بدوي يدير ظهره لاحتجاجات تصرّ على رحيل بوتفليقة

رئيس الوزراء الجزائري المعيّن يبدأ مشاورات لتشكيل حكومة جديدة في تحرك يقفز على مطالب المحتجين الرافضة لتمديد الولاية الرابعة للرئيس وللمرحلة الانتقالية.

السلطة ماضية في تمديد الولاية الرابعة لبوتفليقة رغم الاحتجاجات
السلطة في الجزائر تتجاهل مطالب المحتجين
الحكومة الجديدة ستضم كفاءات وطنية بانتماء أو دون انتماء سياسي
تعهدات رجال بوتفليقة تفشل في احتواء الغضب الشعبي
عمال أكبر حقل غازي ينظمون احتجاجا ضد تمديد الولاية الرابعة لبوتفليقة

الجزائر - تجاهلت السلطة الحاكمة في الجزائر الاحتجاجات الشعبية الرافضة للإجراءات التي اتخذها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والتي شملت إرجاء الانتخابات الرئاسية بما يعني عمليا تمديد الولاية الرابعة، وصياغة دستور جديد وإقرار مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات رئاسية جديدة لا يترشح فيها بوتفليقة.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية اليوم الأحد أن رئيس الوزراء المعين حديثا نورالدين بدوي بدأ محادثات لتشكيل حكومة جديدة، في خطوة تهدف إلى إرضاء المحتجين المطالبين بتنحي الرئيس بوتفليقة ودائرته المقربة.

ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول قوله إن الحكومة الجديدة ستضم "كفاءات وطنية بانتماء أو دون انتماء سياسي وستعكس بشكل معتبر الخصوصيات الديمغرافية للمجتمع الجزائري".

ومن غير المرجح أن ينزع بدوي فتيل الغضب في الشوارع ببدء محادثات تشكيل حكومة جديدة.

ورفض الجزائريون الذين يتظاهرون منذ نحو ثلاثة أسابيع مبادرات بوتفليقة الذي تخلى عن قرار الترشح لفترة رئاسية جديدة بعد 20 عاما في السلطة.

الجزائريون لن يقبلوا بغير رحيل نظام بوتفليقة
الجزائريون لن يقبلوا بغير رحيل نظام بوتفليقة

وقال فضيل بومالا وهو أحد الأشخاص الذين اختارهم المحتجون لتزعم الضغط الشعبي على ما يصفونه بنظام استبدادي، إن الحكومة الجديدة ستسقط خلال 24 ساعة مادامت تفتقر إلى الشرعية والدعم الشعبي.

ولم يصل بوتفليقة إلى حد تنحيه عن السلطة وقال إنه سيبقى لحين صياغة دستور جديد في تمديد فعلي لولايته الحالية.

وسمع الجزائريون من قبل وعودا من بوتفليقة الذي لمّح إلى إجراء إصلاحات سياسية واسعة وخطوات لتحسين اقتصاد لم يوفر لكثير من الجزائريين فرصا تذكر على الرغم مما تملكه البلاد من ثروة من النفط والغاز الطبيعي.

وأوضح الجزائريون أنهم لن يقبلوا إلا بزعماء جدد يمكنهم تحسين أوضاع المعيشة وتوفير قدر أكبر من الحريات وإنهاء بيروقراطية على غرار النظام السوفييتي أحبطت المستثمرين.

ونظم مئات الآلاف من المتظاهرين يوم الجمعة أكبر احتجاج منذ بدء المظاهرات. وحمل البعض لافتات كتب عليها "لا لبدوي".

ونادرا ما يظهر بوتفليقة في أي مناسبة عامة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013. ويقول المحتجون إنه لم يعد مؤهلا للحكم.

وفقد بوتفليقة حلفاء في الأيام القليلة الماضية منذ عودته من رحلة علاج أبقته لأيام في سويسرا من بينهم أعضاء كبار في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم .

واتسمت الاحتجاجات بالسلمية في الغالب مع إبداء قوات الأمن ضبط النفس. ولزم الجيش ثكناته. ومن المتوقع أن يستمر الجيش في القيام بدوره المؤثر وراء الكواليس.

واليوم الأحد قال مسؤول بشركة الطاقة الحكومية الجزائرية سوناطراك إن عمالا في حقل حاسي الرمل، أكبر حقول الغاز في البلاد، نظموا احتجاجا لكن الإنتاج لم يتأثر.

وقال منير صخري مدير إدارة الاتصالات بشركة سوناطراك "الإنتاج في حاسي مسعود وحاسي الرمل لا يزال يتدفق كالمعتاد".

وأضاف أنه كانت هناك "بعض الاحتجاجات المحدودة التي لم تؤثر على نشاطنا".

وفي باريس تجمع آلاف من معارضي النظام الجزائري الأحد مجددا، مؤكدين أن تظاهرات الأحد ستتواصل حتى "يصغي النظام الجزائري للشعب".

وكتب على لافتة بألوان العلم الوطني الجزائري رفعها محتجون في ساحة الجمهورية بباريس "النصر بشكل سلمي أو السقوط بكرامة".

وقدم كثير من المحتجين مع أفراد أسرهم ملتفين بالعلم الوطني الجزائري أو ملونين جباههم بألوان العلم.

وقالت رجاء بن سعيد التي تؤمن تماما بـ"نهاية سلمية" للأزمة الجزائرية "نريد أن يرحل الجميع. الرئيس ميّت منذ زمن طويل. سنكون هنا حتى انتصار الشعب. الجمعة في الجزائر العاصمة والأحد في باريس".

لكن أحد مواطنيها الذي طلب عدم كشف هويته، لا يوافقها الرأي وقال "لن يتخلوا أبدا عن السلطة. والناس نفد صبرهم وشعروا بأن هناك دعما من العواصم الغربية باريس وواشنطن".

آلاف الجزائريين يحتجون في فرنسا رفضا لتمديد الولاية الرابعة لبوتفليقة، متهمين ماكرون بدعم انقلاب دستوري في الجزائر

وانتقدت بعض اللافتات الدعم المفترض خصوصا من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للنظام الجزائري. وكتب على بعضها "ماكرون، اهتم بشؤونك" و"لا ماكرون ولا بوتين، الشعب هو صاحب القرار".

ومع تخليه الاثنين الماضي عن الترشح لولاية خامسة، قرّر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات الرئاسية حتى الانتهاء من تنظيم "ندوة وطنية" تهدف إلى إصلاح البلد وهو ما يعني واقعيا تمديد ولايته الحالية التي كان يفترض أن تنتهي في 28 ابريل/نيسان المقبل.

وكان ماكرون أشاد بقرار بوتفليقة داعيا إلى "عملية انتقالية ضمن أجل معقول"، لكن المتظاهرين قالوا إن "ماكرون دعم انقلابا على الدستور". وإضافة إلى تجمع باريس، نظمت تجمعات مماثلة في مدن فرنسية أخرى.

وتجمع نحو 500 محتج تحت المطر في سانت-اتيان (وسط)، رافعين شعار "حرروا الجزائر". وفي بوردو (جنوب غرب) تجمع نحو 300 محتج للأحد الثاني على التوالي للمطالبة برحيل النظام فيما تظاهر ما بين 200 و250 شخصا في تولوز. وفي مرسيليا (جنوب شرق) سجلت مشاركة نحو 200 متظاهر.

ويعيش في فرنسا 760 ألف جزائري، بحسب معهد الإحصاء الفرنسي. ويبلغ عددهم 1.7 مليون نسمة إذا أضيف إليهم أبناؤهم.