'بايبي' فيلة متقاعدة تخلق حركية ونشاطا في حديقة تونسية

حديقة 'البلفيدير' للحيوانات تمثل ملاذا للكبار والصغار هربا من روتين وضغوط الحياة.
الفيلة تنتقل من عروض السرك والسينما لحياة صاخبة في تونس

تونس - بعد مرور عشرين سنة افتقدت فيها حديقة "البلفيدير" في تونس للفيلة، قدمت "بايبي" من فرنسا، لتواصل حياتها في "رئة" العاصمة التي تعد ملاذ الجميع كبارا وصغارا.

مبادرة جلب الفيلة إلى "البلفيدير" أتت من المواطن التونسي محمد عطية (40 عاما) المختص في ترويض الحيوانات وتدريبها في فرنسا، للمشاركة في الأفلام السينمائية والمسلسلات.

الأمر بدأ بصدفة حين تلقى عطية اتصالا هاتفيا من صديقه الفرنسي بينوا موتا صاحب الفيلة "بايبي" الذي عمل معه في مجال ترويض الحيوانات المخصصة للمشاركة في الأفلام بالخارج.

وعبر موتا لصديقه التونسي عن نيته في نقل الفيلة إلى ألمانيا بعد سن قانون فرنسي يمنع الاحتفاظ بعدد من الحيوانات بينهم الفيَلة، إضافة إلى أن جمعيات الرفق بالحيوانات كانت تضغط أيضا في هذا الاتجاه.

وحاول عطية إقناع صديقه بأن تكون وجهة الفيلة "بايبي" إلى تونس، وبعد نقاشات بينهما اقتنع موتا الفرنسي ووافق على تقديمها هدية لتونس.

الفيلة "بايبي" التي حلت على حديقة الحيوانات التونسية، تبلغ من العمر 38 عاما، وهي أصيلة جنوب أفريقيا كبرت وترعرعت في إحدى المحميات الفرنسية وعملت في السينما وفي عروض السرك.

ولم يكن مسار جلب الفيلة يسيرا أمام محمد عطية، فقد تطلب الموضوع أشهرا، مرورا بعدة إدارات لإعداد الوثائق اللازمة.

ويقول محمد عطية في هذا الخصوص إن جلب الفيلة بايبي إلى "البلفيدير استغرق ثلاثة أشهر.. وأنا أعتبر ما قمت به فخرا لتونس وفخرا لي كمواطن عادي، مضيفا "لم يكن لدي أي هدف أو غاية أخرى غير إثراء هذه الحديقة التي تحمل رمزية تاريخية كبيرة في قلوب التونسيين، والتّي تعد ملاذ العائلات بسيطة الدخل يرتادونها بسعر زهيد".

وأكد عطية تحمله أتعاب نقل بايبي بمفرده، وأن هدفه الوحيد خدمة بلاده وتقديم هبة للحديقة التي تأسست منذ سنة 1963.

"إدارة الحديقة لم تتعامل مع الموضوع بجدية في البداية، لكنهم سرعان ما أعجبوا بالفكرة خاصة وأن الحديقة كانت تفتقر لأصناف عديدة من الحيوانات من بينها الفيل فآخرها توفيت منذ 20 سنة وكانت تدعى بامبي"، وفق عطية.

وتطرق عطية إلى بعض الصعوبات التي تعرض لها خلال عملية جلب الفيلة "بايبي"، إذ تطلب الأمر القيام بتحاليل إضافة إلى إعداد الشهادات الصحية والبيطرية وإثبات عدم حمل الفيلة لأية أمراض معدية.

وعادة ما يخضع الفيل إلى عمليات مراقبة كل ستة أشهر، يتم خلالها أخذ عينات دم وتحليلها لأنه من الحيوانات المعرضة لأمراض منقولة مثل الأبقار تماما، بحسب عطية.

وأضاف "جلب مثل هذه الحيوانات الضخمة يتطلب إذنا من قبل الدولة المضيّفة (تونس) يمكنها من كسب هذا الحيوان، فضلا عن التأكد من أنه لم يخضع لعملية بيع وشراء، متابعا أن معدل عمر الفيل الأفريقي يتراوح بين 60 و70 سنة وقد يتجاوزها إذا وجد الرعاية والعناية اللازمة.

قدوم الفيلة "بايبي" لحديقة الحيوانات التونسية أحدث حركية وخلق نشاطا طالما عرفت به منذ عقود وكاد يمحى مع مرور الزمن بسبب فقدانها لبعض أنواع الحيوانات، ففي مدخل الحديقة تجد الباعة المتجولين وأصحاب المهن الصغرى، ممن يقتاتون ببيع لعبة أو بعض الحلوى أو بالونات لأطفال جاؤوا خصيصا لرؤية الفيلة "بايبي".

وعادة ما يصطحب التونسيون أطفالهم إلى حديقة "البلفيدير" أملا في اقتناص لحظات هادئة بعيدا عن روتين الحياة اليومي، ونسج ذكريات تبقى إرثا لهم ولأولادهم بقية حياتهم.

ولعطية مبادرات قادمة، إذ سيتم العمل على مزيد إثراء الحديقة وجلب حيوانات أخرى على غرار الزرافات والكنغر وفقمة الماء وسيتم العمل لاحقا على عدم وضع الحيوانات داخل قضبان.

وقالت مريم الدخيلي الطبيبة البيطرية ومديرة حديقة الحيوانات إنهم تفاعلوا إيجابيا مع فكرة جلب الفيلة إلى الحديقة التي كانت تفتقر لهذا الحيوان على مدى 20 سنة، خاصة وأنه كان لديهم مساع لاقتناء فيلين صغيرين، إلا أن سعرهما بلغ 300 ألف يورو.

وتابعت "الفيلة بايبي وصلت إلى تونس في وقت قياسي وأتممنا كامل الإجراءات الضرورية والقانونية خاصة منها المتعلقة بقانون واشنطن المتعلق بالرفق بالحيوان وحمايته من التعذيب وغيرها من أعمال العنف التي قد يتعرض لها".

وبحسب الدخيلي، فإنه تم تخصيص "مساحة تمتد على 3 آلاف متر مربع لبايبي بها بيت كبير ومسبح خاص بها".

وتعتبر المسؤولة أن جلب الفيلة سيضيف الكثير للحديقة التي كانت ثرية بأصناف متعددة من الحيوانات والتي تبقى المتنفس الوحيد للمواطنين في العاصمة تونس.

وتعد أسعار الدخول إلى حديقة الحيوانات في متناول الجميع فبإمكان الكبار القيام بجولة فيها بـ1.5 دينارا (0.4 دولار)، فيما يرتادها الصغار بـ1.1 د (0.3 دولار)، فالهدف منها ليس ربحي وإنما إدخال البهجة على قلوب العائلات وخاصة الأطفال، وفقا لمديرة حديقة الحيوانات.

و"البلفيدير" هي حديقة عمومية تقع وسط مدينة تونس، تبلغ مساحتها حوالي 12 هكتارا وتأسست في 1963، توجد بها أنواع عديدة من الأشجار من صنوبر ونخيل وزيتون وغيرها، إلى جانب مجموعات هامة من الحيوانات والطيور من مختلف قارات العالم.

ويقصدها الزّوار من مختلف المناطق ويعتبرونها من أفضل الوجهات الترفيهية لأطفال العاصمة للترويح عن النّفس، فهي باتت مُتنفسا لسكان العاصمة هربا من نسق حياة سريع، ومشاكل سياسية واجتماعية لا تُعد أو تنتهي.