انهيار مساكن عشوائية يُحيي الجدل حول أزمة السكن في الجزائر

كثيرون يعزون انتشار المساكن العشوائية والقصديرية إلى سوء التخطيط العمراني وإلى تفشي الفساد في قطاع الإسكان.

الجزائر – أحيى انهيار مساكن قصديرية (أو مساكن الصفيح) في مدينة وهران الجزائرية الجدل حول أزمة السكن والفساد الذي ينخر القطاع بصفة عامة، بينما أظهر ارسال الحكومة وفدا وزاريا لمتابعة الوضع بعد وفاة 4 أشخاص واصابة 13 آخرين في الحادثة، مخاوف من اشتعال الجبهة الاجتماعية.

وكانت تلك الحادثة قد فجرت موجة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي وعكست موقفا شعبيا من أزمة مزمنة في الدولة العضو بمنظمة الدول المصدرة للنفط والتي يفترض أن تكون في وضع أفضل مقارنة بما تجنيه من إيرادات نفطية وبالنظر للدعاية التي تحيطها بسياستها الاجتماعية.

كما أحيت الحادثة التي سارعت الحكومة لتطويق تداعياتها، السجال حول التحديات العمرانية التي تواجهها الجزائر منذ عقود خاصة منها أزمة السكن العشوائي التي تمثل تهديدا لحياة الكثير من الأسر.

ويعزو كثيرون هذا الوضع الاجتماعي إلى تفشي الفساد بشكل عام في مختلف القطاعات وفي قطاع الإسكان خاصة منه ما بات يعرف إعلاميا بـ"العشوائيات" أو "الأحياء العشوائية".

وتعتبر هذه المشكلة التي نشأت تاريخيا نتيجة للتوسع العمراني السريع والاختلال في معروض المساكن التي تشرف عليها الدولة، من بين تحديات التنمية الحضرية في الجزائر التي واجهت انتقادات داخلية عنيفة بسبب سوء إدارة الأزمة وبسبب ضعف وهشاشة التخطيط العمراني.

وعادة ما يتم بناء المساكن من قبل السكان أنفسهم باستخدام مواد بدائية وغالبا ما تفتقر إلى تقنيات البناء المناسبة ومعايير السلامة. كما تفتقر هذه المناطق عادة إلى الخدمات الأساسية مثل إمدادات المياه النظيفة وأنظمة الصرف الصحي والكهرباء والطرق المعبدة وإدارة النفايات.

ويواجه السكان في كثير من الأحيان مخاطر صحية بسبب سوء الصرف الصحي، والاكتظاظ والتعرض للمخاطر البيئية.

ويطرح هذا الوضع عموما أسئلة حول دور الدولة في الحد من انتشار العشوائيات، بينما يحمل كثيرون السلطة المسؤولية عن أزمة السكن وسوء التخطيط العمراني وعدم توفير مساكن اجتماعية لمحتاجيها.

وأعلنت الحكومات المتعاقبة في الجزائر برامج إسكان، لكنها كانت غالبا أقرب للدعاية السياسية منها للإنجاز، فيما رافق توزيع مساكن بنتها الدولة على مدار السنوات الماضية، جدل واسع حول الشفافية والمصداقية في منح تلك المساكن لمستحقيها وسط اتهامات للمسؤولين بالفساد وبتلقي رشاوى وعملات غير قانونية.  

الحكومات المتعاقبة فشلت في حل أزمة العشوائيات
الحكومات المتعاقبة فشلت في حل أزمة العشوائيات

ويمكن للطبيعة العضوية وغير المخططة لهذه المساكن أن تؤدي إلى تحديات اجتماعية ومكانية معقدة، بما في ذلك الصعوبات في تقديم الخدمات ودمج هذه المناطق في النسيج الحضري الرسمي.

ويواجه سكان تلك العشوائيات في كثير من الأحيان التهميش الاجتماعي والاقتصادي، مع محدودية الوصول إلى فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية.

وبعد استقلال الجزائر في عام 1962، كان هناك تدفق كبير للأشخاص من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية بحثا عن الفرص الاقتصادية، مما وضع ضغوطا هائلة على المساكن القائمة.

وغالبا ما كانت جهود الدولة لتوفير السكن المناسب غير كافية لتلبية الطلب المتزايد، مما دفع الناس إلى إنشاء حلول سكنية خاصة بهم، بينما ساهمت فترات عدم الاستقرار والنزوح الداخلي أيضًا في نمو الأحياء القصديرية حول المناطق الحضرية.

ونفذت الحكومة الجزائرية برامج متنوعة تهدف إلى القضاء على العشوائيات وإعادة إسكان سكانها. وكانت إحدى الاستراتيجيات الرئيسية هي هدم المساكن العشوائية ونقل السكان إلى وحدات سكنية اجتماعية تم بناؤها حديثا.

وكذلك مبادرات "صفر بيدونفيل" عبر إطلاق برامج وطنية طموحة بهدف القضاء على جميع العشوائيات في جميع أنحاء البلاد.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة للقضاء عليها، إلا أن أحياء قصديرية وعشوائيات جديدة يمكن أن تظهر بسبب التوسع الحضري المستمر وضعف برنامج الإسكان الذي تشرف عليه الدولة.

وتتضمن أشكال الفساد في قطاع السكن بالجزائر الرشوة والعمولات بما يشمل تبادل الأموال أو الخدمات مقابل الحصول على الموافقات أو التصاريح أو تخصيص وحدات سكنية، وخاصة في برامج الإسكان العام.

كما يستخدم الأفراد الذين لديهم علاقات مع المسؤولين، تلك العلاقات للاستحواذ على مساكن مدعومة من الدولة وتجاوز أولئك الذين لديهم احتياجات حقيقية.

وقد يقوم الأفراد أو المجموعات بالاستيلاء بشكل غير قانوني على الأراضي العامة لتطوير الإسكان أو التلاعب بأسواق الأراضي لتحقيق مكاسب شخصية.

كما يغذي ضعف الشفافية وغياب المساءلة والإجراءات الواضحة والرقابة على توزيع الوحدات السكنية، الفساد. وكثيرا ما تُثير قوائم المستفيدين من السكن الاجتماعي غضبًا شعبيًا واحتجاجاتٍ بسبب ما يُنظر إليه على أنه ظلم.

وقد تهيمن مجموعة صغيرة من الشركات الخاصة والتي غالبا ما تكون لها علاقات وثيقة بالحكومة، على مشاريع الإسكان، مما يحد من المنافسة وقد يؤدي إلى تضخم التكاليف ويضاف إلى ذلك المتاجرة بحقوق السكن وتوظيفها في الدعاية السياسية.

وتشير التقارير إلى أن الحق في "السكن المجاني" أصبح سلعة يتم تداولها مقابل الرشوة وغيرها من المدفوعات غير المشروعة.