برنامج تعقيم بمثابة إبادة جماعية للسود في القرن العشرين

عمليات تعقيم في الولايات المتحدة استهدفت الأميركيين السود الى حدود 1974 بذريعة خدمة 'المصلحة العامة' ومنع الأشخاص الضعفاء عقليا من الإنجاب.
الأمم المتحدة تعتبر أن الإبادة الجماعية تقوم على تدابير تمنع التكاثر داخل المجموعة
إجراء معظم العمليات الجراحية في كارولاينا بالإكراه
دراسة تسلط الضوء على التحكم في أجسام السود وخياراتهم الإنجابية

واشنطن - كشفت دراسة نشرت خلال الأسبوع الجاري أن برنامجا للتعقيم أجري في ولاية كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة بين عامي 1929 و1974، استهدف بشكل واضح الأميركيين السود، مشيرة إلى أن الاستخدام غير المناسب لهذه الإجراءات بذريعة تحسين النسل ينطبق عليه تعريف الإبادة.
وأفادت الدراسة أن ما يقرب من 7600 شخصا، من رجال ونساء وحتى أطفال لا تتعدى اعمارهم العشر سنوات، خضعوا لعمليات تعقيم جراحية في إطار برنامج تم وضعه لخدمة "المصلحة العامة" من خلال منع الأشخاص "الضعفاء عقليا" من الإنجاب.
تم إجراء معظم العمليات الجراحية بالإكراه وإن لجأت إليه بعض النساء اللواتي لم يكن لديهن وسائل منع حمل إليها، وأعلن أنهن غير مؤهلات ليصبحن أمهات.
وشملت الدراسة التي نشرت في مجلة "أميريكان ريفيو أوف بوليتيكال إيكونومي"، الأعوام بين 1958 و1968، حيث تم فيها إجراء أكثر من 2100 عملية تعقيم في الولاية.
وأشار وليام داريتي جونيور الأستاذ في جامعة ديوك والذي شارك في إعداد الدراسة إلى أن عمليات التعقيم ازدادت مع ارتفاع عدد السكان السود العاطلين عن العمل - بدون ان تستهدف بالنسبة نفسها العاطلين البيض أو الأشخاص المتحدرين من أصول أخرى.
واعتبر "أن الاستخدام غير المتكافئ للتعقيم في تحسين النسل في كارولاينا الشمالية على المواطنين السود يُعد إبادة جماعية".
وتعرف الأمم المتحدة الإبادة الجماعية بأنها الرغبة في "إبادة جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كليا أو جزئيا" من خلال اعتماد "تدابير تهدف إلى منع التكاثر داخل المجموعة"، وفق ما أشار معد الدراسة.
وأظهرت دراسات سابقة أن البرنامج كان يستهدف السود بشكل غير متكافئ، لكن هذه الدراسة الجديدة سلطت الضوء على الآليات المتبعة ودوافعها.
وأشارت المعدة المشاركة في الدراسة روندا شارب، من معهد المرأة للعلوم والإنصاف والعرق إلى أن "التحكم في الأجسام السود وخياراتهم الإنجابية ليس جديدًا".
وأضافت أن "دراستنا تظهر أن ولاية كارولاينا الشمالية قيدت حرية الإنجاب، باستخدام تحسين النسل لحرمان السكان السود من حقوقهم".
في عام 2010، أنشأت الدولة مؤسسة وصندوقا لتعويض ضحايا البرنامج الذين ما زالوا على قيد الحياة.
تم إرسال الشيكات الأولى والتي يبلغ قيمة كل منها 20 ألف دولار إلى 220 منهم في عام 2014، وفقًا لصحيفة "ذي نيوز أند أوبزرفر" المحلية.
تواجه الولايات المتحدة موجةَ احتجاجات بسبب عنف الشرطة مع السود، على خلفية وفاة جورج فلويد ذي الأصول الأفريقية.
أشعلت عملية قتل المواطن الأميركي جورج فلويد الشارع الأمريكي جرّاء المعاملة العنصرية التي يعاني منها أصحاب البشرة السوداء في الولايات المتحدة، مما أدى الى طرح تساؤلات عديدة حول أسباب ودوافع وباء التمييز والعنصرية في الدولة العظمى.
بعد شهرين على مقتل جورد فلويد، يواصل المتظاهرون تحدي الشرطة واسقاط التماثيل في الولايات المتحدة التي لا تزال حركة احتجاج مناهضة للعنصرية تهزها متسببة في تعميق الانقسام في الطبقة السياسية.
تمكنت دراسة جديدة واسعة من تقفي أثر تجارة الرقيق بين إفريقيا والقارة الأميركية والاستغلال الاقتصادي والجنسي لملايين الرجال والنساء حتى القرن التاسع عشر، بفضل تحليل الحمض النووي (دي ان إيه) للمتحدرين منهم.
وأجريت الدراسة استنادا على الخصائص الجينية التي جمعتها شركة "23اندمي".
وشارك أكثر من 50 ألف شخص في القارة الأميركية وأوروبا وإفريقيا في هذه الدراسة اللافتة التي تجمع بين تحاليل الحمض النووي الفردي ومحفوظات مفصلة حول السفن التي نقلت العبيد وعددهم 12,5 مليون رجل وامرأة وطفل بين العامين 1515 و1865، انزل 70% منهم في أميركا اللاتينية و300 إلى 500 ألف في أميركا الشمالية القارية. وقضى أكثر من مليونين خلال الرحلة.
وأوضح ستيفن ميكيليتي الاخصائي في علم الوراثة في الشركة "أردنا مقارنة نتائجنا الجينية مع سجلات النقل لرصد أي اختلافات محتملة وهو أمر ظهر في بعض الحالات بشكل فاضح نسبيا".
فمع أن الرجال كانوا يشكلون غالبية العبيد، تبين للباحثين أن النساء الإفريقيات على مر القرون ساهمن أكثر بكثير جينيا في السكان، وقد توصلوا إلى هذه النتيجة من خلال تحليل جينات الصبغية اكس المزدوجة لدى النساء.