بري يدعو لإعلان حالة الطوارئ المالية

هيمنة حزب الله على الحكومة تؤجل الدعم الدولي لإنقاذ لبنان من انهيار اقتصادي بات حتميا مع شحّ في الدولار وانهيار قياسي لليرة.
حزب الله سبب تردد المانحين في الإفراج عن قروض بمليارات الدولارات
ارتدادات الأزمة السياسية تغرق لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية
الليرة اللبنانية تفقد حوالي 75 بالمئة من قيمتها منذ أكتوبر 2019
نصف سكان لبنان باتوا تحت خط الفقر بسبب الأزمة الاقتصادية

بيروت - دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري اليوم الأربعاء الحكومة والبنك المركزي إلى إعلان حالة الطوارئ المالية واستعراض جميع خطوات حماية الليرة على ضوء تسجيلها انهيارا قياسيا وفي ظل اقتصاد بات على حافة الهاوية وسط أزمة هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية.

وراهن لبنان على قروض ومنح دولية بنحو 11 مليار دولار تعهدت بها الجهات المانحة لإنقاذ الاقتصاد، لكن تلك الجهات الدولية اشترطت على الحكومة اللبنانية تنفيذ حزمة إصلاحات عجزت حكومة سعد الحريري السابقة عن تنفيذها ووجدت الحكومة الحالية التي يقدها حسان دياب ويهيمن عليها حزب الله وحلفاؤه، في ورطة وتركة ثقيلة من المشاكل.

وكان يمكن أن تُسرّع الجهات الدولية المانحة صرف تلك القروض، لكنها باتت أكثر ترددا بسبب مخاوف من وصول تلك الأموال إلى أيدي حزب الله لتمويل أنشطته في داخل لبنان وسوريا.

وأضاف بري أن لبنان لن يحصل على فلس واحد من صندوق النقد الدولي أو أي دولة مانحة حتى يُنفذ إصلاحات في مقدمتها الإسراع بإصلاح قطاع الكهرباء الذي يتكبد خسائر فادحة.

وتأتي تصريحات رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل حليفة حزب الله بعد تسجيل قيمة الليرة اللبنانية الثلاثاء تراجعا قياسيا جديدا إذ جرى تداولها فوق مستوى 6000 مقابل الدولار في السوق الموازية، بحسب متعاملين في السوق، في الوقت الذي أدت فيه أزمة شح الدولار الحادة إلى زيادة تآكل قيمة العملة الوطنية.

عشرات آلاف اللبنانيين فقدوا منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزءا من مداخيلهم جراء الأزمة التي ازدادت تفاقما بسبب تدابير الإغلاق العام التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون هذا الشهر إن البنك المركزي سيبدأ في استخدام احتياطيات محدودة من الدولار لدعم الليرة بعد أن أثار الانخفاض الحاد احتجاجات عامة جديدة.

وفقدت الليرة حوالي 75 بالمئة من قيمتها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 عندما انزلق لبنان إلى أزمة أدت إلى فقدان الوظائف وارتفاع الأسعار مع فرض قيود على رؤوس الأموال، مما جعل من الصعب على اللبنانيين الحصول على مدخراتهم من العملات الصعبة.

ومع وجود مصادر قليلة لتدفقات الدولار الجديدة، سعى البنك المركزي إلى تثبيت سعر الدولار في دور الصرافة من خلال تحديد سعر موحد لها كل يوم مع توقيع عقوبات قانونية على التجار الذين يبيعون بأعلى من هذا السعر. وجرى تحديد السعر عند 3850-3900 يوم الثلاثاء ضمن المخطط الحكومي.

إلا أن شركات الصرافة قالت يوم الاثنين إن السعر المخفض سيكون متاحا فقط للعملاء الذين لديهم احتياجات محددة وموثقة مثل دفع القروض المقومة بالدولار وتذاكر الطائرات ورسوم المدارس في الخارج ورواتب العاملين الأجانب.

وتظل الليرة مربوطة بالدولار عند 1507.5، لكن سعر الصرف متاح لواردات القمح والأدوية والوقود فحسب.

لبنان يعاني ازمة سيولة وشحا في الدولار
لبنان يعاني ازمة سيولة وشحا في الدولار

ومع الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي أدى إلى تدهور غير مسبوق في قيمة الليرة، تآكلت القدرة الشرائية بسرعة لشرائح واسعة من اللبنانيين، ما جعل كثيرين عاجزين حتى عن ملء براداتهم بالخضار والألبان واللحوم.

لم تستثن تداعيات الانهيار وهو الأسوأ منذ عقود، أي فئة اجتماعية وانعكست موجة غلاء غير مسبوق، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ في الدولار الذي لامس سعر صرفه في السوق السوداء عتبة الستة آلاف ليرة، فيما السعر الرسمي لا يزال مثبتا عند 1507 ليرات.

وخسر عشرات آلاف اللبنانيين منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزءا من مداخيلهم جراء الأزمة التي دفعت مئات الآلاف للنزول إلى الشارع منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة.

وفاقمت تدابير الإغلاق العام التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد الوضع الاقتصادي والمعيشي سوءا.

التوتر لم يغادر الشارع اللبناني منذ اشهر مع تردي الوضع المعيشي وانهيار المقدرة الشرائية للمواطن
التوتر لم يغادر الشارع اللبناني منذ اشهر مع تردي الوضع المعيشي وانهيار المقدرة الشرائية للمواطن

وتسبّب ذلك بارتفاع معدل التضخم في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير وسجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا جنونيا تجاوز 72 بالمئة من الخريف حتى نهاية مايو/ايار، وفق جمعية حماية المستهلك غير الحكومية.

وجعلت الأزمة قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق البنك الدولي، مع توقّع خبراء اقتصاديين اضمحلال الطبقة الوسطى في بلد كان حتى الأمس القريب يُعرف باسم "سويسرا الشرق" ويشتهر بمرافقه وخدماته ومبادرات شعبه الخلاقة.

وبحسب عاملين في منظمات إغاثية ومتطوعين، فإن عائلات كثيرة كانت قادرة على تأمين قوتها اليومي باتت اليوم عاجزة عن تأمين أبسط المتطلبات من خبز وطعام ودواء مع خسارة أفرادها عملهم أو قدرتهم الشرائية.

وتأثر آلاف اللبنانيين في بيروت وجونية وجبيل وطرابلس شمالا وصيدا جنوبا بتداعيات الأزمة وبتدهور الليرة، فمن كان راتبه يعادل 700 دولار فيالصيف الماضي على سبيل المثال، بات اليوم بالكاد يعادل مئتي دولار.