اهتمام البحرين يتزايد بالموسيقى

المنامة - يقول كونفوشيوس "لا يهمني من يضع للناس قوانينهم ولكن يهمني من يضع لهم اغانيهم".
فما هي حقيقة الموسيقى وما مدى اهميتها في حياة الشعوب.
في الحقيقة ان الكثير من المجتمعات تدرك ان الموسيقى والاغاني تعبر عن صفات وعادات وتقاليد الشعوب ولذلك يسهل التعرف على الدول من اصل موسيقاها.
والشعب البحريني شغوف بالموسيقى منذ قديم الزمان ولديه اغان شعبية تعكس نمط الحياة والبيئة التي يعيش فيها.
ومما لا شك فيه ان الصوت الغنائي البحريني والخليجي بانواعه المستعملة حتى اليوم ينتسب اسما وموضوعا الى تلك الاصوات العربية القديمة التي وردت في كتب التراث.
الاهتمام بالتراث جميل؛ والاهم هو تطويره
والبحرينيون كما يحبون فنهم الموسيقى والغنائي فهم يتذوقون ايضا الفن الخليجي والعربي.
ولذلك توجهت ادارة الثقافة والفنون بوزارة شؤون مجلس الوزراء والاعلام ضمن جهودها للنهوض بالابداع الموسيقى الى مواصلة ابتعاث الموهوبين للدراسة في المعاهد المتخصصة خارج البلاد وتوفير فرص للدراسات الاكاديمية العليا وتشجيع واستقطاب المؤلفين الموسيقيين الشباب والمهرة من العازفين وتنمية قدراتهم وتوصيل ابداعهم للجمهور ودعم امال فرق الفنون الشعبية التقليدية والتخطيط لتفعيل دور جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية.
كما توجهت الى استضافة فرق موسيقية وعازفين متميزين من مختلف انحاء العالم واقامة مهرجانات موسيقية دورية عالمية المستوى.
ولقد عبرت الحركة الثقافية في البحرين عن اصالتها وزخمها وقدرتها على التنوع والتطور في كافة المجالات وعبر سنوات استطاعت تجاوز العديد من المعوقات التي تواجه عادة كل ثقافة اصيلة لشعب ملئ بالحيوية قادر على اغناء هذه الثقافة ورفدها بمنجزات العصر.
والنقلة للعمل الثقافي الجديد في البحرين تفترض في هذا العمل ان يكون فعلا مؤثرا في الساحة يتخطى ردود الافعال الثقافية ويتجاوز المحاولات واعمال الهواة الاولية الى تقديم عمل ثقافي ناضج ناتج عن دراسة عميقة وتنفيذ متقن.
وهذا يتطلب استكمال البنية الثقافية التحتية وامتلاك ادوات الفعل الثقافي وتعزيز دورها وتوفير متطلبات استمرارها وادخال الموسيقى في نسيج الفعل الثقافي كمنتج اساسي لابداعات اهل البحرين الدالة على مستوى التذوق والتفاعل مع الثقافات والحضارات الاخرى ولابد ان يكون لهذا الفن خيوطه المتينة والجميلة في هذا النسيج البديع.
ويأتي البدء بتأسيس فرقة البحرين للموسيقى العربية خطوة اولى من خطوات تحقيق الحلم الجميل في امتلاك ادوات الفعل الثقافي.
وفي الواقع فانه على الرغم من ان المسافة دائما شاسعة فيما بين الحلم والواقع الا ان الذي يختار طريقه بثقة وعزيمة ويضع قدميه على اول الطريق ويواصل المسير تضيق امامه كل يوم تلك المسافة الشاسعة وصولا الى ما يريد.
وجاء تكوين هذه الفرقة موازيا للجهود التي تبذلها ادارة الثقافة والفنون لتأسيس "فرقة البحرين للموسيقى الكلاسيكية" و"الفرقة الوطنية للفنون الشعبية" وسابقا عليهما مرحليا في الظهور العلني فكل منها مشروع وطني قائم بذاته له مقوماته وتصور دقيق لمصاريفه ومصادر تمويله وبداهة فمن غير الممكن في ظل الاولويات التنموية في البلاد الاعتماد كلية على التمويل الرسمي للمشاريع الثقافية الوطنية في وقت يتدارك فيه العديد من المؤسسات الاقتصادية المردود الثمين لاسهامها في العمل الثقافي على المدى البعيد.
