بنكيران ينتهك قانون التبرعات تحت وطأة أزمة 'البيجيدي' المالية
الرباط – يواجه عبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي "البيجيدي" اتهامات بخرق القانون رقم 18.18 المتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم، على خلفية دعوة حث فيها منخرطيه والمتعاطفين معه على المساهمة في تغطية تكاليف عقد المؤتمر الوطني التاسع للحزب المبرمج نهاية الأسبوع الجاري، فيما يعكس ذلك مزيدا من التحديات للبيجيدي الذي تتالت داخله الانشقاقات وتراجعت قاعدة أنصاره منذ هزيمته المدوية في انتخابات 2021 التي أخرجته من الحكم من الباب الصغير.
وتأتي هذه الاتهامات لتؤكّد تفاقم الأزمة المالية للحزب الإسلامي في ظل امتناع الأعضاء وشق من الأنصار عن دفع معلوم الاشتراك، مما أربك قيادته ودفعت ببنكيران الى الوقوع في فخ التناقضات وانتهاك القانون.
ووصف مراقبون حملة حزب العدالة والتنمية لجمع التبرعات بأنها خطوة سياسية غير مسبوقة لحزب عريق قاد الحكومة لعشر سنوات، فيما اعتبرها آخرون انعكاسا لحضوره السياسي وانهيارا في بنية تمويله الذاتي الذي يحاول مداراته بخطاب عاطفي ممزوج بالدين والوطنية.
ولم يخفي الأمين العام للبيجيدي انزعاجه من تأخر وزارة الداخلية في صرف الدعم المالي المخصص للحزب لتنظيم مؤتمره والتي تصل إلى 130 مليون سنتيم، فيما حث، في كلمة مصوّرة نشرها عبر حسابه على فيسبوك، القواعد خاصة منهم التجار والفلاحين على المساهمة المادية والتضحية من أجل نجاح الحدث المقرر تنظيمه بعد أيام، معتبرا الأمر "انفاقا في سبيل الله".
وتصدى المشرع المغربي لمحاولات استغلال العمل الخيري والتبرعات داخل الأحزاب السياسية في تمويل حملاتها الانتخابية أو لأغراض دعائية، عبر مجموعة من التدابير والقوانين الصارمة، حيث حدد القانون رقم 18.18 المتعلق بتنظيم عمليات دعوة العموم إلى التبرع وتوزيع المساعدات لدوافع خيرية، الإجراءات اللازمة للحصول على ترخيص لجمع هذه التبرعات من الجمهور، وقواعد تنظيم الاشراف عليها وأوجه استخدامها أو توزيعها، بهدف تحقيق الشفافية وحماية المتبرعين وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.
ونص هذا القانون على العقوبات التي تسلط على المخالفين لأحكامه وتشمل عمليات جمع التبرعات الخاضعة لنصوص تنظيمية خاصة كالأوقاف أو المشاريع المرتبطة بالبحث العلمي أو التعليم والتي تربطها اتفاقيات رسمية مع جهات مانحة، الى جانب العمليات التقليدية أو العرفية التي لا تستعمل وسائل عامة للدعوة.
وكان مجلس الحكومة قد صادق أواخر مارس/آذار على مشروع مرسوم لتطبيق القانون 18.18، يوضح الإجراءات التنفيذية لتفعيل مقتضياته، والذي قدمه وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، بينما اعتبره خبراء نقلة نوعية في تنظيم عمليات جمع التبرعات وتوزيع المساعدات، حيث أبرزت الحاجة إلى تأطير أكثر صرامة للعمل الإنساني، وأنه لا يقتصر على وضع آليات للترخيص والمراقبة، بل يتجاوز ذلك إلى مكافحة أي استغلال للتبرعات لأغراض سياسية أو انتخابية.
ويعيش البيجيدي حالة من التخبط والتصدّع في ظل خلافات بين عدد من أعضاء الصف الأول في الحزب والقيادة الحالية على خلفية مطالبتهم بتجديد القيادة وضخ دماء جديدة تكون قادرة على مواكبة التحديات والمتغيرات، بسبب مواقف بنكيران وتفرده بالقرار والتي لا تخدم مصلحة الحزب بقدر ما تخدم مصالحه الشخصية وبقائه في دائرة الضوء.
ويرى منتقدوه أن الضجيج الذي يثيره في كل مناسبة يضعف الحزب لا غير، بل من شأنه أن يقلل من حظوظه في العودة إلى المشهد السياسي، خاصة بعد عجز القيادة عن إيجاد حلول للهشاشة التنظيمية والهكيلية التي هزت صورته عند أنصاره.