برنامج حكومة السوداني :الدعاية تغلب على الواقعية

شكوك بشان امكانية نجاح حكومة السوداني المدعومة من قوى سياسية هيمنت في السابق على المشهد وتسببت في ازمات مختلفة في تنفيذ هذا البرنامج المكرر وتحقيق هذه الوعود البراقة خاصة فيما يتعلق بمكافحة الفساد واصلاح الاقتصاد ومواجهة البطالة.
اصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد اخر اهتمامات الاطار التنسيقي الداعم لحكومة السوداني
البرنامج الحالي اجترار لبرامج حكومات سابقة
السوداني أمهل المديرين العامين ثلاثة أشهر لتقييم ادائهم وفق ما جرى تنفيذه من البرنامج
البرنامج اهمل نقاطا هامة مثل حماية السيادة الوطنية من التدخلات الاجنبية
صعوبة تطبيق البرنامج الحكومي في بيئة تغلب عليها المحاصصة السياسية

بغداد - نشرت الحكومة العراقية الاثنين برنامجها الخاص والذي يتعلق بانجاز العديد من الملفات الحارقة التي فشلت الحكومات السابقة في انجازها والمتعلقة أساسا بالإصلاحات الاقتصادية وإجراء الانتخابات المحلية ومكافحة الفساد الذي مثل العنوان والشعار الأبرز لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني لكن مراقبين يرون ان البرنامج غلبت عليه الدعاية وليس الواقعية كونه اجترار لبرامج حكومات سابقة.
وصوت مجلس الوزراء بالإجماع خلال جلسة استثنائية برئاسة السوداني وفق بيان من مكتبه لصالح برنامج الحكومة التي منحها البرلمان الثقة في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكانت الحكومات العراقية السابقة تعهدت بتنفيذ برامجها للاصلاح بما فيها مكافحة الفساد ومواجهة الفقر والبطالة وهي عناوين براقة دائما ما تثير اهتمام المواطن لكنها فشلت في تحقيق اي منها حيث تعمق الفساد في العراق ويعيش شبابه على وقع ازمة بطالة غير مسبوقة رغم الموارد الهامة لهذا البلد النفطي.

ولا يمكن التاكد من امكانية نجاح حكومة السوداني المدعومة من قوى سياسية هيمنت في السابق على المشهد وتسببت في ازمات مختلفة في تنفيذ هذا البرنامج وتحقيق هذه الوعود على ارض الواقع في ظل التعقيدات الحالية.

ويرى مراقبون ان اصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد اخر اهتمامات الاطار التنسيقي الموالي لايران والداعم لحكومة السوداني كون برنامجه الحقيقي هو مزيد من الهيمنة والتغلغل في مفاصل الدولة.

ولا يمكن تجسيد البرنامج على الواقع لنقص الموارد المالية التي انفقت اغلبها في جهود مكافحة تنظيم داعش وفي عمليات تسليح القوات العسكرية والامنية.

ولوحظ غياب نقاط هامة في الملف على غرار حماية السيادة الوطنية من التدخلات الاجنبية خاصة الايرانية والتركية.
وشمل البرنامج الحكومي ملف الخدمات من خلال "العمل على الانتهاء من انجاز المشاريع المتوقفة، وإعطاء الأولوية لمشاريع الصرف الصحي، الماء، المدارس، المستشفيات" وانجاز مشاريع السكن ودعم البنية التحتية في القطاع الصحي.
كما اهتم بملف الطاقة والكهرباء في ظل الأزمة العالمية من خلال العمل على صيانة محطات إنتاج الطاقة الكهربائية  إضافة الى "استكمال مشروع الطاقة الشمسية، ومشاريع صلاح الدين الحرارية، وإكمال محطة الأنبار المركبة، واستكمال مشاريع محطات الاستثمار الخاص".
وأكد على مكافحة الفقر والبطالة وذلك "بتحسين ورفع مفردات السلة الغذائية، وزيادة أعداد المشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية وزيادة نسبة الإعانة، وزيادة أعداد "المعين المتفرغ" لرعاية ذوي الإعاقة، فضلاً عن رعاية الفئات الهشة".
وشدد على "زيادة القروض الخاصة بدعم المشاريع الصغيرة وذلك بزيادة رأس مال الصندوق أربعة أضعاف عن مبالغه الحالية، وإنشاء مناطق حرة (الزبير، نينوى، القائم) وفي خور الزبير متخصص بالنفط والغاز".
وأكد على ملف مكافحة الفساد وهو ملف شغل رئيس الحكومة شخصيا حيث شدد البرنامج على "تعديل قانون النزاهة والكسب غير المشروع، وإصلاح المؤسسات الرقابية، وتفعيل التحقيقات للملفات السابقة لتهريب النفط وغيرها، والتحقيق في ملفات الفساد التي رافقت التعاقدات والقرارات السابقة".
كما تضمن البرنامج خطوات لإنجاز حساب الخزينة الموحد، ومشروع نظام ضريبي إلكتروني متكامل.

