بائعو سور الأزبكية يقيمون معرضا موازيا لمعرض القاهرة للكتاب

الدورة الخمسون للمعرض لن تكون عادية فهي ستقام في مكان جديد بالتجمع الخامس بالقاهرة، كثالث منطقة تستضيف المعرض منذ نشأته.
تجار سور الأزبكية اشترطوا مشاركتهم جميعا فى المعرض
تقليص المساحة ليس مقصودًا به تجار سور الأزبكية فقط

القاهرة ـ من أحمد مروان

منذ انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام 1968، في دورته الأولى التي تزامنت مع احتفالات القاهرة حينها بعيدها الألفي، وهو يجتذب الأضواء لذا كانت تجد كل المنتديات الثقافية القاهرية نفسها في إجازة إجبارية خلال أيام المعرض، لكن الاعتراض على مشاركة إسرائيل في دورة العام 1981 اتخذ أشكالا عدة كان من بينها إقامة معرض مواز بوسط القاهرة خلال نفس أيام المعرض شاركت فيه دور نشر مصرية وعربية، كسابقة أولى في تاريخ المعرض لم تتكرر إلا هذا العام والمعرض يحتفل بيوبيله الذهبي، حيث أعلن  بائعو الكتب المستعملة بسور الأزبكية عن تنظيمهم لمعرض مواز تم افتتاحه فعليا في منتصف يناير الجاري وقبل أسبوع من افتتاح المعرض الأصلي.
ويبدو أن الدورة الخمسين التي ستبدأ يوم 23 يناير/كانون الثاني وتستمر حتى 5 فبراير/شباط القادم لن تكون عادية في تاريخ المعرض، فهي ستقام في مكان جديد بالتجمع الخامس بالقاهرة، كثالث منطقة تستضيف المعرض منذ نشأته.
شريك أم منافس؟
ويذكر أن معرض القاهرة ومنذ دورته الأولى كان يتيح لتجار السور فرصة التواجد في المعرض منذ انطلاقته عام 1968 وكان الجناح المخصص للسور يشهد في السنوات السابقة إقبالا كثيفا، نظرا للانخفاض الكبير في أسعار معروضاته بالمقابلة مع الارتفاع الكبير في أسعار الكتب التي يعرضها الناشرون، ويُذكر أن زبائن السور ليسوا فقط من الفقراء ولكن منهم الأغنياء ممن يبحثون عن الكتب النادرة أو الطبعات القديمة.  

