بلينكن في جولة بالشرق الأوسط على وقع توتر بين أميركا وإسرائيل

وزير الخارجية الأميركي لم يعلن عن زيارة لإسرائيل في بداية الرحلة على غير العادة.
حماس تصف رد إسرائيل على مقترحها بـ"السلبي"
نتنياهو يجدد استعداد الجيش لاجتياح رفح
ديموقراطيون في مجلس الشيوخ يطالبون بمسعى أميركي جريء لإقامة دولة فلسطينية

القدس - بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مهمة في الشرق الأوسط اليوم الأربعاء مع ظهور توتر في العلاقات بين إدارة الرئيس جو بايدن وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وحل بلينكن في جدة غرب السعودية، على أن يزور الخميس مصر والجمعة إسرائيل. وفي غزة حيث تبددت الآمال في وقف إطلاق نار مع دخول شهر رمضان الذي بدأ الأسبوع الماضي، تحدث سكان مدينة غزة في شمال القطاع عن أعنف قتال منذ شهور حول مجمع الشفاء الطبي.

وقالت إسرائيل إنها قتلت 90 مسلحا في معركة متواصلة هناك لليوم الثالث على التوالي، فيما نفت حماس وجود مقاتلين وقالت إن القتلى في المستشفى مدنيون.

وعلى غير العادة، لم يعلن وزير الخارجية الأميركي عن زيارة لإسرائيل في بداية الرحلة، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية الثلاثاء إنه لم يتم إخطارها للاستعداد لذلك. وزار بلينكن الدولة العبرية في كل من زياراته الخمس السابقة للمنطقة منذ بدء الحرب.

وشهدت الأيام القليلة الماضية تصاعد القتال في الأجزاء الشمالية من غزة التي استولت عليها القوات الإسرائيلية في وقت مبكر من الحرب، بما في ذلك مجمع الشفاء الطبي الذي كان في السابق أكبر مستشفى في القطاع، وهو الآن واحد من مستشفيات قليلة تعمل ولو بشكل جزئي في الشمال.

وقالت أمل (27 عاما) التي تعيش على بعد كيلومتر واحد من المجمع عبر تطبيق تراسل "نعيش ظروفا مروعة مماثلة لما كانت عليه عندما داهمت القوات الإسرائيلية مدينة غزة لأول مرة، أصوات الانفجارات والقصف الإسرائيلي للمنازل بلا توقف".

وأكثر من مليون من سكان غزة، الذين أمرتهم القوات الإسرائيلية المتوغلة بالنزوح إلى رفح في وقت سابق من الحرب، ليس لديهم مكان آخر يفرون إليه. وتقول إسرائيل إن لديها خطة لإجلائهم.

والتوتر العلني بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو ليس له سابقة تذكر تقريبا في تاريخ إسرائيل إذ تعد الولايات المتحدة حليفتها الوثيقة منذ إعلان قيام دولتها في عام 1948. وفي الأسبوع الماضي، دعا تشاك شومر زعيم كتلة الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن في مجلس الشيوخ وأعلى مسؤول يهودي أمريكي منتخب، الإسرائيليين إلى استبدال نتنياهو. ووصف بايدن ذلك بأنه "خطاب جيد".

وأعلنت حماس الأربعاء أنها تلقت ردّا إسرائيليا "سلبيا" على مقترحها بهدنة لستة أسابيع وقال القيادي في الحركة أسامة حمدان في مؤتمر صحافي في بيروت "نقل لنا الإخوة الوسطاء مساء الثلاثاء موقف الاحتلال من المقترح الذي سلمته الحركة مساء الخميس 14 آذار/مارس وهو ردّ سلبي بشكل عام ويتراجع عن موافقات قدمها سابقاً للوسطاء ونقلت إلينا عبرهم".

وأضاف "تراجع الاحتلال عن موافقات قدمها للوسطاء سابقا إمعانا في المماطلة، ما قد يوصل المفاوضات لطريق مسدود".

واستؤنفت محادثات وقف إطلاق النار المستمرة منذ فترة طويلة هذا الأسبوع في قطر بعدما رفضت إسرائيل اقتراحا مضادا من حماس الأسبوع الماضي. وناقش الجانبان هدنة مدتها نحو ستة أسابيع تفرج خلالها حماس عن نحو 40 رهينة مقابل إطلاق سراح مئات المحتجزين الفلسطينيين.

والمحادثات مستمرة منذ أشهر بوساطة من الولايات المتحدة ومصر وقطر، لكن لا تزال هناك خلافات بشأن مرحلة ما بعد الهدنة. وتقول حماس إنها لن تطلق سراح الرهائن إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها ستناقش هدنة مؤقتة فقط.

وحذر المرصد الدولي للجوع الذي تعتمد عليه الأمم المتحدة هذا الأسبوع من موت أعداد كبيرة بسبب المجاعة في غزة إذا لم يُعلن وقف إطلاق النار فورا. وتقول إسرائيل إنها تسمح بدخول المواد الغذائية عبر المزيد من الطرق البرية والبحرية والجوية وتلقي بمسؤولية عدم توزيعها على وكالات الإغاثة. وتقول الوكالات إنه يتعين على إسرائيل أن توفر سبلا أفضل لوصول وتأمين المساعدات.

وتقول إسرائيل إنها شنت عملية على مجمع الشفاء الطبي لأن مقاتلي حماس أعادوا تجميع صفوفهم هناك. وأعلن الجيش اليوم الأربعاء أن قواته قتلت 90 مسلحا في المستشفى واحتجزت 160. وقُتل جنديان إسرائيليان.

