بايدن يتعرض لانتقادات شديدة بسبب "زلة لسان" عن بوتين

تصريح الرئيس الأميركي في ختام زيارة لوارسو قال فيه إن بوتين لا يجب أن يبقى في السلطة يثير انتقادات حادة في الولايات المتحدة ويصدم الحلفاء.
زلة لسان بايدن عن بوتين تربك جهود واشنطن وتفاجئ الحلفاء
إدارة بايدن تسارع لاحتواء ارتدادات تصريحات بايدن عن بوتين
الإدارة الأميركية تنفي أن تكون لديها نية تغيير النظام في روسيا  

واشنطن - ترددت في أنحاء العالم أصداء تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال فيه إن نظيره الروسي فلاديمير بوتين "لا يمكنه البقاء في السلطة"، ما دفع إدارته للإسراع إلى توضيحه وتجنب إرباك جهود واشنطن لحشد جبهة موحدة بشأن النزاع في أوكرانيا، نافية أن يكون لديها سياسة لتغيير النظام في روسيا.

وجاء تصريح بايدن في كلمة ألقاها في وارسو بختام جولة دبلوماسية أوروبية استمرت ثلاثة أيام، وصفه سناتور جمهوري بأنه "زلة لسان مروعة"، فيما اعتبر محلل أميركي بارز أنه قد يؤدي إلى إطالة أمد الحرب.

وجاء التصريح في ختام خطاب حازم السبت أنهى به بايدن جولة في أوروبا هدفت إلى رصّ الصفوف في مواجهة الغزو الروسي.

كلماته المرتجلة "بحق الله، لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السلطة"، فاجأت حتى مستشاريه لجنوحها البارز عن السياسة الأميركية في التعامل مع النزاع حتى الآن.

ولم يتأخر البيت الأبيض في التدخل، موضحا بعد دقائق من انتهاء الخطاب أن بايدن لم يدع إلى "تغيير النظام" في روسيا، لكن تعليقاته التي سبقها بساعات وصفه لبوتين بأنه "جزّار"، أثارت غضبا متوقعا من موسكو، وخلّفت دهشة في الدول الحليفة، وجعلت مستشاريه في حال تأهب قصوى لتهدئة الانتقادات.

وانضم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يزور القدس، إلى المسؤولين الذي نفوا بشدة أن يكون بايدن قد دعا إلى إطاحة بوتين. وقال إن ما قصده هو أنه "لا يمكن تمكين بوتين لشن حرب أو الانخراط في عدوان على أوكرانيا أو أي جهة أخرى"، مضيفا أن اختيار من يكون رئيس روسيا "يعود للروس".

وكلفت الإدارة الأميركية أيضا سفيرتها لدى حلف الأطلسي جوليان سميث تأكيد الرسالة نفسها، فصرحت عبر العديد من شبكات التلفزيون أن "الولايات المتحدة ليس لديها سياسة لتغيير النظام في روسيا، نقطة على السطر".

وأوضحت سميث لبرنامج "حالة الاتحاد" على شبكة "سي إن إن"، أن تصريحات بايدن "رد فعل إنساني مبدئيّ بعد الروايات التي سمعها" خلال زيارة للاجئين أوكرانيين في بولندا حرّكت مشاعره.

لكن الرئيس الفرنسي الذي تحدث مرات عدة مع بوتين منذ بدء الغزو، حذّر الغرب من "تصعيد الكلام والأفعال" أو المخاطرة بإعاقة الجهود الإنسانية الحيوية بما في ذلك الآمال في إجلاء العالقين في مدينة ماريوبول المنكوبة.

وأكد السناتور الجمهوري البارز جيم ريش أن تصريحات بايدن تتعارض كليا مع جهود إدارته المستمرة حتى الآن لوقف تصعيد النزاع. وقال ريش لشبكة "سي إن إن" الأميركية "لا شيء يمكن أن يؤدي للتصعيد أكثر من الدعوة إلى تغيير النظام".

ويعرف بايدن منذ عقود بارتكابه كثيرا من زلات اللسان وقد تسابقت صحف سابقا على وضع قوائم بـ"أهم 10 زلات لسان له على الإطلاق"، واعتبر ريش الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أن الرئيس أطلق مرة أخرى النار على قدمه.

ومع تشديده على أن جو بايدن ألقى "خطابا جيدا"، لفت إلى ارتكابه "زلة لسان مروعة في نهايته"، مضيفا "أتمنى أن يلزموه بنص الخطاب المكتوب".

لكن لم ير الجميع أن التصريح يحمل تهديدا غير معلن، أو أنه حتى زلة لسان. ومن هؤلاء سفيرة أوكرانيا في الولايات المتحدة أوكسانا ماركاروفا التي قالت لبرنامج "لقاء مع الصحافة" (ميت ذي براس) على قناة "إن بي سي"الأميركية إن "أي مجرم حرب يهاجم دولة مجاورة ويرتكب كل هذه الفظائع... لا يمكنه بالتأكيد البقاء في السلطة في عالم متحضر".

واعتبر السفير الأميركي السابق لدى روسيا مايكل ماكفول عبر تويتر أن كلمات الرئيس الأميركي يجب أن تُقرأ بشكل مختلف قليلا. وقال "عبّر بايدن عما يعتقده مليارات الناس حول العالم والملايين داخل روسيا أيضا، وهو لم يقل إن على الولايات المتحدة إزاحته من السلطة، هناك فرق".

لكن العديد من الخبراء في الولايات المتحدة والخارج انتقدوا بايدن بشدة. وقدّر الدبلوماسي الأميركي ريتشارد هاس الذي يرأس منظمة "مجلس العلاقات الخارجية" أن نزيل البيت الأبيض "جعل الوضع الصعب أكثر صعوبة والوضع الخطير أكثر خطورة"، مضيفا عبر تويتر "سيرى بوتين ذلك أنه تأكيد لما كان يؤمن به طوال الوقت".

وبالقدر نفسه من الصرامة، قال الباحث في "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية" فرنسوا هايسبورغ إنه من الأفضل للقادة الأميركيين ألا "يطلقوا العنان لأفواههم".

وتقول روسيا إن لديها معلومات موثقة على أن كييف كانت تخطط لشنّ هجوم على المنطقتين الانفصاليتين في شرقها (دونيتسك ولوغانسك) وأن واشنطن تعمل مع أوكرانيا على إنشاء وتطوير مختبرات بيولوجية، مؤكدة في الوقت ذاته أن ابن بايدن متورط في هذا الأمر.

وكانت صحيفة 'ديلي ميل' البريطانية قد أعلنت أنها حصلت على وثائق تؤكد جزئيا صحة الاتهامات الروسية لهانتر بايدن نجل الرئيس الأميركي بضلوعه في تمويل المختبرات البيولوجية في أوكرانيا.

وكشف قائد قوات الحماية النووية والبيولوجية والكيميائية الروسية عن وثائق ومعلومات استخباراتية تؤكد ضلوع الوكالات الحكومية الأميركية في نشاط المختبرات البيولوجية الأوكرانية وتمويلها من قبل مؤسسات قريبة من القيادة الأميركية الحالية.

ويقول محللون إنه لولا أن لدى الكرملين مخاوف فعلية من أن أوكرانيا تتجه إلى أن تتحول خنجرا في ظهر روسيا لما غزا الروس أراضيها، مرجحين أن روسيا تسعى لتأمين محيطها من أي ولاء للغرب قد يشكل في المستقبل تهديدا لأمنها.