باريس وواشنطن تستعينان بالرياض لحلحلة أزمة لبنان

السفيرتان الفرنسية والأميركية في بيروت تزوران السعودية لبحث أزمة لبنان وتنسيق الجهود للضغط على السياسيين لإنهاء الجمود السياسي وتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات يطالب بها المانحون شرطا للإفراج عن قروض بمليارات الدولارات.  
فرنسا وأميركا تدفعان لعودة السعودية للساحة اللبنانية
تراجع دور السعودية في لبنان ناجم عن مصادرة حزب الله لقرار الدولة اللبنانية

بيروت - تزور سفيرتا فرنسا والولايات المتحدة في بيروت الخميس العاصمة السعودية الرياض، في خطوة غير مألوفة، للبحث في سبل الضغط على السياسيين اللبنانيين من أجل تسريع تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات ضرورية، وفق ما أعلنت السفارة الفرنسية الأربعاء.

ورغم ضغوط دولية تقودها فرنسا بشكل أساسي، يغرق المسؤولون اللبنانيون في خلافات سياسية حادة حالت دون تشكيل حكومة خلفا لحكومة حسان دياب التي استقالت بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت، فيما يشترط المجتمع الدولي تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي الضروري لإخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي.

وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان أن السفيرة آن غريو ونظيرتها الأميركية دوروثي شيا ستتوجهان الخميس إلى السعودية للقاء عدد من المسؤولين السعوديين. وستؤكد غريو خلال اللقاءات أنه "من الملحّ أن يشكلّ المسؤولون اللبنانيون حكومة فعالة وذات مصداقية تعمل بهدف تحقيق الإصلاحات الضرورية لمصلحة لبنان"، بحسب البيان.

كما ستعرب السفيرتان عن رغبة بلادهما في "العمل مع شركائهما الإقليميين والدوليين للضغط على المسؤولين عن التعطيل".

وتأتي الزيارة، استكمالا للقاء عقد في نهاية يونيو/حزيران بين وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة والسعودية على هامش قمة مجموعة العشرين في إيطاليا، بحثت الأزمة اللبنانية. وحضّ المجتمعون حينها المسؤولين اللبنانيين على التعاون في ما بينهم لمعالجة الأزمات.

وتشوب العلاقات السعودية اللبنانية منذ بضع سنوات توترات دبلوماسية كبرى على خلفية اتهام الرياض للمسؤولين اللبنانيين بتسليم إدارة البلد إلى حزب الله، المدعوم من إيران، خصمها الإقليمي اللدود.

وقال مصدر دبلوماسي عربي في بيروت إن "السعودية لم تبد حتى الآن رغبة بالانخراط في التفاصيل" بعدما شكلت لسنوات حليفا لزعيم تيار المستقبل سعد الحريري.

وتُنسق باريس وواشنطن منذ فترة جهودهما للضغط على المسؤولين اللبنانين. وأعلن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون نهاية الشهر الماضي أن البلدين يفكران في كل الخيارات ضد المسؤولين السياسيين بما يشمل فرض "عقوبات" على من يعرقلون تشكيل الحكومة.

وفرضت فرنسا التي زار مسؤولون منها لبنان عدة مرات منذ الانفجار، قيودا على دخول شخصيات لبنانية تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية والفساد، كما لوح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مسؤولين عن الجمود السياسي.

وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهرا طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص، لكن الانهيار الاقتصادي الذي فاقمه انفجار المرفأ وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمرا ملحا.

وتعمق الأزمة الاقتصادية المتمادية معاناة اللبنانيين الذين باتوا يئنون تحت وطأة تراجع استثنائي لقدراتهم الشرائية، فيما خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار.

وعلى وقع التدهور المتسارع، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الثلاثاء المجتمع الدولي إلى عدم ربط دعمه للبنان بتشكيل حكومة جديدة. وقال خلال لقائه عدد من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية "أدعوكم إلى أن تساعدوننا في نقل رسالتنا إلى دولكم ومؤسساتكم: أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان".

ويصل السفير الفرنسي المكلف بتنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان الأربعاء إلى بيروت في زيارة تستمر حتى الثلاثاء المقبل، لمتابعة ملف المساعدات الإنسانية التي تقدمها فرنسا إلى اللبنانيين، والتحضير لمؤتمر دعم ثالث للشعب اللبناني.

ونظمت فرنسا والأمم المتحدة خلال عام مؤتمرين دوليين بعد انفجار المرفأ، قدّما إثره مساعدات إنسانية عاجلة للبنانيين من دون المرور بالمؤسسات الرسمية اللبنانية.