بن صالح المطالب بالاستقالة يدعو 100 شخصية جزائرية لجلسة حوار

الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح يوجه دعوات للطبقة السياسية من أجل "لقاء جماعي تشاوري" حول الوضع السياسي الراهن في البلاد، وسط تزايد مطالب المحتجين برحيله باعتباره أحد رموز نظام بوتفليقة.
استقالة الطيب بلعيز غير كافية لتهدئة الاحتجاجات
بن صالح يوجه دعوات لـ 100 شخصية وطنية للمشاركة في الحوار

الجزائر - وجهت الرئاسة الجزائرية، الخميس، دعوات لأحزاب وشخصيات ومنظمات، من أجل المشاركة في جلسة حوار جماعية، لبحث سبل تجاوز الأزمة التي تشهدها البلاد.

وقالت قناة النهار الخاصة والمقربة من الرئاسة، أن الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح وجه دعوات لـ 100 شخصية وطنية، للتشاور وتوفير أجواء شفافة؛ الإثنين المقبل، تحضيرا لانتخابات الرئاسة المزمعة في 4 يوليو/ تموز المقبل.
وأوضحت أن الدعوات "وُجهت لكل الأحزاب السياسية الناشطة على الساحة وللجمعيات الناشطة عبر الوطن، كما يحضرها خبراء وشخصيات مختصة في القانون الدستوري". 
وفي وقت سابق، أعلن بيان للرئاسة أن الرئيس المؤقت استقبل ثلاثة شخصيات في إطار "المساعي التشاورية التي ينتهجها رئيس الدولة لمعالجة الأوضاع السياسية في البلاد". 
وحسب البيان، فإن تلك الشخصيات، هي عبدالعزيز زياري رئيس البرلمان السابق، وعبدالعزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل (وسط) مرشح الرئاسة السابق، إلى جانب المحامي ميلود براهيمي.
والأربعاء، أعلن عبدالوهاب بن زعيم النائب عن الحزب الحاكم بمجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) عن نية السلطات إطلاق حوار حول الأزمة الراهنة. 
وفور توليه منصب الرئيس المؤقت للبلاد بعد استقالة بوتفليقة، وقع بن صالح مرسوما حدد بموجبه تاريخ انتخابات الرئاسة في الرابع من يوليو، تماشيا مع نص دستوري يحدد موعد الّانتخابات خلال 90 يوما بعد استقالة رئيس الجمهورية. 
ولاقت الدعوة إلى الانتخابات رفضا لدى المعارضة وأبرز وجوه الحراك الشعبي، بدعوى أن الظروف غير مواتية لتنظيمها، وأن الشارع يرفض إشراف رموز نظام بوتفليقة عليها.

ويطالب المحتجون باستقالة "الباءات الثلاثة" وهم عبدالقادر بن صالح، رئيس الدولة الانتقالي، ورئيس الوزراء نورالدين بدوي، والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري الذي قدم استقالته الثلاثاء، لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافياً لتهدئة الاحتجاجات التي ما زالت تصر على رحيل كل رموز النظام الحاكم.

وكان بلعيز الذي شغل منصب رئيس المجلس الدستوري للمرة الثانية ووزيرا للعدل والداخلية لفترة طويلة، وفيا لبوتفليقة. وعندما استلم مهامه في شباط/فبراير وأدى اليمين كرئيس جديد لأعلى هيئة قضائية مكلفة مراقبة احترام الدستور، أقسم بالولاء لرئيس الدولة.

وقال حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث في العالمين العربي والمتوسطي في جنيف "كان بلعيز شخصية محورية في الصرح السياسي والمؤسساتي الذي أنشأه بوتفليقة لإغلاق النظام السياسي الجزائري".

الجزائر

وفي عام 2013، بينما تم نقل بوتفليقة إلى المستشفى في باريس لمدة 80 يومًا بسبب جلطة في الدماغ، ثم مرة أخرى في آذار/مارس، تجاهل طلبات بدء الإجراء لعزل الرئيس بسبب "المانع الصحي"، فهو كرئيس للمجلس الدستوري كان الوحيد القادر على القيام بذلك.

