باحثان يوصيان بتفعيل دور الرقابة على صورة السجون في الدراما

كتاب "السجون والدراما.. المؤسسات العقابية فى الدراما" يتطرق إلى الصورة الإعلامية التي تعرضها الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية المصرية.
كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تعمل على تحسين صورتها لعملائها والمجتمع ككل، ومن ضمنها المؤسسات العقابية
دور المؤسسات العقابية والإصلاحية يعد من الأدوار الخطيرة التي تعمل على تقويم المجرم وتنفيذ العقوبة لما ارتكبه من فعل مخالف للقوانين
الدراما كفن يحتل نسبة مشاهدة عالية عند الجمهور المصري وخاصة الفئات العمرية الصغيرة

للدراما المصرية دور كبير في تشكيل، وتقديم الصور الذهنية والإعلامية عن المؤسسات والهيئات المختلفة ونزلائها وهيكل العاملين بها وإداراتها، ومنها بطبيعة الحال المؤسسات العقابية التي من أشهرها السجون، هذه الصور الإعلامية التي تقدم إلى ملايين المصريين، بل والعرب لتشكل وجدانهم ومفاهيمهم، بل وتشكل صوراً ذهنية لبعض المؤسسات التي قد لا يكونوا قد تعاملوا معها، وبالتالي لم يفهموا دور هذه المؤسسات في المجتمع؛ ولما في ذلك من خطورة على هذه المؤسسات العقابية في القيام بدورها في المجتمع، ذلك الدور المتمثل في تأهيل وإصلاح المجرمين، وإعادة دمجهم في المجتمع.
وهذا الكتاب "السجون والدراما.. المؤسسات العقابية فى الدراما" للباحثين د.أشرف رجب الريدي، وسارة مختار جمال، يتطرق إلى الصورة الإعلامية التي تعرضها الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية المصرية لتلك المؤسسات العقابية ونزلائها من السجناء وإداراتها والعاملين بها والسجون نفسها من خصائص واشتراطات لا بد أن تتوفر فيها وعلاقتها بالصورة الذهنية عن تلك المؤسسات وعناصرها لدى الطلاب في المرحلة الثانوية سواء كانت ثانوية عامة أو ثانوية فنية.
وقد لفت الباحثان في كتابهما الصادر عن دار العربي إلى أن كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تعمل على تحسين صورتها لعملائها والمجتمع ككل، ومن ضمن هذه المؤسسات التي لها دور بالغ الأهمية في المجتمع بصفة عامة المؤسسات العقابية والتي يطلق عليها أيضا المؤسسات الإصلاحية "ومنها السجون" حيث يعد دور هذه المؤسسات من الأدوار الخطيرة التي تعمل على تقويم المجرم وتنفيذ العقوبة لما ارتكبه من فعل مخالف للقوانين.
وقالا إنه في ظل دور الدراما كفن يحتل نسبة مشاهدة عالية عند الجمهور المصري وخاصة الفئات العمرية الصغيرة التي تتراوح أعمارها من (12- 45) عاما، والتي من ضمنها طلاب المرحلة الثانوية بشقيها الثانوي العام والفني. وفي إطار محاولة المجتمع تعديل سلوك الأفراد والحفاظ عليهم من الوقوع في براثن الجريمة تعمل الدراما على عرض بعض المؤسسات التي تواجه السلوك المنحرف والسلوك المخالف وتقومه وهي المؤسسات العقابية والتي يتم تناولها بصورة كبيرة على مستوى أنواع الدراما المصرية المختلفة سواء كانت أفلاما سينمائية أو مسلسلات تليفزيونية. 