وفى ظل وجود رجال اعمال متنورين ومؤثرين في مثل هذه المؤسسات يؤمنون بقيمة الاستثمار في المجال الثقافي ومردوده التراكمي العام على الاستثمار الاقتصادي يمكن لمشروع وليد مثل فرقة البحرين للموسيقى العربية ان يستمر ويتطور ويتعزز دوره وان تلحق به للتنفيذ مشاريع ثقافية وطنية جديدة تخاطب فكر ووجدان البشر بهذه البلاد وتعزز الامن والاستقرار وتشيع السكينة والحب في النفوس الطيبة.
وفى الحقيقة فقد راودت فكرة تكوين فرقة بحرينية للموسيقى العربية مخيلة العديد من الموسيقيين والمشتغلين في مجال الاغنية كونها حاجة ماسة للنهوض بالموسيقى في البلاد.
ولتحقيق هذه الفكرة بمعناها الحديث تأسست منذ الخمسينات وعلى مدى السنوات المتعاقبة فرق موسيقية عديدة بجهود رواد بارزين منها فرقة اسرة هواة الفن وفرقة الانغام الموسيقية وفرقة الانوار الموسيقية وفرقة الولعة الموسيقية وفرقة الاتفاق الموسيقية وفرقة انغام الخليج الموسيقية وفرقة البحرين الموسيقية وفرقة جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية وفرقة انغام الشرق الموسيقية.
وظلت هذه الفرق تمارس انشطتها لفترات زمنية متفاوتة ثم تنتهي لاسباب عديدة ولم تصمد منها سوى الفرقة الموسيقية البحرينية بقيادة الفنان محمد ناصر التي تقدم اعمالها بمصاحبة بعض المغنين الخليجيين داخل وخارج البحرين كفرقة خاصة الى جانب "فرقة اجراس" التي تأسست عام 1982 وتؤدي مزيجا من الالوان الموسيقية العربية والغربية كمؤسسة اهلية.
ولادخال الموسيقى في صلب النشاط الثقافي لادارة الثقافة والفنون داخل وخارج البحرين تم التفكير في انشاء فرقة البحرين للموسيقى العربية تحت الاشراف المباشر لقسم الموسيقى والفنون الشعبية بالادارة تتأسس وتتأهل على مدى خمس سنوات لتكون بالمستوى المرتقب.
وفى يناير 1997 كلفت ادارة الثقافة والفنون خالد عبدالله خليفة بوصفه واحدا من خريجي المعهد العالي للموسيقى "الكونسيرفتوار" بالقاهرة اعداد دراسة حول امكانية ومتطلبات تأسيس فرقة موسيقية لاداء الالحان التراثية البحرينية والخليجية والعربية واحياء امسيات موسيقية ضمن النشاط العام للادارة.
وقد تم في مايو 1997 اعداد دراسة مستفيضة حول الامكانات الفنية والمادية المتاحة للتنفيذ مع تحديد الصعاب والمعوقات المحتملة ووسائل التغلب عليها.
وعهدت الادارة الى قسم الموسيقى والفنون الشعبية مهمة مراجعة ومناقشة الدراسة واقترح تشكيل لجنة استشارية من ذوى الاختصاص من ابناء البلاد للاشراف والمتابعة وتم اقرار الخطوات التنفيذية للعمل وكلف الفنان البحريني احمد الجميري مهمة الاشراف العام وعصام الجودر مهمة الاشراف الفني وحددت مهام مدير وقائد الفرقة.
وقد بدأت الفرقة العزف في سبتمبر 1997 بعدد محدود من العازفين وتم لاحقا استكمال النقص وادخال العنصر النسائي ضمن الانشاد.
وتدربت الفرقة بعد ذلك حسب الاسس الاكاديمية بقيادة احمد عبداللطيف على بعض الاعمال الموسيقية المعروفة التي تمثل قيمة فنية عالية في التراث الموسيقى العربي وهى مجرد نماذج للاعمال التي ستقدمها بصورة مكثفة ضمن برامجها القادمة.
ان فرقة البحرين للموسيقى العربية في تكوينها الحالي نواة ومشروع في طور التكوين ولذلك يأمل البحرينيون ان توفق هذه الفرقة وان تستكمل كافة نواقصها حتى تتاح لها فرصة حقيقية للاسهام في تطوير واشاعة تذوق الموسيقى العربية ضمن برنامجها لكل عام وان يكون لها دور في رفعة الاغنية البحرينية الحديثة وان تكون بحق وجه البحرين المشرق وقلبها النابض بالموسيقى.