ويشير البرنامج الى ملف مكافحة الفساد في بيئة شهدت تغلغلا لهذه الظاهرة حيث تعهدت حكومة الكاظمي والحكومات التي قبلها بمواجهة الفاسدين لكن المحاصصة السياسية اطاحت بكل هذه الجهود فيما يتوقع ان يلقى السوداني نفس المصير.
وعانى العراق من الفساد خلال العقدين الماضيين كان آخرها فضيحة "سرقة القرن" حيث تم سرقة نحو 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية والتي تورط فيها مسؤولون في حكومة مصطفى الكاظمي السابقة وعدد من رجال الاعمال.
وتمكنت الحكومة الحالية من استعادة جزء بسيط من الأموال فيما تسعى لاستعادة ما تبقى من مقدرات الشعب لكن تبقى هذه الجهود غير كافية.
ويسعى البرنامج الحكومي لإصلاح الوضع الاقتصادي خاصة في المجال الزراعي مع ازمة الجفاف حيث شددت الحكومة على  "إنجاز خطة مستعجلة لتوزيع الحصص المائية للنهوض بالقطاع الزراعي، بدء التنفيذ بها وتنتهي حتى صيف 2023.
كما شدد على تجهيز المزارعين بسماد اليوريا مدعوم بنسبة 50% لزراعة منتوج الحنطة، وتجهيز المزارعين بسماد الداب مدعوم بنسبة 50% لزراعة منتوج الحنطة، وتوزيع بذور مدعومة بنسبة 70% لزراعة الحنطة، واعتماد التكنولوجيا بمشاريع الري".
وسيتم وفق البرنامج "المضي بمشروع الجنوب المتكامل، وتأهيل المصانع وعددها 85 مصنع بالاشتراك مع القطاع الخاص، وإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
وتحدث على "انجاز مشاريع إستراتيجية منها "استئناف العمل بمشروع القطار المعلق، ومضاعفة العمل في مشروع ميناء الفاو الكبير، إكمال مشاريع القناة الجافة (مشاريع سكك وطرق خارجية)، الانتهاء من مشروع تحلية مياه البصرة".
وأشار البرنامج الحكومي الى ملف النازحين والانتخابات من ذلك "إجراء الانتخابات المحلية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وإعادة جميع النازحين إلى مناطق سكناهم وفق برنامج عمل متكامل (أمني اجتماعي)، وإنجاز خطة متكاملة لاخراج الجيش العراقي من المدن والقصبات وتسليم ملف أمنها إلى الداخلية.
وشهدت الجلسة وفق البيان مناقشات مستفيضة بشأن آليات تنفيذ البرنامج الحكومي وتأكيد الالتزام به من جانب الوزراء والكوادر المتقدمة في جميع الوزارات والهيئات.
كما أكد السوداني خلال الاجتماع ان البرنامج الحكومي يمثل الرؤية المستقبلية للحكومة ويترجم خطط وبرامج الوزارات التي تنوي تنفيذها للمرحلة المقبلة حيث أمهل المديرين العامين ثلاثة أشهر، بداية من غد الثلاثاء، ليتم بعدها تقييم أدائهم وفق ما جرى تنفيذه على أساس البرنامج الحكومي.
فيما سيمنح الوزراء والوكلاء والمحافظون والمستشارون ستة أشهر يتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.
ويرى مراقبون أن السوداني ظهر حريصا على تطبيق برنامجه الحالي وذلك لإنجاح مهامه رغم تعقيدات العديد من الملفات.