برلمان الأردن يعزل نائبا مستقيلا ويرفض الإساءة للملك

مجلس الوزراء الأردني يؤكد أن الحكومة لن تسمح باستمرار التجمعات غير القانونية وكافة السلوكيات المرافقة لها من تأزيم وتحريض وإقامة تجمعات وبناء بيوت شعر مخالفة للقانون وتمس أمن المواطن والسلم الأهلي.
أحداث ناعور تأتي عقب أزمة الأمير حمزة التي حلت في إطار العائلة الملكية
مجلس الوزراء الأردني يندد بمظاهر غير قانونية وتحريض يهدد السلم الأهلي
الحكومة الأردنية تمنع التجمعات المناصرة لأسامة العجارمة

عمان - عزل البرلمان الأردني اليوم الأحد في جلسة طارئة عقدت بناء على مذكرة وقعها 109 من الأعضاء من أصل 130 تبناها العضو حسين الحراسيس، النائب أسامة العجارمة، على خلفية ما اعتبره تصريحات "مسيئة" للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والمجتمع.

وصوت على قرار الفصل غالبية الأعضاء بواقع 108 عضوا من أصل 119 حضروا الجلسة، فيما يأتي قرار الفصل على الرغم من أن النائب تقدم باستقالته الأربعاء الماضي، حيث كان من المفترض أن تكون جلسة الاثنين للتصويت على قبولها أو رفضها.

وندد رئيس مجلس النواب الأردني عبدالمنعم العودات باسم المجلس وبشكل صارم، ما صدر من تفوهات منحرفة تجاه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

وأعلن في مستهل جلسة النواب الطارئة اليوم الأحد "رفض المجلس ووقوفه بحزم في وجه "أي مساس بمكانة ومنزلة جلالة الملك وأي مساس بنظامنا الاجتماعي وتوافقنا العشائري والعائلي وسلمنا الاجتماعي الذي يشكل أساس أمن واستقرار بلدنا الأردن العزيز الشامخ الأصيل".

وقال "إن ما شهدته ساحتنا الوطنية من مظاهر مؤسفة على مدى الأيام القليلة الماضية إنما يزيدنا إيمانا بضرورة فرض سيادة القانون للحفاظ على وحدتنا ومكتسباتنا الوطنية والدفاع عن أمن واستقرار بلدنا في جميع الظروف والأحوال".

وتابع "أعضاء هذا المجلس الكريم يمثلون جميع أطياف الشعب الأردني ويعبرون عن إرادته الحرة من خلال الرقابة والتشريع وقد أثبتوا خلال هذه الدورة غير العادية إخلاصهم لبلدهم الأردن وولائهم لقائد المسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني".

وقال أيضا "هذا الإخلاص والولاء المتبادل بين القيادة والشعب هو الأساس الصلب الذي تحطمت عليه كل الفتن ما خفي منها وما ظهر وقامت عليه أركان هذه الدولة القوية المستقرة بسلطاتها ومؤسساتها المدنية والعسكرية، على مدى مئة عام من نشأتها وخمسة وسبعين عاما على استقلالها وستظل كذلك بإذن الله".

وشهدت منطقة ناعور (غربي عمان) مساء السبت وظهر الأحد، أحداث شغب ومواجهات نتج عنها إصابة 4 أفراد من الأمن، وفق بيان سابق. وذكر شهود عيان أن الذين وقفوا وراء أحداث الشغب هم من العجارمة.

وأعلن مصدر أمني أردني مساء الأحد "عودة الهدوء إلى منطقة ناعور" جنوب عمان بعد وقوع أعمال شغب وإطلاق نار في الهواء وحرق إطارات احتجاجا على فصل النائب العجارمة من مجلس النواب الذي يتبع لهذه المنطقة، لكن قوات الدرك ما زالت عند مداخل المنطقة حيث وضعت نقاط تفتيش لمنع أي تجاوزات.

وكان مصدر أمني أردني أعلن في وقت سابق الأحد تجدد "أعمال الشغب" في منطقة ناعور بعد ساعات من فصل العجارمة وبعد يوم من إصابة أربعة عناصر أمن في أحداث نسبها شهود إلى أنصار النائب.

ونقلت قناة "المملكة" الرسمية بدورها عن مصدر أمني قوله "يتم التعامل مساء الأحد مع أعمال شغب وإطلاق نار من مجموعة من الأشخاص في (منطقة) ناعور" بجنوب عمان.

ووقعت مشادة كلامية بين النائب ورئيس المجلس عبدالمنعم العودات في 24 مايو/ايار بسبب انقطاع التيار الكهربائي قبل ثلاثة أيام في العديد من محافظات المملكة.

وأصر النائب على أن انقطاع الكهرباء كان الهدف منه وقف مسيرة حاشدة للعشائر الأردنية إلى عمان لنصرة القضية الفلسطينية حيث لم يستطيعوا التزود بالوقود في المحطات بسبب انقطاع الكهرباء. وتساءل "لماذا دب الرعب في قلوب العملاء؟".

والأربعاء، أعلن العجارمة استقالته من مجلس النواب بعد نحو أسبوع من تجميد عضويته إثر مداخلة له بشأن حادثة انقطاع الكهرباء عن عموم المملكة مؤخرا.

وفي 21 مايو/أيار الماضي، انقطع التيار الكهربائي بشكل تام في عموم الأردن وعزت شركات توزيع الطاقة سبب ذلك إلى عطل في شبكة النقل التابعة لشركة الكهرباء الحكومية.

