
علّة الاقتصاد التركي في قرارات أردوغان المزاجية والارتجالية

لندن - هوت اليوم الثلاثاء وبشكل متزامن الليرة التركية والسندات المقومة بالدولار التي أصدرتها حكومة العدالة والتنمية، لتفاقم بذلك الأعباء على الاقتصاد التركي المتأزم والذي يحاول الرئيس التركي الإيهام بأنه في وضع جيّد وأن كل التقارير الغربية التي تتحدث عن وضع سيء تدخل ضمن مؤامرة خارجية تستهدف التشويش على "انجازاته".

وقد هوت السندات المقومة بالدولار مع انخفاض إصدار 2030 إلى أدنى مستوياته في ستة أسابيع في ظل استمرار الضغوط على الليرة. وانحدر كل من إصدار 2030 و2034 أكثر من سنت في الدولار، وفقا لبيانات تريدويب.

ونزلت الليرة نحو 0.5 بالمئة مقابل الدولار اليوم الثلاثاء، مواصلة خسائرها بعد انحدارها أكثر من واحد بالمئة أمس الاثنين، لتسجل أضعف مستوياتها منذ 19 يونيو/حزيران تحت وطأة بواعث القلق من أثر حرب التجارية بين واشنطن وبكين والتوترات في شمال غرب سوريا.

وقال نيكولاي ماركوف الاقتصادي في بيكتت لإدارة الأصول "المستثمرون متخوفون من أثر تخفيضات فائدة أكبر على الليرة حيث ستكون العملة أول مؤشر للاقتصاد الكلي يتفاعل مع هذا التطور."

وهذا الانحدار الجديد في قيمة الليرة التركية التي عانت بشدة خلال الأشهر الماضية وأيضا في العام الماضي، هو أحدث مؤشر على حالة الإرباك الاقتصادي الذي تعيشه تركيا على وقع تدخلات الرئيس رجب طيب أردوغان في السياسات النقدية على خلاف نصائح الخبراء وكبار الاقتصاديين في بلاده.

وانخفضت قيمة الليرة التركية بنحو 8 بالمئة منذ بداية العام الحالي فيما سجلت خلال العام الماضي انحدار بلغ 30 بالمئة هوت 30 بالمئة العام الماضي متسببة حينها في أزمة سيولة.

اقالة أردوغان لمراد تشين قايا محافظ البنك المركزي من منصبه لم تخرج تركيا من أزمتها
اقالة أردوغان لمراد تشين قايا محافظ البنك المركزي من منصبه لم تخرج تركيا من أزمتها

وأثار الرئيس التركي بقراره عزل محافظ البنك المركزي مراد تشين قايا من منصبه لأنه رفض تخفيض سعر الفائدة عن 24 بالمئة، مخاوف المستثمرين وقلقا في الأسواق.

وخاض أردوغان خلال السنوات القليلة الماضية معركة شرسة  لخفض نسبة الفائدة معتبرا أن نسبة الفائدة المرتفعة تسببت في ارتفاع معدل التضخم، في الوقت الذي أكدت فيه تحليلات اقتصادية وسياسية أن التدخل المفرط في السياسات النقدية يدفع تركيا إلى ركود اقتصادي أعمق وأن نظريات الرئيس التركي مخالفة لكل القواعد الاقتصادية العلمية.

والأمر لا يقف عند هذا الحد، فتدخلات أردوغان ساهمت في خلق بيئة من عدم اليقين ومخاوف من نزعة استبدادية تستهدف تطويع جميع المؤسسات المالية بما فيها البنك المركزي.

وبالفعل وبعد أشهر من إقالة محافظ البنك المركزي لم تجن تركيا أي شيء يذكر من هذا القرار الارتجالي ولم ينجح المحافظ الجديد وهو من المقربين من أردوغان في وقف نزيف الليرة كما لم يخرج الاقتصاد التركي من حالة الركود ولم ينه ارتفاع معدل التضخم وفي النهاية لم ينجح في تهدئة مخاوف المستثمرين.

وأصبحت سياسات أردوغان الاقتصادية في مجملها طاردة للاستثمارات على الرغم من البيانات الرسمية التي تحاول أن ترسم صورة وردية للوضع الاقتصادي.

وكان رئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أغلو قد أشار إلى ذلك علنا منتقدا سياسات حليفه السابق (أردوغان)، بما في ذلك استبعاد المختصين الاقتصاديين من حكومته والتعامل مع الأزمة بارتجالية ومزاجية لا بواقعية تقف على مسببات المأزق الاقتصادي والتراجع المستمر في قيمة الليرة.

ويؤكد خبراء أنه لا يمكن النظر لأزمة الليرة التركية وتراجع السندات السيادية المقومة بالدولار بمعزل عن السياسات الخاطئة التي يتمسك أردوغان بتنفيذها.

الرئيس التركي حاول مرارا القفز على مسببات الركود الاقتصادي مختزلا أزمة الليرة في مؤامرة خارجية تستهدف تقويض الاستقرار والنمو في تركيا وهي مبررات لا تجد صدى في الشارع التركي الذي ردّ سريعا على خطابات الرئيس المغرقة في الشعبوية بتصويت عقابي أنهى هيمنة العدالة والتنمية على بلديتي اسطنبول (العاصمة الاقتصادية والخزان الانتخابي والديمغرافي) وأنقرة، في تطور هزّ الحزب الذي يسوق له رئيسه على أنه حزب لا يقهر.