انهيار قياسي جديد لليرة التركية

الليرة تسجل الاثنين تراجعا إلى مستويات منخفضة مقابل الدولار، في مؤشرات ستسفر على الأرجح عن أزمة في ميزان المدفوعات وتآكل هوامش الأمان المالي.
الانهيار المتوالي لليرة يعكس مدى الأزمة الاقتصادية في تركيا

اسطنبول - تراجعت الليرة التركية مجددا الاثنين إلى مستويات قياسية منخفضة مقابل الدولار واليورو اليوم بعد أن خفضت موديز تصنيف تركيا إلى B2 من B1 أواخر الأسبوع الماضي وحذرت من أزمة اقتصادية أعمق.

وقالت وكالة التصنيفات الائتمانية إن نقاط الضعف الخارجية لتركيا ستسفر على الأرجح عن أزمة في ميزان المدفوعات وإن هوامش الأمان المالي تتآكل.

ولامست الليرة قاعا جديدا عند 7.4980 للدولار، لتصل خسائرها منذ بداية العام الحالي إلى نحو 21 بالمئة. وسجلت العملة مستوى منخفضا غير مسبوق مقابل اليورو عند 8.9031، لتصل نسبة التراجع إلى 25 بالمئة منذ منتصف 2019.

وقال إحسان خومان مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك إم.يو.إف.جي، "إمكانية حدوث صدمة تمويلية يظل مكمن الخطر الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد التركي."

إمكانية حدوث صدمة تمويلية يظل مكمن الخطر الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد التركي

لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المنتقد الدائم لوكالات التصنيف الائتماني، شن هجوما جديدا على هذه المؤسسات مطلع الأسبوع بعد إعلان قرار موديز، وإن أشار في تصريحاته إلى وكالة ستاندرد أند بورز.

وقال في كلمة "ستاندرد أند بورز لا يمكنكم إملاء الشروط على تركيا تحت سيف العقوبات. فعلتم هذا من قبل. هل حصلتم على نتيجة؟ لا، لم يحدث. ولن يحدث في المستقبل."

ويعزو كثير من الخبراء انهيار الليرة التركية وتفاقم الأزمة الاقتصادية إلى سوء إدارة الرئيس التركي لسياسة البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى سياساته الخارجية التي استجلبت لتركيا عداءات مجانية بسبب التدخل العسكري في أكثر من جبهة، ما تسبب في قلق المستثمرين ونفور بعضهم الآخر عن الاستثمار في تركيا وهو ما يعكس حتما تراجعا اقتصاديا حادا.

ويرى محللون أن الأزمة الاقتصادية في تركيا تشكلت نتيجة تدخلات أردوغان في السياسة النقدية وإقحام نفسه في مسائل اقتصادية ليست من مشمولاته، وشنه حملة تصفيات سياسية ضد الكوادر والكفاءات بالبنك المركزي ممن عارضوا تدخله في السياسة النقدية، ما أربك القطاع النقدي مسببا له مشاكل متناثرة.

كما يتهم منتقدون اردوغان بإهلاك السياسة الخارجية، فيما يرى بعضهم أن استقلال الاقتصاد التركي مهدد بسبب التحالف مع قطر، مشددين على ضرورة تغيير دستور البلاد للتخلص من سطوة أردوغان وسياساته المنهكة للبلاد.

وتعاني الليرة التركية منذ أشهر انهيارا مستمرا في خضم أزمات متناثرة جلبها أردوغان بسبب سياساته الفاشلة في إدارة البلاد، فضلا عن تمويله تدخلات عسكرية في أكثر من جبهة صراع بدل التفاته إلى أزماته الداخلية، ما استنزف الميزانية التركية، وهو ما قد يشكل بداية مرحلة من العزلة التركية، في ظل اكتساب أنقرة نقرة أنعداءات مجانية تجاه دول الخليج وأوروبا والدول الغربية.

ويفترض في الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه تركيا، أن يلتفت أردوغان لأزماته الداخلية، لكنه اختار التصعيد على أكثر من جبهة فخسر الشركاء التقليديين من الخليج إلى أوروبا واستنزف موازنة البلاد في حروب مدفوعة بأطماع استعمارية وبحثا عن مجد خلا للإمبراطورية العثمانية ولتحقيق طموحات شخصية وتنفيذ أجندة التمكين لجماعات الاسلام السياسي.

وتواجه تركيا أزمة اقتصادية ومالية حادة نتيجة سياسات سقيمة وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف في مواجهة الأزمات من بينها تداعيات انتشار فيروس كورونا.