Correctional Institution
تفعيل دور الرقابة على الإنتاج الدرامي 

ولفت المؤلفان إلى أن المسلسلات التليفزيونية تساهم في التغير الاجتماعي، وتعمل على توجيه الأنظار إليه، وذلك من خلال الإفادة منها في تهيئة الأفراد للقيام بدورهم في أحداث التغير، والنمو الثقافي حيث ما يقرب من 70% من الصورة الذهنية التي تتشكل لدى الإنسان في المجتمع الحديث مستمدة من وسائل الإعلام الجماهيرية. والمسلسلات التليفزيونية تُصور في كل مشكلة مجتمعية لونًا من ألوان الصراع. وتجذب جمهوراً كبيراً؛ ذلك أنها عندما تُقدم في وسائل الاتصال المختلفة تعرض قصة مشوقة وأحداثًا جذابة، كما تقدم شخصيات قد يتعاطف معها الجمهور، أو يحبها، أو يتوحد معها، أو ينفر منها، وللدراما أثر كبير في المساعدة في تحقيق نهضة المجتمعات، والتنمية الشاملة التي تنشدها كل الدول إذا أحسن تقديمها.
وأكدا على أن الجمهور يتعرض لسيل جارف من الأفلام والمسلسلات في وسائل الاتصال المختلفة لتحل هذه الوسائل محل الخبرات، حيث تعد الأعمال الدرامية من أكثر المواد التي تستميل جمهورًا هائلاً، فالأفراد قد ينهمكون في مشاهدة الأفلام أو المسلسلات ويتوحدون مع الأبطال، ويعيشون أحلامهم، وآلامهم، وقد ينسون الواقع الذي يعيشون فيه. وباعتبار أن مرحلة المراهقة من المراحل المهمة والصعبة في حياة الإنسان حيث يقضي المراهقون وقتا طويلا للتفكير في مستقبلهم في هذه الفترة الانتقالية بعد التخلص من الطفولة، ويحاولون تعلم الأدوار التي سيقومون بها كناضجين، ليصبح هؤلاء المراهقون من أكثر الفئات عرضة لتأثرات وسائل الاتصال، وخصوصًا الأفلام السينمائية باعتبار أن هذه الفترة تعد حاسمة في تطوير الهوية الشخصية والذاتية لهم. ويبين البعض أن الأعمال الدرامية من أهم ما يُقدم في التليفزيون، حيث تلجأ إلى حيل عديدة لجذب الجمهور، إلا أنها قد تتناقض مع القيم وأخلاقيات المجتمع وسلوكياته المألوفة؛ ومن هنا كان التأثير الكبير لهما في عملية التغير الاجتماعي؛ ما تسبب فيما يسمى بالتسيب وعدم الانضباط، وظهور أنواع عديدة من الجرائم، وشيوع التفكك الاسري، وتدهور نمط الحياة في القرية والمدينة. 
وأوضح المؤلفان أن الأفلام السينمائية تؤثر في نشأة السلوك الانحرافي لدى الشباب من خلال عدة طرق، حيث إن الأفلام السينمائية تعد وسيلة شيقة ومثيرة للتسلية، قد تدفع الشباب إلى السرقة إذا لم يكن ميسراً له مشاهدة الأفلام في دور السينما، ويظهر الانحراف عندما يحاول الشباب محاكاة الأبطال، وتقليد ما يرونه على الشاشة، كما قد تؤدي الأفلام إلى انحراف القيم الأخلاقية بما تحويه من مشاهد الخلاعة والانحراف، وقد تثير الأفلام السينمائية النزعات الجنسية في أحطِّ صورها، بالإضافة إلى أن عرض أفلام الجريمة يضعف الوازع الاجتماعي والديني؛ ما يؤدي إلى إدراك الشباب لطرق أخري للكسب غير المشروع.
وأشار المؤلفان إلى أنه بالرغم من أن هناك القليل من الأدب الأكاديمي حاول استكشاف أفلام السجون، فإن استخدام المعرفة التي يحصل عليها الجمهور من وسائل الإعلام لبناء صورة للعالم، وصورة للواقع الذي يستندون فيه إلى أفعالهم. هذه العملية، لها أهمية خاصة في مجال والجريمة، والعدالة، ووسائل الإعلام. ولا تزال هناك شكوك حول قدرة وسائل الإعلام على تصوير السجون بشكل مناسب وغالبا ما يركز محتوى قصص السجون على أحداث استثنائية مثل أعمال الشغب، والهروب، والإفراج عن السجناء الخطرين. لذا كان لزامًا التعرف على ما الفرق بين الصورة الذهنية والإعلامية كمفهوم وإطار لتشكيل الواقع الاجتماعي والصورة الذهنية عن المؤسسات العقابية والتي تمثلها السجون في هذه الدراسة، ونظرية الغرس الثقافي والتي تعد أحد النظريات التي تناولت تكوين وتشكيل الصورة من خلال وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التليفزيون.
جاء الكتاب في أربعة فصول الأول منها أوضح مفهوم وأهمية المؤسسات العقابية (السجون) وعرض لأنواع هذه المؤسسات، وأمثلتها في مصر، ونظم إدارة المؤسسات العقابية، والسجون في اللغة ومعانيها المختلفة، وفي الشرع الإسلامي الحنيف، كما تطرق إلى الاشتراطات الواجب توافرها في المؤسسات العقابية، وحقوق نزلائها من السجناء وواجباتهم، وغيرها من الالتزامات التي تسعى هذه المؤسسات إلى تحقيقها، مختتمة الفصل بعرض لما تناولته بعض الكتابات عن السجون والإعلام. 
والفصل الثاني تطرق إلى عرض الصورة الإعلامية والصورة الذهنية من حيث المفهوم، والفرق بينهما، وعلاقة كلا منهما بالآخر، وكيفية تشكيل الصورة الذهنية، وأهمية تشكيل الصور في المؤسسات، وعلاقة الإعلام بتشكيل وتعديل الصورة الذهنية، وتقديم صورة إعلامية عن بعض المؤسسات الإعلامية، ثم التطرق إلى نظرية الغرس الثقافي، وما لها من علاقة بتكوين الصورة الذهنية لدى الجمهور.

