برنامج التحديث الطموح يرفع نسبة النمو في الاقتصاد المغربي
الرباط – كشفت الأرقام الحديثة نجاح الرهان المغربي على برنامج التحديث الطموح الذي يرمي إلى تحقيق استدامة أكبر والدخول في سلاسل القيمة العالمية، على الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. حيث سجل الاقتصاد المغربي نموا بنسبة 4.8 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري، متجاوزا معدل النمو البالغ 3 بالمئة المسجل في الفترة نفسها من عام 2024.
وقالت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير إن النمو جاء مدفوعا بتحسن في الأنشطة الزراعية والصناعية التي نمت 4.6 بالمئة و4.5 بالمئة على الترتيب. عقب سنوات من الجفاف التي أثرت سلبا على الإنتاج الزراعي في البلاد.
وأضافت أن النمو كان مدعوما أيضا بزيادة الطلب المحلي ثمانية بالمئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع أربعة بالمئة في الفترة نفسها من العام الماضي، مما عوض أثر القراءة السلبية التي سجلتها التجارة الخارجية على النمو الاقتصادي.
وسجل الطلب المحلي نموا بنسبة 8 بالمئة، مقارنة بـ4 بالمئة في الفترة المقابلة من 2024، كما ارتفعت نفقات الاستهلاك النهائي للأسر بنسبة 4.4 بالمئة مقابل 2.8 بالمئة.
أما على مستوى الاستثمار، فشهد إجمالي تكوين رأس المال الثابت إلى جانب التغير في المخزون نموا قويا بنسبة 17.5 بالمئة، مقارنة بـ4.9 بالمئة في نفس الفترة من 2024، ليساهم بـ4.9 نقطة في النمو الاقتصادي.
في المقابل، ساهمت التجارة الخارجية بشكل سلبي في النمو، إذ ارتفعت الواردات من السلع والخدمات بنسبة 9.8 بالمئة، مقارنة بـ7.6 بالمئة.
وعلى صعيد الدخل الوطني، ارتفع إجمالي الدخل المتاح بنسبة 6 بالمئة خلال الربع الأول من 2025، مقارنة بـ5.9 بالمئة في نفس الفترة من العام السابق، رغم تراجع صافي التحويلات من الخارج بنسبة 7.5 بالمئة.
وفي ضوء هذه المؤشرات، بلغ معدل الادخار الوطني نحو 26.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، انخفاضًا من 27.6 بالمئة في نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفع إجمالي الاستثمار إلى 28.8 بالمئة من الناتج، مقارنة بـ26.6 بالمئة.
وتوقع مشروع الموازنة العامة في المغرب لعام 2025 نمو اقتصاد البلاد بـ4.6 بالمئة، مع تضخم بنحو 2 بالمئة، فيما توقعت المندوبية السامية للتخطيط في يناير/ كانون الثاني الماضي، نموا بـ3.8 بالمئة.
ونفّذت الحكومات المتعاقبة في المغرب، على مدى ربع القرن الماضي، برنامجَ تحديث شاملًا استند إلى رؤية طويلة المدى. وقد أنشأت المملكة بنية تحتية متطورة مثل ميناء طنجة المتوسط، سمحت لها بالدخول في سلاسل القيمة العالمية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز الصناعة الموجّهة نحو التصدير. وفي الوقت نفسه، بذل المغرب جهودًا لتحقيق المزيد من الاستدامة، ووضع أهدافًا طموحة لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجدّدة والحفاظ على المياه.
ويأتي هذا التطور نتيجة ارتفاع القيم المضافة لأنشطة البناء والأشغال العمومية بنسبة 6.3 في المئة عوض 2.5 في المئة، والكهرباء والغاز والماء وشبكات التطهير ومعالجة النفايات بـ 5 في المئة عوض 4.2 في المائة، والصناعة التحويلية بـ 3.4 في المائة عوض 1.7 في المئة، وتباطؤ أنشطة الصناعات الاستخراجية إلى 6.7 في المائة عوض 19.1 في المائة.
من جهتها، سجلت القيمة المضافة للقطاع الثالثي، ارتفاعا في معدل نموها منتقلة من 3.8 في المئة خلال الفصل نفسه من السنة الماضية إلى 4.7 في المائة خلال هذا الفصل.
وقد تميزت هذه القيمة المضافة بتحسن أنشطة الفنادق والمطاعم بنسبة 9.7 في المئة عوض 3.2 في المئة، وخدمات التعليم والصحة والعمل الاجتماعي بـ 6.2 في المئة عوض 5.9 في المئة، والخدمات المقدمة من طرف الإدارات العمومية والضمان الاجتماعي بـ 5.3 في المئة عوض 3.4 في المئة، والتجارة وإصلاح المركبات بـ 4.3 في المئة عوض 4 في المائة، والأنشطة العقارية بـ 0.8 في المئة عوض انخفاض بـ 1.4 في المئة.
يذكر أن مجموعة البنك الدولي، توقعت أن يحقق اقتصاد المغرب نموًا بنسبة 3.6 بالمئة خلال العام الحالي، وبنسبة 3.5 بالمئة في العام المقبل.
وقال البنك الدولي في تحديث لتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، إن تقديرات نمو الاقتصاد المغربي تشكل انخفاضًا بنسبتي 0.3 بالمئة و0.1 بالمئة على التوالي، مقارنة بالتوقعات الصادرة في شهر يناير /كانون الثاني الماضي.
وأوضحت مؤسسة "بريتون وودز" أن الاقتصاد المغربي من المتوقع أن يشهد تحسنًا طفيفًا في عام 2027، ليحقق نموًا بنسبة 3.6 بالمئة.