باتيلي يتوافق مع مجلس النواب الليبي للتوصل إلى تسوية سياسية

الدبيبة يواجه مرحلة حرجة في حكمه بعد ارتفاع واتساع الأصوات المطالبة بتشكيل حكومة جديدة موحدة في ليبيا.

طرابلس – اتفق مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي الخميس مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح على مواصلة المشاورات للدفع نحو تسوية سياسية تفضي إلى إجراء الانتخابات، وضمان وحدة ليبيا وإلى استقرار وسلام مستدامين في البلاد، ما يضع حكومة عبدالحميد الدبيبة أمام مسؤولية الاستجابة للخطوات القادمة للوصول إلى التسوية مع ازدياد الاستياء الشعبي من الوضع السياسي المتأزم والانقسام الذي أرخى بظلاله على الوضع المعيشي والاقتصادي.

وذكر باتيلي في حسابه على منصة "إكس" أنه أجرى الأربعاء، اتصالا هاتفيا مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح في إطار المشاورات الرامية للتوصل إلى تلك التسوية. وقال "تبادلنا وجهات النظر حول الوضع الحالي للعملية السياسية، وجددت دعوتي لمجلس النواب إلى تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية".

وأضاف أنه تم الاتفاق على مواصلة المشاورات للدفع نحو تسوية سياسية تفضي إلى إجراء الانتخابات وضمان وحدة ليبيا ووصولها إلى استقرار وسلام مستدامين.

وناقش باتيلي مع المبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند وضع العملية السياسية وجهود جمع الأطراف الرئيسية في البلاد، وجدد تأكيده على الالتزام المشترك بتوحيد الجهود لحث الأطراف الليبية المعنية "على الانخراط بشكل حاسم لوضع البلاد على طريق الوحدة والاستقرار والسلام".

وكان باتيلي قد دعا في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الأطراف المؤسسية الرئيسية إلى المشاركة في اجتماع لم يُعقد بعد، للتوصل إلى تسوية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي المرتبطة بإجراء الانتخابات في البلد الغني بالنفط.

والأطراف المؤسسية هي المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر .

وفي إحاطته الشهر الماضي أمام مجلس الأمن الدولي، أكد باتيلي أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار في ليبيا هو "تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين".

من جهته، يبدي رئيس البرلمان عقيلة صالح ثقته في الحكومة المكلفة من المجلس برئاسة أسامة حماد لإجراء الانتخابات. وشدد صالح خلال لقائه نائب رئيس الحكومة عن المنطقة الشرقية علي القطراني، على ضرورة توفير احتياجات المواطن المتمثلة في الغذاء والدواء والكهرباء.

واثنى رئيس على جهود الحكومة المكلفة من مجلس النواب في إنجاز عدد من المشاريع وتوفير جميع الاحتياجات في معظم المدن الليبية، وتحقيق آمال الليبيين وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وشفافة في أقرب الآجال.

في المقابل، يواجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، أسوأ فترة في حكمه منذ تعيينه، بعد ارتفاع واتساع الأصوات المطالبة بتشكيل حكومة جديدة موحدة في ليبيا لتغيير الوضع الراهن، مدفوعة بتدهور الحالة المالية والمعيشية والأمنية للبلاد.

وقد أبدت واشنطن انفتاحا على تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، حيث أكد المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند خلال اجتماعه مع الدبيبة، مساء الثلاثاء، أهمية تشكيل حكومة تصريف أعمال بمشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات.

والشهر الماضي، هدد مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على كل مَن يعرقل إجراء انتخابات طال انتظارها في ليبيا، مطالبا جميع الأطراف بالمشاركة في المسار السياسي دون شروط، وهو ما يحشر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الذي كان يطمح إلى التمديد له في الزاوية.

وقال أعضاء المجلس (15 دولة) في بيان، إن "الأفراد أو الكيانات مِمَن يهددون السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو يعيقون أو يقوضون استكمال عملية الانتقال السياسي بنجاح عبر عرقلة الانتخابات أو تقويضها، قد يتم إدراجهم على قوائم عقوبات مجلس الأمن".

وأكدوا "التزامهم القوي بعملية سياسية شاملة يقودها ويمتلكها الليبيون، وتيسرها الأمم المتحدة، وتبني على القوانين الانتخابية المحدثة التي وافقت عليها لجنة 6+6".

وكان مجلس النواب الليبي قد أعلن في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي موافقته على إصدار قوانين الانتخابات التي أقرتها لجنة "6+6" المشتركة مع المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) ليتم بموجبها انتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة (البرلمان)، على الرغم من أن بنودا في القوانين الانتخابية تواجه معارضة من أطراف ليبية.

وألقى أعضاء مجلس الأمن بثقلهم خلف جهود باتيلي في تعزيز العملية السياسية الشاملة حيث شددوا "دعمهم لجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا للاجتماع مع المؤسسات الليبية المعنية لدعم التقدم نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن".

ودعوا "جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين إلى المشاركة الكاملة مع باتيلي بحسن نية ودون شروط مسبقة، وتقديم التنازلات اللازمة لدفع البلاد إلى الأمام نحو الانتخابات".

وفي محاولة لإظهار نفسه على أنه ليس من معرقلي الانتخابات سارع الدبيبة بالترحيب ببيان مجلس الأمن، مجددا دعوة جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار لتدشين مرحلة الاستقرار الدائم.

وقال الدبيبة عبر حسابه على منصة إكس "أرحّب بما جاء في بيان أعضاء مجلس الأمن بشأن ليبيا اليوم، من دعوتهم إلى ضرورة إجراء الانتخابات العامة في أقرب وقت ممكن".

وأضاف أن موقف مجلس الأمن المعلن في البيان الأخير هو ما دعا "إليه مرارا وتكرارا لاتفاقه مع رؤيتنا للحل السياسي في ليبيا القائمة على طي المراحل الانتقالية الطويلة، التي عانتها بلادنا وشعبنا، عبر عملية انتخابية نزيهة وشفافة تقوم على أسس دستورية وقانونية عادلة".

وأكد أن ذلك هو ما دعاه أيضا "إلى قبول دعوة المبعوث الخاص إلى ليبيا لطاولة الحوار الخماسي وسرعة الاستجابة لها"، منتهزا "مناسبة إصدار هذا البيان، لنجدد دعوة جميع الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار لتدشين مرحلة الاستقرار الدائم التي يستحقها شعبنا".