وباعتباره وزيرا للداخلية نظم الانتخابات الرئاسية عام 2014 التي فاز بها بوتفليقة في الجولة الأولى بحصوله على 81 بالمئة من الأصوات رغم أنه لم يظهر طوال الحملة الانتخابية.

لذا، كان الأمر محسوما لدى المحتجين بعدم قبول شخص مثله لتسيير الهيئة المكلفة بالتحقق من صحة الترشيحات ومراقبة الانتخابات الرئاسية التي ستختار خليفة بوتفليقة.

ورغم أن بلعيز لا يمكن تنحيته نظريًا، فإن بعض المراقبين يعزون رحيله إلى الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الذي أصبح بحكم الأمر الواقع الرجل القوي في الجزائر منذ استقالة بوتفليقة.

وبما أنه ينتمي إلى الفريق المقرب من بوتفليقة الذي دخل في نزاع مع قايد صالح، يمكن أن يكون بلعيز دفع ثمن رفضه في نهاية شهر آذار/مارس اتخاذ إجراء دستوري لإعلان "حالة المانع" لرئيس الدولة بناء على اقتراح الجيش.

وقال عبيدي "كان بلعيز في وضع غير مريح (…) فضغوط الشارع ونفاد صبر الجيش نالا منه".

ويسمح رحيله أيضًا للفريق قايد صالح الذي يستهدفه المتظاهرون أيضا، بإعطاء الانطباع بأنه يستمع إلى مطالبهم.

وتبقى أسباب رحيل بلعيز "مجرد تفصيل بسيط" بحسب محمد هناد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، حيث يعتبر ذلك "قربانا" للشعب "لتهدئة غضبه" الذي بدأ في 22 شباط/فبراير.

ويتقلد رئيس المجلس الدستوري منصب رئيس الدولة بالوكالة في حالة اقتران شغور منصبه مع منصب رئيس مجلس الأمة، وهي الحالة المتوقعة إذا استقال عبدالقادر بن صالح كما يطالب المحتجون.

ويبدو أن رحيل بلعيز يؤكد أن المحتجين يحصلون على تنازل أو سقوط رأس جديد بعد كل يوم جمعة من التظاهرات.

لكن ذلك يبقى بعيدا عن تلبية الطلب برحيل جميع شخصيات نظام بوتفليقة، وقيام مؤسسات تتولى المرحلة الانتقالية.

ويعتبر عدد كبير من الجزائريين، حكومة نورالدين بدوي فاقدة للشرعية، لأنها "غير معترف بها شعبيًا"، ومن بقايا نظام بوتفليقة. 

في المقابل يصطدم تغيير الحكومة الحالية بعائق دستوري، يتعلق بالصلاحيات المحددة لرئيس الدولة بالنيابة، الذي لا يمكنه إقالة الحكومة القائمة استنادًا لنص "المادة 104" من الدستور. 
لكن المواطنين يطالبون بالامتثال لرغبتهم، استنادًا لنص المادة 07، التي تقول "إن الشعب مصدر كل السطات".
وقال بوجمعة صويلح، الخبير في القانون الدستوري، إن الظروف الحالية غير مواتية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في 04 يوليو/تموز المقبل. 
وأوضح صويلح أن "سلمية المسيرات يقابلها نوع من التهلهل والتململ من جانب السلطات، التي هرولت بنوع من التسرع لإجراء هذه الانتخابات، في ظروف غير مواتية".
وأضاف أن "الانتخابات الرئاسية تتطلّب جو من الإصغاء والحوار".
وأشار صويلح إلى أن صناع القرار مطالبون "بالاستجابة للرأي العام الوطني وإجراء تغييرات مقبولة شعبيًا داخل مؤسسات الدولة".
ومع إعلان نادي القضاة الجزائريين الأحرار، السبت، رفضه الإشراف على مراقبة الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو/تموز المقبل، دعما للحراك الشعبي، أصبح الأمر أكثر تعقيدا.
من جانبهم، أعلن عدد من رؤساء البلديات، المقاطعة الشاملة للانتخابات الرئاسية المقبلة، تأكيدًا لموقفهم "الداعم للإرادة الشعبية".

كما اعن بعض السياسيين رفضهم الترشح للانتخابات التي دعا إليها بن صالح.