بروكسل تختار الدوحة وليس كابول لـ'تواصل' محدود مع طالبان

دبلوماسي أوروبي يُخير طالبان بين المال (المساعدات) أو العزلة، وسط انتقادات لعدم التزام الحركة بما تعهدت به من ضمان الحريات والحقوق ومنها تمثيل المرأة في الحكومة، لكن سقف التوقعات الأوروبية يبقى منخفض جدا.
الاتحاد الأوروبي يقصر الدبلوماسية مع طالبان على المساعدات
الاعتراف بطالبان لم يعد المحور الرئيسي لمحادثات أوروبا مع طالبان
الدبلوماسية الأوروبية تركز دول الجوار الأفغاني في التواصل مع طالبان

بروكسل - قال أربعة دبلوماسيين ومسؤولان إن الاتحاد الأوروبي سيركز على المساعدات الإنسانية في الوقت الذي يحاول فيه استكشاف سبل التعامل مع حركة طالبان، على أمل الوصول لترتيب غير رسمي مع حكام أفغانستان الجدد لضمان ممرات آمنة لتلك المساعدات.

وبعد انقضاء أكثر من شهر على سيطرة المتشددين الإسلاميين على البلاد في أعقاب انسحاب غربي فوضوي من كابول، تفرض حكومات الاتحاد الأوروبي قيودا على وجودها إذ جعلته مقصورا على العاصمة القطرية الدوحة حيث يوجد تمثيل لطالبان.

وتمثل محدودية الطموح مرآة تنعكس عليها المخاوف الأمنية وعدم اتضاح الرؤية إزاء مسؤولي طالبان الذين سيتم التعامل معهم بعد أن أعلن قادة الحركة حكومة مؤقتة بدون أي تمثيل للعنصر النسائي في تعارض مع نداءات القوى العالمية لتشكيل فريق يشمل كافة أطياف المجتمع.

وقال دبلوماسيون إن تشكيل حكومة من قدامى المحاربين والمتشددين في طالبان، فضلا عن التقارير المنتشرة عن انتهاكات حقوق الإنسان، يبدد الأمل في أنهم تغيروا مقارنة بفترة حكمهم السابقة بين 1996 و2001.

وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي "سيتعين على طالبان الاختيار بين المال أو العزلة، لكن سقف توقعاتنا منخفض جدا... ولا توجد أي مؤشرات حاليا".

وتصل قوافل المساعدات المحدودة إلى أفغانستان، حيث يتصاعد الفقر والجوع منذ تولي طالبان السلطة في 15 أغسطس/آب، عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. والتقى المفوض السامي فيليبو جراندي بمسؤولي حركة طالبان في كابول الأسبوع الماضي.

لكن في الوقت الذي يُعدّ فيه الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر جهة مانحة في العالم، حزمة مساعدات لأفغانستان قيمتها حوالي 300 مليون يورو (351 مليون دولار)، فإنه يريد استخدام مساعداته كوسيلة ضغط لدفع طالبان إلى تعزيز حقوق الإنسان.

كما يحتاج الاتحاد إلى أسماء وأرقام هواتف مسؤولي طالبان الذين يمكن الوثوق بهم بمجرد وصول الطائرات من باكستان والإمارات.

وقال دبلوماسي كبير بالاتحاد الأوروبي مطلع على المناقشات بين الاتحاد الأوروبي وطالبان في الدوحة "نسعى للحصول على ضمانات بخصوص ممرات مساعدات إنسانية آمنة بلا هجمات وخالية من التدخل ويمكن للمرأة أن تشارك فيها".

وقال دبلوماسيون إن المطالب الرئيسية للاتحاد الأوروبي تتمثل في حماية جماعات الإغاثة غير الحكومية وأن تسمح طالبان بوجود نساء في فرقها وألا يتم مصادرة شحنات المساعدات في مطار كابول وألا تحدد طالبان المناطق التي ستتلقى المساعدات.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأسبوع الماضي إن التكتل يريد إعادة فتح سفارته في أفغانستان.

وقال وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو إن وحدة المساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي ستعمل من هناك، مضيفا "ستكون لدينا معلومات مباشرة عن الموقف وبعض المناقشات الفنية مع طالبان بشأن سبل الوصول للأكثر احتياجا".

وعلى الرغم من اتفاق الاتحاد الأوروبي على خمسة أهداف على طالبان تحقيقها ليكون التواصل بين الجانبين كاملا، إلا أن أغلب الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا ستركز على الأرجح على دول جوار أفغانستان وهي باكستان وإيران وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان. وتعتبر تلك الدول ذات دور أساسي في منع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا.

ومن المقرر أن يناقش زعماء الاتحاد الأوروبي نهجهم مع الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى في نيويورك هذا الأسبوع خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولم يتضح بعد ما إذا كانت طالبان سترسل مبعوثها الخاص للأمم المتحدة.

وذكر دبلوماسيون أن توماس نيكلاسون مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص إلى أفغانستان التقى شير محمد عباس ستانيكزاي نائب رئيس اللجنة السياسية لحركة طالبان في الدوحة هذا الشهر وأُبلع بأن عودة الاتحاد الأوروبي إلى كابول ستكون موضع ترحيب.

لكن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الذين التقى عدد منهم بشكل منفرد أيضا مع ستانيكزاي، لا يعلمون إن كان يتحدث بلسان طالبان في كابول وقندهار لأن أغلب القادة النافذين في الحركة مقرهم أفغانستان وليس في قطر.

وفرض تشكيل حكومة طالبان والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان قيودا على حدود النقاش في بروكسل. ولم يتحاور سفراء الاتحاد الأوروبي في قضايا مثل ما إذا كان من الممكن دفع رواتب بشكل مباشر لأفغان وما إذا كان من الممكن تحويل الأموال مباشرة للبنك المركزي الأفغاني.

ومع اقتحام طالبان لسفارات أوروبية في كابول مثل سفارتي الدنمارك والنرويج فإن العودة لكابول تعتبر صعبة من الناحية اللوجستية أيضا.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي أن يتمركز ممثلوه في الدوحة ولا يذهبوا لكابول إلا في زيارات قصيرة لعقد اجتماعات. وقال دبلوماسي إن دول الاتحاد تحتاج لتوفير إجراءات تأمين خاصة من جانبها لموظفيها أو تكليف متعاقدين أمنيين بالمهمة.

وقال دبلوماسي آخر من التكتل "حتى وإن أردت أن ترسل عددا يحصى على أصابع اليد الواحدة من الأفراد بصورة دائمة إلى كابول، عليك أن تتأكد أنهم سيتمكنون من العمل بأمان، لكن هذه المرحلة ما زالت مبكرة جدا... لا أعتقد أننا نقترب من تحقيق انفراجة بأي حال من الأحوال".