بلاغات أمنية مزيّفة تستهدف شخصيات أميركية على مشارف الانتخابات

موجة خدع هاتفية تحيي المخاوف بشأن إجراء التصويت في سياق سياسي شديد الاستقطاب،

واشنطن - وقع قضاة ومسؤولون سياسيون أميركيون وانتخابيون من كلا جانبي الطيف السياسي الأميركي ضحايا لمكالمات هاتفية مزيفة تقوم على اتصال أفراد بقوات الأمن للإبلاغ عن جريمة عنف مختلقة، بهدف استدعاء تدخل للشرطة في منزل الشخص المستهدف.

أيقظ عناصر من الشرطة مدججون بالأسلحة ريك ويلسون من نومه في منتصف الليل... لكنّ ما حدث مع هذا المستشار السياسي الأميركي ليس سوى نتيجة أحد المقالب الكثيرة التي تنتشر على نطاق واسع في الولايات المتحدة خلال هذا العام الانتخابي المشحون.

وقال ريك ويلسون، الخبير الاستراتيجي السابق في الحزب الجمهوري وأحد مؤسسي ائتلاف "لينكولن بروجكت" للجمهوريين المعارضين لدونالد ترامب "يصعب تقبّل رؤية عشرات الشرطيين حول المنزل يحملون بنادق نصف آلية، ويطرقون الباب في الثالثة صباحا".

وسبق لويلسون أن تعرّض لمثل هذه المقالب السيئة، إذ اضطُرّ للخروج من منزله في فلوريدا ويداه مرفوعتان في الهواء. وقال للشرطة "أنا ضحية خدعة!".

وعرض المستشار مكافأة قدرها 25 ألف دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى تحديد الجهة (أو الجهات) التي أجرت المكالمة، من دون أن تكون لديه أيّ ترجيحات حيال هويتها. لكنه يؤكد أن هدف هؤلاء الأفراد واضح وهو "التسبب في قتل الناس".

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني، والتي ستشهد على الأرجح مواجهة جديدة بين جو بايدن ودونالد ترامب، أحيت هذه الخدع الخبيثة المخاوف بشأن إجراء التصويت في سياق سياسي شديد الاستقطاب، وتحت تهديد التدخل الأجنبي وكذلك حملات التضليل الإعلامي.

وتبدو هذه المخاوف مبررة، خصوصاً في ظل وجود أسلوب عمل موحد في هذه العمليات، ما يثير مخاوف من عملية منسّقة ضد المسؤولين السياسيين. ويقوم هذا الأسلوب على اتصال شخص ما بخدمات الطوارئ "للاعتراف" بقتل شريكته والإبلاغ عن نيته الانتحار. ويكفي ذلك لدفع قوات الأمن إلى إرسال وحدات تدخل مدججة بالسلاح.

وقالت الشرطة الفدرالية "اف بي آي" إنها سجلت 600 حادث من هذا النوع في جميع أنحاء البلاد في عام 2023. وظهرت هذه الظاهرة، التي تبدو حالياً "في ازدياد"، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واستُخدمت في البداية لمضايقة المشاهير، أو بين المتنافسين في الألعاب الإلكترونية.

ومن بين المستهدفين في الأشهر الأخيرة خصوصاً تانيا تشوتكان، القاضية التي ستترأس جلسات الاستماع في المحاكمة الفدرالية لدونالد ترامب بدعوى محاولات غير قانونية مفترضة لإلغاء نتيجة انتخابات 2020. وكذلك المدعي العام جاك سميث، الذي يشرف على الملاحقات القضائية التي بدأت ضد الرئيس السابق في قضيتين وأيضاً النائبة المؤيدة لترامب مارجوري تايلور غرين وغابرييل ستيرلينغ، المسؤول عن إجراء الانتخابات في ولاية جورجيا التي تحمل أهمية كبيرة في السباق الرئاسي.

كما أن جورجيا من الولايات الأميركية الساعية إلى تشديد العقوبات المفروضة على مرتكبي هذه الجرائم. وقدّم برلمانيون في فلوريدا مشروع قانون في يناير/كانون الثاني ينص على السجن لمدة تصل إلى 20 عاماً في حالة إصابة الضحية بجروح خطرة أثناء تدخل الشرطة.

وأُطلقت هذه المبادرة بعد أن وقع السيناتور الجمهوري عن فلوريدا ريك سكوت نفسه ضحية لمثل هذه الخدع، لكن في الواقع، نادراً ما يجري التعرف على المسؤولين عن هذه الجرائم وتوقيفهم. وبحسب الخبراء، فإنهم يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي لتقليد الأصوات أو تقنيات تشفير لطمس أي أثر لهم.

وقال جاستن سميث، العضو في لجنة الانتخابات الآمنة والمأمونة، وهي منظمة تهدف إلى حماية الناخبين ومسؤولي الانتخابات من التهديدات والضغوط، إن "تعقب هؤلاء الأفراد أمر صعب للغاية".

ولذلك، يشجع هذا الشرطي المتقاعد مسؤولي الانتخابات على إبلاغ سلطات إنفاذ القانون بمكان إقامتهم من أجل الحد من مخاطر مثل هذه الخدع.