معرض سور الأزبكية للكتاب
للسور تاريخ

وكان بائعو سور الأزبكية قد تقدموا بشكاوى إلى الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين المصريين، متضررين فيها مما أسموه تعمد منع مشاركتهم فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، حيث إنهم لم يتمكنوا من التسكين داخل المعرض، وأنهم يرغبون فى تجهيز صالات يتم تخصيصها لهم، وفي إطار رده على تلك الشكاوى قال سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين المصريين، إن تجار سور الأزبكية اشترطوا مشاركتهم جميعا فى المعرض، بينما المكان المتاح لا يسع إلا ثلاثين تاجرا منهم فقط، فاقترحنا إجراء قرعة فيما بينهم لاختيار من يشارك لكنهم رفضوا ذلك وأعلنوا عدم المشاركة، وقرروا تنظيم معرض مواز، وهم بذلك يغامرون بتجارتهم، وسوف يتعرضون لخسائر فادحة لا يمكنهم تعويضها، فمعرض القاهرة له طبيعة خاصة لا يمكن لأحد أن يزاحمه ولا أحد يستطيع أن ينافسه، كما أن المعرض هذا العام سوف يحمل العديد من المفاجآت الكبيرة التى تصب فى مصلحة القارئ أولاً وأخيرًا.
كذلك أدلى هيثم الحاج، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب وهي الجهة المنظمة للمعرض، بتصريحات بشأن الترتيبات الأخيرة للدورة الخمسين، وأكد خلالها على إن سور الأزبكية مشارك هذا العام لكن بعدد ست مكتبات فقط؛ نظرا للقواعد الجديدة لجعل المعرض أكثر تنظيما ومواكبة لقواعد المعارض في العالم، لكن تجار السور أصروا على المشاركة بكامل عددهم، وهو 108 تجار في حين أن المساحة المتاحة لا تكفي إلا لعدد 33 فقط، لذلك اعتذروا عن المشاركة. 
وعن المعرض الموازي قال الحاج علي "إن ما يسمى بمعرض سور الأزبكية للكتاب لا يعدو كونه مجرد فتح التجار لمحلاتهم كالعادة وتقديمهم تخفيضات للزبائن كالعادة، وذلك لا يشكل معرضا". 
وردا على اتهامات التجار بتعمد إبعادهم عن المعرض قال إسلام بيومى مدير إدارة المعارض بالهيئة العامة للكتاب "إن تقليص المساحة ليس مقصودًا به تجار سور الأزبكية فقط، بل إن المكان الجديد للمعرض بالتجمع الخامس هو الذى يفرض ذلك على جميع العارضين، فعدد الصالات المخصصة للمعرض هو أربع صالات فقط، وبالتالي فكل ناشر سيحصل فقط على ثلث المساحة التي كان يحصل عليها في المكان السابق بمدينة نصر، ومن هنا ظهرت أزمة تجار السور الذين يعتقدون أن هيئة الكتاب تتعنت ضدهم وتتعمد تهميشهم وهذا غير صحيح فقد أكدنا لهم على أن تلك الإجراءات لهذا العام فقط نظرًا للاحتفالات المقرر عقدها، وسيتم معالجة كل الأمور في العام القادم ولكنهم لم يستجيبوا لذلك أيضًا".
ومن جانبهم أعلن تجار سور الأزبكية عبر صفحتهم على الفيس بوك أن إقدامهم على تنظيم المعرض الموازي لا يمثل أي منافسة للمعرض الأصلي، لكنه كان الحل الوحيد أمامهم ليتجنبوا الخسائر  المترتبة على عدم السماح لهم بالمشاركة في المعرض، ففكرة الاختيار بالقرعة غير عادلة، فإذا تم تنفيذها وأتاحت لعدد 33 تاجرا المشاركة، فأين يذهب الباقون بما لديهم من كتب؟ خاصة وأنهم قاموا بشراء كميات كبيرة من الكتب بغرض عرضها فى دورة اليوبيل الذهبى للمعرض، لذلك افتتحوا معرضهم قبل معرض القاهرة بسبعة أيام ليتزامن مع إجازات منتصف العام الدراسي، لضمان زيادة الإقبال على شراء الكتب.
المعركة الثالثة
وفي زيارة لمعرضهم بسور الأزبكية بجوار مسرح العرائس بالعتبة أنكر تجار الكتب المستعملة بالسور معرفتهم بأن ستة منهم سيشاركون في المعرض، فقرارهم كان إما مشاركة الجميع أو اعتذار الجميع، كما أوضحوا أسبابا إضافية لقرارهم بتنظيم المعرض الموازي، منها ارتفاع أسعار الاشتراك في المعرض إلى ألف ومائتين جنيه مصري بعدما كان خمسمائة فقط في العام الماضي، وأيضا اشترطوا عرض الكتب القديمة فقط وتسكين تجار السور بين دور النشر وذلك لو تم سيؤثر بالسلب على مبيعاتنا. 

سور الأزبكية
منافسة أم تكامل؟

وأكد تجار السور على ثقتهم في نجاح معرضهم، نظرًا لما لديهم من كتب نادرة، اعتادوا على إخراجها سنويا خلال المعرض حيث لا تتيح لهم مساحة العرض المحدودة فى مكتباتهم الصغيرة بالسور عرضها، بينما يقدم المعرض لهم هذه الميزة، كما أن فكرة المعرض الموازي ليست جديدة، وأثبتت نجاحًا بالفعل سابقا، حينما نفذوها  بشكل استثنائي في قاعة المؤتمرات عقب إلغاء دورة المعرض في 2011، كما أن تاريخ السور يذكر نجاحهم في أهم معركتين فرضتا عليه، المعركة الأولى ترجع لعام 1926 حيث بدأ الراحل أحمد الكتبي بافتراش السور وعرض ما لديه من كتب، واحتذي به آخرون ورفضت سلطات الاحتلال الإنجليزي ذلك النشاط واستعانت بالبلدية، ففتحت خراطيم المياه علي البائعين، فأشار عليهم أحمد الكتبي بأن يغمروا السور بالكتب التالفة للتعبير عن احتجاجهم، واحتفظوا بالكتب السليمة فوق عرباتهم الكارو، حتى يستطيعوا الهرب بها عند اللزوم، وبذلك انتزعوا أول تصريح يسمح لهم بالوقوف بسور الأزبكية. 
أما المعركة الثانية فكانت في عام 1993، بصدور قرار نقل باعة الكتب من السور إلى مكان آخر بين مستشفى الحسين الجامعي ومقابر جبل الدراسة، وتنفيذا له جاءت الجرافات لتهدم مكتبات السور وأعدمت ربع مليون كتاب في نهار واحد، وبعد معركة قضائية أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها لصالحهم، وألزمت المسؤولين إصدار تراخيص لهم. (وكالة الصحافة العربية).