وأواخر الشهر الماضي، جمد مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، عضوية العجارمة عاما واحدا، بسبب "إساءته للمجلس وأعضائه ونظامه الداخلي"، حسب قرار المجلس، إثر مداخلة له بشأن علاقة انقطاع الكهرباء بمسيرات التضامن مع فلسطين.‎

وكان العجارمة قد اتهم أحد أبناء عمومة الملك عبدالله الثاني بمعاداة العشائر والمسؤولية عن تفريق أحد تجمعاتهم بالقوة، قبل أن تندلع مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين في مدينة ناعور غرب عمان.

وقال في مقطع فيديو إن تفريق التجمع في ناعور جاء "بأمر" من الأمير راشد بن الحسن (42 عاما)، الابن الوحيد لولي العهد الأسبق الأمير الحسن بن طلال، عم العاهل الأردني.

والأمير راشد من الأمراء المقربين للملك عبدالله الثاني وهو برتبة عميد ويتولى قيادة الشرطة الخاصة في قوات الدرك.

وقالت مصادر أمنية إن مواجهات نشبت في ناعور بين قوات الأمن ومؤيدين للنائب العجارمة، مشيرة إلى وقوع إصابات من الطرفين.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب الأزمة الأخيرة التي باتت تعرف إعلاميا بقضية "زعزعة أمن واستقرار الأردن" وهي الأزمة التي هزت المملكة على خلفية اتهام الحكومة في الرابع من أبريل/نيسان ولي العهد السابق الأمير حمزة (41 عاما) وأشخاصا آخرين بالضلوع في "مخططات آثمة" هدفها "زعزعة أمن الأردن واستقراره"، وأوقفت نحو 20 شخصا قبل أن تفرج السلطات عن 16 من الموقوفين على اثر مناشدة عدد من الشخصيات من محافظات وعشائر عدة، العاهل الأردني بـ"الصفح عن أبنائهم الذين انقادوا وراء هذه الفتنة"، فيما بقي الموقوفان الرئيسيان رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد قيد الاعتقال.

وليس ثمة علاقة بين قضية "زعزعة أمن واستقرار الأردن" التي تم حلها في إطار العائلة الملكية وقضية النائب العجارمة، إلا أن المملكة في غنى عن أي قلاقل جانبية من شأنها أن تعكر صفوة أمنها أو تثير الحساسيات العشائرية خاصة وأن النائب المعزول ربط بين الأحداث الأخيرة في ناعور وبين أحد أبناء عمومة الملك عبدالله الثاني.

وأكد مجلس الوزراء الأردني اليوم الأحد خلال جلسة استعرض فيها "ما جرى من مظاهر خارجة عن القانون خلال الأيام الماضية والإصرار من البعض على إقامة تجمعات وبناء بيوت شعر مخالفة للقانون وتمس أمن المواطن والسلم الأهلي" أن الحكومة لن تسمح باستمرار هذه التجمعات والمظاهر غير القانونية وكافة السلوكيات المرافقة لها من تأزيم وتحريض، وفق بيان أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية 'بترا'.

وأشار كذلك إلى أن "مختلف الأجهزة المختصة  مارست أعلى درجات ضبط النفس إزاء هذه النشاطات وما تخللها من تحريض مباشر يُشكل خرقا للقانون واعتداء صارخا عليه، بأمل أن يثوب من يؤججون هذه التصرفات إلى رشدهم وأن يعودوا إلى جادة الحق والصواب".

وأكد المجلس أنه "ومع شديد الأسف، فإن ما شهدناه ليلة أمس السبت  من محاولات التحشيد وما واكبها من اعتداءات على بعض مرتبات جهاز الأمن العام، وما تخلل هذه التجمعات غير المشروعة من كلام وسلوكيات تحريضية تشكل مخالفات قانونية مكتملة الأركان تمس صلب ثوابت بلدنا ومرتكزاته الدستورية وأدبياتنا المتوارثة منذ نشأة الدولة".

وأشار إلى أن "وزارة الداخلية لن تسمح بتاتا بإقامة أية تجمعات أو فعاليات أو إقامة لبيوت شعر أو غيرها من المنصات وستتعامل بأقصى درجات الحزم لإنفاذ القانون ومنع هذه النشاطات التحريضية الخطيرة وما يتخللها من أقوال وسلوكيات تخرق القانون والدستور وتعبث بأمن المجتمع" .

وشدد  المجلس برئاسة رئيس الحكومة بشر الخصاونة أنه سيتعامل مع هذه المظاهر بكل حزم ، داعيا المواطنين إلى النأي بأنفسهم عنها.

وكان الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردني قال إن قوة أمنية تعاملت مساء أمس السبت مع أعمال شغب وإحراق مركبات وإطلاق عيارات نارية في الهواء قام بها مجموعة من الأشخاص في منطقة ناعور ونتج عن تلك الأعمال إصابة أربعة من رجال الأمن العام وجرى إسعافهم إلى المستشفى وهم قيد العلاج.

نقلت وكالة أنباء بترا الرسمية عن وزارة الداخلية الأردنية قولها في ساعة متأخرة من مساء السبت أن الساعات القليلة الماضية شهدت "هجمات مسلحة" على القوات الأمنية في منطقة المالحة بالقرب من طريق مطار الملكة علياء الدولي وإن بعض أفراد الأمن أصيبوا.

وفي بيان منفصل نشرته الوكالة قالت الشرطة إن أربعة من أفراد قوة أمن "تعاملت مع أعمال شغب في منطقة ناعور أصيبوا وهم قيد العلاج".