برامج الكاميرا الخفية ترجّ الجزائريين في رمضان

ناشطون ونقاد يعتبرون أن برامج الحبس ورانا حكمناك وردوا بالكم ودار التكسار تروج للعنف وتهين المرأة وتشوه صورة الجزائريين.
برامج تتلاعب بالهوية الثقافية
القنوات الخاصة تروج لفنانين من الصف الثالث 
عنف جسدي ولفظي بين أزواج في 'ردوا بالكم'
الرقابة تتدخل فقط عند المساس بـ'رموز الدولة'

الجزائر - أثارت برامج الكاميرا الخفية في الجزائر المعروضة في شهر رمضان صدمة واستياء المشاهدين لكونها تروج للعنف وتهين المرأة وتضرب عادات وقيم المجتمع عرض الحائط.
ومن بين تلك البرامج التي تبثها قنوات جزائرية خاصة "الحبس" (السجن)، "رانا حكمناك" (لقد تمكنّا منك)، "ردوا بالكم" (احذروا)، "دار التكسار" (دار التحطيم).
وهاجم وزير الاتصال الجزائري جمال كعوان برامج المقالب، وأفاد أنه طغى على مضمونها طابع العنف وافتقارها الإبداع. 

ورغم الاستنكار الواسع من مضمون البرامج المثيرة للجدل لم تتحرك سلطة ضبط السمعي البصري (هيئة حكومية تراقب عمل القنوات الخاصة) لاتخاذ إجراءات.
ودعا بوعبدالله غلام الله رئيس المجلس الإسلامي الأعلى إلى ضرورة احترام برامج رمضان للأسر الجزائرية وتقاليدها ومراعاة الهوية الثقافية والمرجعية الوطنية.
وشدد غلام الله أنّه من المفترض ان تعكس مضمون برامج القنوات المحلية خلال رمضان الهوية الثقافية للمجتمع وتساهم في الارتقاء بالذوق العام واحترام الأسرة الجزائرية. 
ومن بين المقالب التي أثارت جدلاً واسعا فكرة برنامج "ردوا بالكم"، على قناة "البلاد" (خاصة)، وتستهدف الأزواج.

وتتمحور الفكرة حول دعوة الزوج إلى الأستوديو والاتفاق معه مسبقا لاختلاق مشاكل مع زوجته والايقاع بها في الكاميرا الخفية. 
ويقوم الزوج بإيهام زوجته أنّه على علاقة سرية وغرامية مع امرأة أخرى وأنّه يرغب في الاعتراف بها رسميا عبر الزواج بها.
 وتبدأ الزوجة في الانفعال وتصب جام غضبها عليه وعلى شريكته المزعومة.
وتم في بعض الحلقات تبادل العنف الجسدي واللفظي بين أزواج.
وفي برنامج "الحبس" (السجن) يتم استضافة فنانين منهم مغنيات في الملاهي الليلية، مثل الشابة دليلة (مغنية راي)، ويتم إقناعها باقتحام غمار لعبة تحدي السجن، بتواطؤ مع أحد الفنانين.
 وتملك الغضب الشابة دليلة ودخلت في خلاف حاد مع معدي الكاميرا الخفية.
واستغرب جزائريون في مواقع التواصل الاجتماعي  السماح لمغنيات الملاهي بدخول بيوتهم في شهر الصيام حتى ولوكان ذلك في برنامج ترفيهي.
واعتبر الإعلامي محمد أوراري أنّ كلمة "ملاهي" منبوذة في اوساط العائلات الجزائرية لا سيما في شهر الصيام، واستنكر دخول فنانة الاجواء الليلية والصاخبة الى شاشات التلفزيون من الباب الكبير.
وأضاف أوراري "يتم استضافة فناني الملاهي والسهرات الماجنة دون احترام حرمة قداسة البيت الجزائري".
وأشار إلى أنّ ضيوف هذه البرامج يتلفظون في العادة بكلمات خادشة للحياء وتمس بالأخلاق.
وأضاف: "المغنية دليلة في أحد المقالب قالت بفخر ان شهرتها انطلقت من الملاهي الليلية، ونفس الشيء رددته زميلتها المغنية وردة".
وأوضح المتحدث أنّ القنوات الخاصة تسعى للترويج والدعاية لفنانين من الصف الثالث.
وشدد أوراري أنّ الإعلام ساهم في الانحلال الاخلاقي، وتشويه قداسة شهر رمضان ووقار العائلة، وسط صمت ولامبالاة الجهات المسؤولة.
وأفادت بلدية خمري عضو الكتلة النيابية للاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء (إسلامي)، إن برامج المقالب تحتوي على عنف لفظي ومعنوي ومادي شوه صورة وسمعة الجزائريين.
وطالبت بلدية خمري وزير الاتصال جمال كعوان، في سؤال برلماني بتوضيح حول "المساس بقدسية شهر رمضان في برامج تتلاعب بثقافة وهوية المجتمع".
ولفتت المتحدثة إلى أنّ "المستوى المتدني للبرامج التي تعرضها القنوات العمومية والخاصة أثار غضب واستياء العائلات الجزائرية". 
وقالت: "لم تجد العائلات طريقة للتعبير عن استيائها إلا بالتوجه إلى الجهة المخولة والمسؤولة أمام ما يجري من تعد صارخ على مشاعرهم وأسرهم وقيمهم".
وتساءلت المتحدثة: "أين هي رقابة هيئة سلطة ضبط السمعي البصري على هذه البرامج؟".
وتابعت: "لماذا يسمح بنشر العنف اللفظي والمادي في المجتمع، ألا يؤدي هذا إلى تغذية التطرف بكل أشكاله؟. 
ويردد المشرفون على هيئة ضبط السمعي البصري في كل مرة على أن تدخلهم يكون فقط عند مساس هذه القنوات بـ"رموز الدولة".

واشارت الإعلامية مريم بن قارة أنّ برامج الكاميرا الخفية يرتبط بثها برمضان وإلى وقت قريب كان المواطن الجزائري هو محور مضمونها.وقالت بن قارة: "برامج الكاميرا الخفية الحالية تستضيف نجوم المجتمع وعناوينها أصبحت مستلهمة من أفكار تحرض على العنف ومضامينها تهين المرأة ولا تراعي حرمة العائلة".
وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات تهاجم برامج المقالب الرمضانية.
وقالت الناشطة فاطمة خلادي: "هذه ليست كاميرا خفية إنّها مهزلة تروج للفضائح والعنف وتسيء لمجتمعنا".
وأضافت خلادي: "لن نغفر لكم الاساءة للمرأة الجزائرية، فالزوجة التي تتطاول وتضرب زوجها أمام الكاميرا حالة شاذة ولا يجب تعميمها والترويج لها؟".

وعلق ناشط يدعى "واحد من الناس" بقوله: "الكاميرا الخفية برمضان تحت شعار الشابة دليلة ووردة ، الملاهي هي من تدخل بيوتنا".وكتبت ناشطة تسمي نفسها "الفتاة الأنيقة": "مستوى في الحضيض، عنف وإساءة للمجتمع الجزائري، كان عليكم توجيه الدعوة لفنانين محترمين وليس لفقاعات فنية".
في حين يتشبث صناع برامج المقالب بحقهم في مواصلة عملهم الفني مادام ينشر البهجة بين الجمهور ويرفه عنهم.