بغداد تلوح بمراجعة العلاقة مع واشنطن بدفع من إيران

عبدالمهدي والسيستاني والحلبوسي وفصائل الحشد تندد بالغارات الأميركية على حزب الله العراقي باعتبارها 'انتهاكا للسيادة" العراقية.

عبدالمهدي: الضربات الأميركية ستكون لها عواقب وخيمة
الغارات الأميركية على حزب الله تستنفر إيران وأذرعها في العراق
عصائب أهل الحق تدعو لمراجعة الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن
الحلبوسي يدعو لتوفير الحماية للبعثات الدبلوماسية في العراق
مخاوف من تحول العراق إلى ساحة حرب بالوكالة

بغداد - قال العراق اليوم الاثنين إن الضربات الجوية الأميركية على فصيل عراقي مسلح سيدفعه إلى مراجعة العلاقة وسياقات العمل مع التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية بقيادة الولايات المتحدة المتمركز بالعراق.

ووصف مجلس الأمن الوطني العراقي في بيان الضربات الجوية الأميركية بأنها انتهاك للسيادة، مضيفا أن القوات الأميركية اعتمدت على أولوياتها السياسية واستنتاجاتها الخاصة.

وقال المجلس إن حماية العراق ومعسكراته والقوات المتواجدة فيها مسؤولية قوات الأمن العراقية.

وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قد اتخذ قرارا أدمج بموجبه قوات الحشد الشعبي في القوات المسلحة العراقية لتوفير غطاء سياسي لحماية تلك الميليشيات الموالية لإيران.

وقد سارعت حكومة تصريف الأعمال العراقية وقوى سياسية ودينية بعضها موال لإيران، اليوم الاثنين الغارات الأميركية على مواقع لحزب الله العراقي أحد فصائل الحشد الشعبي، وسط مخاوف من تحول العراق إلى ساحة حرب بالوكالة، فيما تظاهر المئات من أنصار الحشد في البصرة تنديدا بالغارات الأميركية.

وندد رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي اليوم الاثنين بالضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة على عدة قواعد تابعة لجماعة حزب الله العراقي المسلحة والمدعومة من إيران. وقال إن الهجوم غير مقبول وستكون له عواقب وخيمة.

وذكر مكتب عبدالمهدي على صفحته الرسمية بفايسبوك "عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني اجتماعا طارئا تدارس فيه تداعيات الهجوم الذي شنته الطائرات الأميركية ضد القوات العراقية (لواء 45 و46 حشد) على الحدود العراقية السورية".

وتابع "وإذ تدين الحكومة العراقية هذا العمل وتعده خرقا لسيادة العراق وتجاوزا خطيرا على قواعد عمل قوات التحالف ومنها القوات الأميركية بالإنفراد بعمليات دون موافقة الحكومة العراقية، ناهيك أن هذه العملية استهدفت قوات عراقية ماسكة لجبهة مهمة على الحدود ضد فلول داعش الإرهابية، وهو ما يعرض أمن وسيادة العراق للخطر، ويهدد أيضا أمن الجميع دون استثناء".

كما أدان المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني الاثنين الغارات الأميركية على أحد فصائل الحشد الشعبي في محافظة الأنبار غربي البلاد، داعيا إلى احترام سيادة العراق.

وقال بيان منسوب إلى مصدر مسؤول في مكتب المرجع الديني نشر على موقع السيستاني على الانترنت إن "المرجعية الدينية العليا تدين هذا الاعتداء الآثم الذي استهدف جمعا من المقاتلين المنضوين في القوات العراقية الرسمية وأدّى إلى استشهاد وجرح عدد كبير منهم".

وأضاف البيان أن السيستاني "يشدد على ضرورة احترام السيادة العراقية وعدم خرقها بذريعة الردّ على ممارسات غير قانونية تقوم بها بعض الأطراف".

وتابع أن "السلطات الرسمية العراقية هي وحدها المعنية بالتعامل مع تلك الممارسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنعها وهي مدعوّة إلى ذلك وإلى العمل على عدم جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وتدخل الآخرين في شؤونه الداخلية".

ونادرا ما يصدر السيستاني تعليقات على تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية باستثناء أوقات الأزمات وتحظى مواقفه باحترام شريحة واسعة من العراقيين لا سيما الشيعة في وسط وجنوبي البلاد.

ودعا رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي اليوم الاثنين إلى حماية البعثات الدبلوماسية وقوات التحالف الدولي.

وأكد الحلبوسي في بيان على "ضرورة ضبط النفس والالتزام بتوفير الحماية للبعثات الدبلوماسية وقوات التحالف الدولي التي تتواجد على الأراضي العراقية".

وقال إن تلك البعثات موجودة "بطلب وموافقة من الحكومة"، مطالبا الجميع بتوحيد الجهود لإكمال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.

وطالب بأن "تكون جميع القوات تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة العراقية (رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي)"، في إشارة إلى فصائل الحشد الشعبي.

واستنكر الحلبوسي في بيانه الهجمات الأميركية التي وصفها بأنها اعتداء تعرضت له قطعات من الحشد الشعبي، معتبرا تلك الهجمات "انتهاكا لسيادة العراق".

ونفى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي أي دور لبلاده في الهجوم على القوات الأميركية الموجودة في العراق.

وقال ربيعي في تصريح لوكالة أنباء 'فارس نيوز' الإيرانية الاثنين "نعارض بشدة مزاعم وجود دور لإيران في الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق".

وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول تبرير هجماتها المخالفة للقوانين الدولية وقتلها للمدنيين، عبر مزاعم لا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أن واشنطن تعمل على خداع الرأي العام الدولي باعتبارها الهجوم على قوات الحشد الشعبي في العراق هي "عملية دفاعية".