وأضاف الجيش "خلال اليوم الماضي، قضت القوات على إرهابيين وعثرت على أسلحة في منطقة المستشفى، بينما منعت إلحاق الأذى بالمدنيين والمرضى والفرق الطبية والمعدات الطبية". ونشر مقطع فيديو لجندي يقوم بتفكيك بندقية عثر عليها في قطعة قماش في خزانة مكتب المستشفى.

واعترفت حماس بمقتل قائد كبير في الشرطة في المستشفى يوم الاثنين لكنها تقول إنه كان مسؤولا عن الأمن المدني وليس عضوا في جناحها المسلح. وتشير إلى أن القتلى من المرضى والمدنيين الذين احتموا في المستشفى.

وردا على سؤال حول زعم إسرائيل أنها قتلت 90 مسلحا، قال باسم نعيم القيادي الكبير في حماس "في إطار تجارب سابقة فإعلام الاحتلال ثبت كذبه في كل مرة، حيث دمر المستشفيات وقتل الطواقم الطبية والطواقم الإعلامية والنازحين ثم ادعى أنه قتل مسلحين"، مضيفا "ما يحدث في الشفاء جريمة حرب جديدة في إطار جريمة الإبادة الجماعية".

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأربعاء أن جيش بلاده يستعد لبدء العملية العسكرية البرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة والمكتظة بالنازحين، لكنه لفت إلى أن ذلك سيستغرق بعض الوقت.
وقال في كلمة متلفزة لنتنياهو بثها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس "في بداية الحرب اتفقنا مع بايدن) على ضرورة القضاء على حماس وخلال الحرب، لم يكن الأمر سرا، فقد كانت لدينا اختلافات في الرأي حول أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف".
ومضى قائلا "في بداية الحرب قلت للرئيس الأميركي من المستحيل هزيمة حماس دون دخول الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة". وأشار إلى أنه في المحادثة الأخيرة أبلغ بايدن أنه "من المستحيل إكمال النصر دون دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح وذلك من أجل القضاء على بقية كتائب حماس، وهذا ما سنفعله هذه المرة أيضا".
وأضاف "لقد وافقت بالفعل على خطة الجيش الإسرائيلي العملياتية لدخول رفح وسنوافق قريبا أيضا على خطة إجلاء السكان المدنيين من مناطق القتال هناك".
واستطرد نتنياهو  "الرئيس بايدن الذي أقدر دعمه، طلب أن يُقدم لنا مقترحات رجاله سواء في المجال الإنساني أو في قضايا أخرى".
وكانت العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة، طلبت من إسرائيل عدم القيام بأي عمل عسكري في رفح دون ضمان إخلاء آمن لأكثر من مليون مدني فلسطيني نزحوا إلى هناك.
وعلى هذا النحو، أكد نتنياهو أكد في كلمته المتلفزة، على أنه سيقوم في كل الأحوال بما هو ضروري لأمن بلاده، في إشارة إلى إصراره على اجتياح رفح برا.

وتابع "كانت هناك أوقات اتفقنا فيها مع أصدقائنا، وكانت هناك أوقات لم نتفق معهم فيها. وفي النهاية، قمنا دائما بما هو ضروري لأمننا، وهو ما سنفعله هذه المرة أيضا".
واستدرك "بينما نستعد لدخول رفح وهو ما سيستغرق بعض الوقت فإننا نواصل العمل بكل ما أوتينا من قوة. ونواصل العمل في مدينة خان يونس (جنوبي القطاع)، وفي معسكرات وسط القطاع، من أجل القضاء على كبار مسؤولي حماس واعتقالهم كما فعلنا الآن في (مستشفى) الشفاء عبر القضاء على عدة مئات من المخربين"، على حد وصفه.
وختم نتنياهو كلمته مخاطبا مواطني بلاده بقوله "كما وعدتكم مرارا وتكرارا، نحن مصممون على تحقيق النصر المطلق، وسنحققه".

وذكر موقع "بانشبول نيوز" الإلكتروني اليوم الأربعاء أن زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر رفض طلب نتنياهو التحدث أمام تكتل الديمقراطيين بالمجلس، قائلا إن هذه المحادثات ينبغي ألا تجري "بأسلوب حزبي".

ودعا أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين إدارة الرئيس جو بايدن لاتخاذ خطوة "جريئة" نحو إقامة دولة فلسطينية وذلك في موقف متشدد جديد تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

وتأتي الرسالة الموجهة لبايدن بعد أيام على إحداث شومر صدمة بخطاب انتقد فيه إدارة نتانياهو للحرب في غزة داعيا لإجراء انتخابات جديدة في إسرائيل.

وقال 19 سِناتورا ديموقراطيا يتقدمهم توم كاربر، حليف بايدن ومن ولاية ديلاوير مسقط رأس الرئيس، في الرسالة إن أزمة الشرق الأوسط "بلغت نقطة انعطاف" تتطلب قيادة أميركية تتجاوز "تسهيل" محادثات إسرائيلية فلسطينية.

وأضافوا "لذا نطلب من إدارة بايدن أن تضع على الفور إطارا عاما جريئا يحدد الخطوات اللازمة" لإقامة دولة فلسطينية على كل من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، على ما جاء في الرسالة.

وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن دولة فلسطينية مستقلة ستكون "غير مسلحة"، وهو مصطلح تبناه الرئيس الأسبق بيل كلينتون في مسعاه لتحقيق السلام قبل عقدين، وستعترف بإسرائيل وتنبذ حركة حماس، التي أطلق هجومها غير المسبوق في 7 تشرين الأول/أكتوبر داخل إسرائيل شرارة العملية العسكرية الواسعة في قطاع غزة.

وأظهرت مذكرة لوزارة الخارجية المصرية أن وزراء خارجية مصر والسعودية وقطر والأردن ووزيرة التعاون الدولي الإماراتية ومسؤول فلسطيني كبير سيجتمعون الخميس مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في القاهرة.