بايدن أمام اختبار تفكيك ألغام اتفاق الدوحة

الانسحاب الأميركي من أفغانستان وفق اتفاق أبرمته واشنطن في فبراير مع طالبان، سيترك الحكومة الأفغانية الضعيفة في مواجهة خصم شرس والابقاء عليها سيعرضها لهجمات دموية بينما تريد إنهاء أطول صراع في تاريخها.
مسؤول أميركي: بايدن يواجه معضلات جدية في أفغانستان
طالبان مستعدة لحمام دم في سبيل العودة للسلطة
طالبان تمد يدها للسلام وتبقي يدها على الزناد

كابول - غادر الرئيس الجمهوري دونالد ترامب قبل أقل من شهر البيت الأبيض تاركا لخليفته الديمقراطي جو بايدن ألغام سياسية وأمنية في أفغانستان بحيث وجد نفسه عالقا بين أمرين: الانسحاب العسكري في الموعد المحدد وفق اتفاق أبرمته الإدارة الأميركية السابقة مع طالبان في فبراير/شباط 2020 في الدوحة وفي هذه الحالة ستجد الحكومة الأفغانية الضعيفة نفسها تحت رحمة خصم مستعد لحمام دم في سبيل العودة للسلطة وفي حال قرر بايدن الإبقاء على قواته فعليه الاستعداد لفاتورة ثقيلة، حيث ستعود الحركة المتشددة إلى شن هجمات دموية على القوات الأميركية..

أعلن مسؤول أميركي كبير أن بايدن يواجه بالفعل "معضلات جدية" في أفغانستان، حيث يقترب موعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية في حين لا تبدو طالبان مستعدة لنبذ العنف.

وطلبت الإدارة الأميركية مراجعة الاتفاق الموقع مع طالبان في الدوحة في فبراير/شباط 2020 وينص على الانسحاب التام للقوات الأميركية بحلول الأول من مايو/أيار لقاء ضمانات أمنية من قبل المتمردين وتعهدهم التفاوض بشأن اتفاق سلام مع الحكومة الأفغانية.

ومفاوضات السلام التي انطلقت في الدوحة في سبتمبر/أيلول من العام الماضي تتقدم ببطء وفي أفغانستان لا يمر يوم دون أن تنفجر قنبلة وتشن هجمات على القوات الحكومية أو تنفذ محاولة لاغتيال شخصيات من المجتمع المدني.

وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية هذا الأسبوع في كابول طالبا عدم كشف اسمه "يبقى مستوى العنف مرتفعا جدا وهذا أمر مخيب ومقلق للغاية"، مضيفا "هذا يضر بلا شك بأجواء أي اتفاق لتسوية النزاع الأفغاني".

وتنفي طالبان مسؤوليتها عن الاعتداءات المحددة الأهداف وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية معظمها، لكن واشنطن مدركة تماما من يقف وراء هذه الاعتداءات.

وقال المسؤول "من وجهة نظرنا طالبان مسؤولة عن غالبية الاغتيالات المحددة"، مضيفا "هذا يرمي بوضوح إلى إحباط معنويات المواطنين وإلى زيادة شكوك الناس حول حكومتهم وتعزيز فكرة أن انتصار طالبان أمر لا مفر منه".

وفي نظر إدارة بايدن التي تبقى مصممة على تطبيق اتفاق الدوحة، باتت تواجه "معضلات جدية". وبعد توقيع هذا الاتفاق واصل المتمردون مهاجمة القوات الأميركية التي لم تخسر أي جندي في المعركة منذ عام.

وتفاوض الحركة المتشددة من موقع قوة ولم توقف هجماتها حتى في خضم المحادثات مع الحكومة الأفغانية التي اتهمتها مرارا بالمسؤولية عن هجمات دموية قتل فيها عشرات من قوات الأمن والجيش.

وأظهرت طالبان قدرة عالية على المناورة سياسيا وعسكريا فلم ترفض السلام لكنها أبقت الأيادي على الزناد.

ولم تعلن إدارة بايدن عن إستراتيجية واضحة حتى الآن في أفغانستان ويبدو هذا أمرا طبيعيا حيث تتحرك في حقل ألغام يتطلب منها حذرا شديدا والعمل على تفكيك الفخاخ التي خلفها ترامب الذي غادر وكان يراهن على الفوز بولاية رئاسية ثانية تتيح له تنفيذ برنامجه القائم على التخلي عن حروب لا طائلة منها وإعادة القوات الأميركية من بؤر التوتر وتقليص عديدها في أوروبا إضافة إلى معركة سابقة خاضها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتقليص النفقات الأميركية ومطالبة الأعضاء الأوروبيين بزيادة مخصصاتهم المالية، مخلفا بذلك شرخا عميقا بين ضفتي الأطلسي.

وأثر هذا الشرخ وقرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان على إستراتيجية وتحرك حلف الناتو بينما يعمل الرئيس الجديدة على ترميم التصدعات في تلك العلاقات.