المؤسسة الإصلاحية
سجن النسا

أما الفصل الثالث فقد تناول الإجراءات المنهجية لدراسات الحالة والأدبيات والدراسات السابقة حيث تم إجراء دراسة حالة على الأفلام السينمائية في فترة زمنية محددة، ودراسة حالة أخرى على مسلسل "سجن النسا" ودراسة حالة ميدانية على طلاب المرحلة الثانوية وصورتهم الذهنية نحو المؤسسات العقابية في ضوء تعرضهم للدراما المصرية. 
وأفرد الفصل الرابع لعرض صورة المؤسسات العقابية في الدراما ولدى الشباب والمراهقين في ضوء نتائج دراسات الحالة، والتوصل إلى الاستنتاجات والتوصيات المقترحة لهذه الدراسة في ضوء نتائجها. 
وقد توصل الباحثان إلى عدد من النتائج منها: 
أولا: يجب تفعيل دور الرقابة على الإنتاج الدرامي سواء في المسلسلات التليفزيونية أو الأفلام السينمائية من حيث ضرورة إظهار الدور الحقيقي لمؤسسات الدولة خاصة المؤسسات العقابية والتي هدفها الأساسي هو إصلاح المجرم، وليس إيقاع الضرر به. 
ثانيا: تحقيق التعاون بين المؤسسات الحكومية باختلاف طبقاتها، ومنها بطبيعة الحال المؤسسات العقابية، والجهات المنتجة للأعمال الدرامية وأجهزة الإعلام في الدولة للعمل على توصيل الرسالة المتعلقة بدور هذه المؤسسات بشكل سليم. وأن تقوم المؤسسات العقابية بنشر أنشطتها الإصلاحية من خلال نفس الشاشات التي تعرض عيوبها وشرورها وأن توصل رسالتها إلى المشاهد المصري كي يعرف طبيعة عملها.
ثالثا: أن تقوم المؤسسات العقابية بتفعيل مكتب للعلاقات عامة إن وجد أو استحداثه وذلك لتحقيق التواصل بالمجتمع المحيط لتكوين صورة إيجابية عن دور هذه المؤسسات الإصلاحي في المجتمع ما يبين قيمتها ودورها المهم.
رابعا: دراسة الاتجاه نحو حق استخدام نزلاء المؤسسات العقابية لوسائل الإعلام الجديد لدى قادة الرأي، بين المحظورات والحق في المعلومات.
خامسا: دراسة صورة المؤسسات الأخرى في الدراما المصرية كصورة مؤسسات التعليم العام والفني في الدراما المصرية وعلاقتها بطبيعة العلاقة بين المعلمين والطلاب في المدارس.