بطارية هلامية تتمدد كالثعابين!
واشنطن – نجح باحثون بريطانيون في تصنيع بطارية هلامية قابلة للتمدد مستوحاة من ثعابين البحر، ما يشكل قفزة تقنية ستكون مفيدة بشكل خاص في الأجهزة الحيوية التي تزرع طبياً في الجسم.
ويستخدم ثعبان البحر الكهربائي خلايا عضلية معدلة تُعرف باسم الخلايا الكهربائية لتوليد صدمات كهربائية.
ومصدر هذه الصدمة مجموعات من الخلايا الشبيهة بالبطارية تكوّن حتى 80% تقريبا ًمن طول الجسم. هذه الخلايا التي تشبه الأقراص في شكلها، تكتسب مقداراً قليلاً من فرق الجهد بحدود عشر فولت من تنظيمها لتدفق أيونات الصوديوم والبوتاسيوم عبر أغشيتها. وبارتباط هذه الخلايا في مجموعات من آلاف الخلايا المفردة، يتكوّن ما يمثل نوعاً من بطارية سيارة طبيعية. يطلق الأنقليس شحنته عند تحديده لمفترس أو فريسة. وفي كل صدمة كهربائية يطلق حتى 0.5 كيلووات من الطاقة الكهربائية، وهي طاقة تكفي لأن تؤثر بقوة في الانسان.
وتحاكي المواد الشبيهة بالهلام التي طورها الفريق بقيادة يوسف حميد للكيمياء في جامعة كامبريدج إهذه الآلية الطبيعية، وذلك باستخدام هيكل متعدد الطبقات يشبه مكعبات الليغو اللزجة. يمكّن هذا التصميم المادة من توصيل تيار كهربائي بكفاءة.
يتم تصنيع هذه البطاريات من الهلاميات المائية، وهي عبارة عن شبكات ثلاثية الأبعاد من البوليمرات تتكون من أكثر من 60% من الماء.
يتم ربط البوليمرات الموجودة في هذه الهلاميات المائية من خلال تفاعلات عكسية، مما يسمح بالتحكم الدقيق في خواصها الميكانيكية. تعد إمكانية التحكم هذه ضرورية للتطبيقات في مجال الروبوتات الناعمة والإلكترونيات الحيوية، حيث تحتاج المواد إلى محاكاة خصائص الأنسجة البشرية.
يطرح إنشاء مادة شديدة التمدد وموصلة للغاية تحديات كبيرة. وأوضح ستيفن أونيل، المؤلف الأول للدراسة من قسم يوسف حميد للكيمياء في كامبريدج إنه "من الصعب تصميم مادة شديدة التمدد وموصلة للغاية؛ لأن هاتين الخاصيتين تتعارضان عادة مع بعضهما البعض".
وللتغلب على ذلك، قام الباحثون بشحن البوليمرات الموجودة في الهلاميات المائية لجعلها موصلة للكهرباء، واستخدموا الأملاح لجعل الهلاميات لزجة. سمح لهم هذا النهج بوضع طبقات من المواد الهلامية، وبالتالي زيادة إمكانات الطاقة. يتم تسهيل الالتصاق القوي بين طبقات الهلاميات المائية عن طريق جزيئات على شكل برميل تعمل مثل الأصفاد الجزيئية. تضمن هذه الروابط القابلة للعكس أن الطبقات تلتصق ببعضها البعض بقوة، وتحافظ على التوصيل الكهربائي حتى عند تمديدها.
يشكل تطوير الإلكترونيات الناعمة والمرنة حجر الزاوية في تقدم الأجهزة القابلة للارتداء، والروبوتات الناعمة، والأجهزة الطبية الحيوية أو الغرسات داخل الجسم.
إحدى أبرز ميزات هذه البطاريات الهلامية هي قدرتها على التمدد لأكثر من عشرة أضعاف طولها الأصلي دون المساس بالتوصيل الكهربائي. يعد هذا المزيج غير المسبوق من القابلية للتمدد والتوصيل الأول من نوعه في علوم المواد، ويمثل تقدماً تكنولوجياً كبيراً.
وقال البروفسور أورين شيرمان، مدير مختبر البوليمرات، إنه "مكن تخصيص الخواص الميكانيكية للهيدروجيلات بحيث تتطابق مع الأنسجة البشرية". تعني هذه القدرة على التكيف أن غرسات الهيدروجيل أقل عرضة لرفض الجسم أو التسبب في تكوين أنسجة ندبية، مقارنة بالغرسات المعدنية الصلبة.
بالإضافة إلى مرونتها، تظهر الهلاميات المائية صلابة مثيرة للإعجاب. يمكنها تحمل ضغط كبير دون أن تفقد شكلها، وتمتلك قدرات الشفاء الذاتي، مما يعزز ملاءمتها للتطبيقات الطبية.