وندد المتحدث باسم رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي وهو القائد العام للقوات المسلحة بـ"انتهاك السيادة العراقية".

واعتبرت جماعة عصائب أهل الحق التي جرى الإعلان في المدة الأخيرة عن عقوبات أميركية بحق قياديين فيها، أنّ "الوجود العسكري الأميركي صار عبئا على الدولة العراقية بل صار مصدرا لتهديد واعتداء على قواتنا المسلحة"، مضيفة في بيان "أصبح لزاما علينا جميعا التصدي لإخراجه بكل الطرق المشروعة".

ودعا النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي المدعوم من تحالف سائرون البرلماني الذي يحظى برعاية رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الحكومة إلى "اتخاذ التدابير اللازمة" لمواجهة الهجمات الأميركية، الأمر الذي طالبت به أيضا منظمة بدر أحد أبرز الفصائل المسلحة الموالية لإيران.

كما ندد العديد من النواب بالاتفاق العراقي-الأميركي الذي يسمح بوجود قوات أميركية في البلاد.

وفي بيروت أعرب حزب الله اللبناني عن استنكاره لما وصفه بـ"عدوان أميركي وحشي وغادر"، معتبرا أنه "اعتداء سافر على سيادة العراق وأمنه واستقراره وعلى الشعب العراقي". وفي المقابل رحبت البحرين حليفة واشنطن في الخليج بالضربات الأميركية.

وتثير الهجمات على مصالح أميركية وأخرى على قواعد تابعة لفصائل موالية لطهران، خشية المسؤولين العراقيين الذين يحذرون منذ أشهر من أن يلجأ حليفاهما: الولايات المتحدة وإيران، إلى استخدام الميدان العراقي ساحة مواجهة.

الهجمات على مصالح أميركية وأخرى على قواعد لفصائل موالية لطهران تثير مخاوف منذ أشهر من أن تلجأ واشنطن وطهران إلى استخدام الميدان العراقي ساحة مواجهة

وكانت الولايات المتحدة قد شنت ضربات جوية على كتائب حزب الله العراقي وهي أحد فصائل الحشد الشعبي في محافظة الأنبار غربي العراق، ما أدى إلى مقتل 28 مقاتلا من الكتائب وإصابة 48 آخرين بجروح.

واتّهمت واشنطن الاثنين السلطات العراقية بأنها لم تبذل الجهود اللازمة من أجل "حماية" مصالح الولايات المتحدة وذلك غداة ضربات أميركية أثارت موجة تنديد في العراق.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين في واشنطن "لقد حذّرنا الحكومة العراقية مرارا وتشاركنا معها المعلومات لمحاولة العمل معها للاضطلاع بمسؤوليتها عن حمايتنا بصفتنا ضيوفا".

وذكّر المسؤول بأن الجيش الأميركي والدبلوماسيين الأميركيين يتواجدون في العراق "بدعوة من الحكومة العراقية"، مضيفا أن "من مسؤوليتها وواجبها أن تحمينا. وهي لم تتّخذ الخطوات المناسبة لذلك".

ويتهم مسؤولون أميركيون إيران عبر وكلائها من الفصائل الشيعية العراقية بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنودا ودبلوماسيين أميركيين في العراق وهو ما تنفيه طهران.

ويتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران وهما حليفتين لبغداد وسط مخاوف من تحول العراق إلى ساحة صراع بين الدولتين.

القواعد الأميركية في العراق تعرضت لهجمات تعتقد واشنطن أن ميليشيات عراقية موالية لإيران هي من نفذتها
القواعد الأميركية في العراق تعرضت لهجمات تعتقد واشنطن أن ميليشيات عراقية موالية لإيران هي من نفذتها

وينتشر نحو خمسة آلاف جندي أميركي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي.

ومنذ 28 أكتوبر/تشرين الأول تم تسجيل 11 هجوما على قواعد عسكرية عراقية تضم جنودا أو دبلوماسيين أميركيين، وصولا إلى استهداف السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة الخضراء المحصنة أمنيا في بغداد.

وأسفرت أول عشرة هجمات عن سقوط قتيل وإصابات عدة في صفوف الجنود العراقيين، إضافة إلى أضرار مادية، غير أنّ هجوم الجمعة مثّل نقطة تحوّل، إذ قتل فيه متعاقد أميركي وكانت المرة الأولى التي تسقط فيها 36 قذيفة على قاعدة واحدة يتواجد فيها جنود أميركيون، وفق مصدر أميركي.

وتزامنت الضربات الأميركية مع استمرار الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها بغداد وغالبية مدن جنوب البلاد. ويطالب المحتجون بـ"تفكيك النظام" السياسي الذي أرسته الولايات المتحدة بعد غزو العراق عام 2003.

وتعرضت الاحتجاجات منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، لقمع واسع أدى إلى مقتل نحو 460 شخصا وإصابة نحو 25 ألفا، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين.

وتدفع إيران، منذ استقالة عبدالمهدي قبل شهر لتسمية خلف له يكون مواليا لها، فيما هدد الرئيس العراقي برهم صالح الخميس بالاستقالة معلنا رفضه مرشح قدمه تحالف موال لإيران لمنصب رئيس الوزراء إلى البرلمان، لكن ذلك ينذر بتعميق الأزمة السياسية في البلاد خصوصا مع تنامي نفوذ الجارة إيران.

وكانت آخر تداعيات الاحتجاجات إغلاق حقل الناصرية النفطي جنوب البلاد يومي السبت والأحد والذي يبلغ إنتاجه مئة ألف برميل في اليوم ، قبل أن يستأنف العمل فيه الاثنين، وفقا لمصادر نفطية محلية.