بعد انهيار قيمتها، العملات المعدنية في لبنان تتحوّل إلى أساور وأقراط

يستخدم متجر أزياء في مدينة طرابلس بشمال لبنان عملات الليرة المعدنية في صناعة الحلي إذ نادرا ما يتم تداول القطع المعدنية في السوق وسط الانهيار المالي في البلاد

بيروت – يحتفظ أنطوان صعب صاحب محل بقالة بالعملات المعدنية على طريقته الخاصة. وقال إنه لم يعد يستخدمها في المعاملات التجارية لكنه يحتفظ بها في جرار لأطفاله وأحفاده للذكرى.
"بالنسبة لعملة الحجر، صار لنا خمسة ستة شهور وقفنا استعمالها، بس اللي معنا محتفظين فيهم، عندنا كمية لا بأس فيها محتفظين فيهم لولادنا وولاد ولادنا يعني يشوفوا كيف كانت العملة".
وأضاف "بالنسبة للعملة مش عم نعطيها للزبائن وحتى وقفنا نأخذها، شوف بقى يعمل فيهم الزبون يحطهم بجيبه، الألوف والعشرات والخمسات ما بقى لهم قيمة، خاصة بالدولار هلأ، محتفظين فيهم وعندنا شيء كمية شوف كيف حطينه، محتفظين فيهم وعندنا اثنين مثله".
ويستخدم متجر أزياء في مدينة طرابلس بشمال لبنان عملات الليرة المعدنية في صناعة الحلي إذ نادرا ما يتم تداول القطع المعدنية في السوق وسط الانهيار المالي في البلاد، وهو أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
العملات المعدنية من فئة 250 و500 ليرة، والتي كان يتم تداولها كثيرا من السابق وكانت قيمتها تصل إلى 16 و33 سنتا أمريكيا على الترتيب، تبلغ قيمتها الآن أقل من 0.01 دولار أمريكي، لكن ريما مولوي الصمد، صاحبة متجر الأزياء وصانعة الحلي نسرين دسوقي حفار، وجدتا طريقة للانتفاع بها.
وقالت نسرين "ما بقا فينا نشتري بس هي قيمتها بعدها عندنا كتير كبيرة ونحن ما بدنا هيدا الشيء يضيع".
وأضافت "هيدا قسم منا من حياتنا ما بدنا نكبها (نتخلص منها) ما بدنا ننساها".
تستخدم نسرين وريما العملات المعدنية في صنع الأساور والأقراط وسلاسل المفاتيح والأزرار وغيرها من الحلي. وقالت صاحبة متجر الأزياء إنها فخورة بتحويل تلك العملات المعدنية التي فقدت قيمتها إلى أشياء ذات قيمة.
وتحسرت ريما على ما حل بعملة بلدها قائلة "هذه 25 ليرة كانت حق البيت، أهلي اشتروا بيتهم هيك، يعني شيء بيحزن، بس كنا نقول على أيام أهالينا، هلا إحنا بظرف سنة، سنة ونصف، سنتين خسرنا قيمة مادية كتير كتير لعملتنا، فحبيت أدعمها إننا نعملها حلي ونلبسها".
وأضافت "لما بلشنا فيهم كان بعدهن موجودين بس هلا لو رحت على السوق أجيبهم بشتريهم بالوزن عم بيبيعوهم، مش موجودين بقى بالمحلات بس موجودين عند تجار بيبيعوهم نحاس ونيكل، ما بقوا موجودين".
ويُباع سوار بسيط مصنوع بعملة 250 ليرة لبنانية مقابل 150 ألف ليرة لبنانية (نحو 3.85 دولار بسعر السوق يوم الأربعاء 5 أكتوبر تشرين الأول).
وقالت ريما "الفكرة إنه هذه كانت تشتري زجاجة ماء، النهاردة لأ، ما بقى تشتري، أصلا بالمحلات ما بقوا موجودين، ما بقا فيه شيء إنه يردولك. قبل 750، مرة 250، ألف، مرات 500، هلا لا 250 ولا 500 ولا خمسة آلاف ولا عشرة آلاف، يعني تدهور سريع وإحنا عم ننكمش، قد ما فينا نحافظ".
وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95 بالمئة من قيمتها منذ انزلاق لبنان في أزمة مالية قبل ثلاث سنوات، ويتم تداول الدولار حاليا عند نحو 39 ألفا في السوق الموازية.