باريس تحاكم مقاتلا سابقا في 'جيش الإسلام' بتهمة ارتكاب جرائم حرب
باريس - بدأت اليوم الثلاثاء في باريس محاكمة السوري مجدي نعمة المقاتل السابق في صفوف "جيش الإسلام" بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في سوريا، بموجب الولاية القضائية العالمية للمحاكم الفرنسية.
ويدحض نعمة البالغ من العمر 36 عاما التهم الموجّهة إليه، مشدّدا على "الدور المحدود" الذي اضطلع به في إطار هذه الجماعة التي حاربت النظام السوري وكانت تدعو إلى تطبيق متشدد للشريعة الإسلامية.
ويقبع في الحبس الاحتياطي منذ أوائل العام 2020، فيما يشتبه خصوصا في أنه ساعد على تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف "أشبال الإسلام" وتدريبهم على العمل المسلح ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن 20 عاما.
وقبل افتتاح المحاكمة حتى، حصل تبادل ساده التوتر بين وكيلي الدفاع عن نعمة، رومان رويز ورافاييل كمبف، ورئيس محكمة الجنايات جان - مارك لافيرن الذي رفض أن يتكلّم المتّهم بالإنكليزية، طالبا أن يستخدم لغته الأم العربية.
وقد تجاهل مجدي نعمة هذه التوجيهات وعندما طُلب منه التعريف عن نفسه، ردّ بالإنكليزية، قائلا "لا أدلّة إطلاقا على الأفعال المنسوبة لي"، مؤكّدا أن هذه القضية "سياسية بحت".
وهذه ثاني محاكمة تقام في فرنسا على خلفية جرائم مرتكبة في سوريا، بعد محاكمة أولى جرت في مايو/أيار 2024 في غياب المتّهمين وهم مسؤولون رفيعو المستوى في النظام السوري أدينوا بتهمة ضلوعهم في الاختفاء القسري لفرنسيين من أصل سوري ومقتلهما.
أما مجدي نعمة، فهو انشقّ عن الجيش السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لينضم إلى زهران علوش مؤسس وقائد "لواء الإسلام" الذي أصبح "جيش الإسلام" عام 2013. وسيطرت هذه الجماعة على الغوطة الشرقية شمال شرق دمشق في العام 2011 ويشتبه في ارتكابها جرائم حرب خصوصا في حقّ المدنيين.
وكان المتهم القريب من زعيم الجماعة اتخذ من إسلام علوش اسما حركيا وأكد للمحققين أنه غادر الغوطة الشرقية نهاية مايو/أيار 2013 إلى تركيا حيث كان المتحدث باسم "جيش الإسلام"، مما يثبت أنه لم يكن بإمكانه ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. ويزعم أنه ترك الجماعة عام 2016.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وصل إلى فرنسا كطالب لمتابعة دراسته في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس مرسيليا (جنوب شرق).
وأوقف مجدي نعمة بعد بضعة أشهر من تقديم شكوى في فرنسا ضدّ "جيش الإسلام" ووجه إليه قاضٍ من قسم الجرائم ضدّ الإنسانية في محكمة باريس الاتهام.
وأحيل لاحقا على محكمة الجنايات بتهمة التواطؤ في حالات الاختفاء القسري. واتهم كعضو في "جيش الإسلام" بخطف أربعة نشطاء في مجال حقوق الإنسان في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2013 بينهم المحامية والصحافية السورية رزان زيتونة. ولم يعثر على هؤلاء إلى اليوم.
لكن محكمة استئناف باريس ألغت هذه الملاحقات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لأسباب إجرائية، رغم أنها أكدت في حكمها أنه "يجب اعتبار جيش الإسلام مسؤولا عن اختفاء" الناشطين الأربعة. ثم ثبّتت محكمة التمييز، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، هذا الحكم.
وكان فريق الدفاع عن مجدي نعمة قد طعن خلال التحقيق في مبدأ الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي الذي يسمح له بمحاكمة أجنبي بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب في الخارج ضدّ أجانب، لكن محكمة التمييز ردت الطعن.
وقبل انطلاق المحاكمة، أشار وكيلا الدفاع عن نعمة إلى أن سقوط بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 يفتح آفاقا جديدة ويثير "مسألة شرعية" هذه المحاكمة.
وقال مارك بايي، المحامي المكلّف بالدفاع عن عدّة أطراف مدنية في هذا القضية، "في الوضع الحالي من المستحيل إجراء محاكمة على خلفية هذه الجرائم في سوريا". ومن المتوقع أن يصدر الحكم في 27 مايو/أيار.