بوسع كورونا تحريض الجسم ليهاجم نفسه!

دراسة أميركية حديثة تؤكد ان الفيروس المستجد قادر على تشويش الجهاز المناعي وخداعه بحيث يهاجم الجسم بدل حمايته، ما يفضي فضلا عن تدمير الرئتين لمضاعفات تشمل التهاب المفاصل الصدفي والتهاب العضلات المناعي.
الفيروس يدفع الجسم إلى مهاجمة نفسه، وربما يستمر ذلك إلى فترة طويلة

واشنطن – بعد ثبوت اثار مرض كوفيد-19 على الدماغ والقلب وحتى البنكرياس اصبح من الواضح ان كورونا المستجد يتغلغل أبعد كثيرا من الرئة كما كان الباحثون يعتقدون خلال الموجة الاولى للتفشي، وهو ما دعمته دراسة جديدة وجدت ان الوباء قادر على تشويش قدرات الجهاز المناعي وخداعه بحيث يهاجم الجسم بدل حمايته.

وقال باحثون أميركيون من جامعة نورث وسترن في دراسة نشرت في دورية "أشعة الهيكل العظمي" العلمية ان فيروس كورونا قد يؤدي إلى مضاعفات تشمل التهاب المفاصل الصدفي والتهاب العضلات المناعي، وهو عارض نادر ينجم عن نشاط مفرط لجهاز المناعة البشري.

وتقدم الدراسة نظرة جديدة إلى بعض الأعراض الغامضة التي يسببه المرض، إذ تقول إنه يمكن أن يدفع جهاز المناعة نحو إطلاق "نيران صديقة"، أي عن طريق الخطأ، وهو ما كان يشتبه الأطباء بوجوده.

واستعانت الدراسة بسلسلة فحوص بتصوير مقطعي وآخر بالرنين المغناطيسي، لفك الأوجاع والتورمات التي قد تكون مرتبطة بالمرض.

لا يشبه شيئا مما رأيناه في المستقبل، خاصة لاتساع نطاق هذه الأعراض

يقول الأكاديمي في جامعة نورث وسترن والمؤلف المشارك للدراسة سواتي ديشموخ إن الفيروس يدفع الجسم إلى مهاجمة نفسه، وربما يستمر ذلك إلى فترة طويلة.

وأضاف ديشموخ أنه من الطبيعي أن تؤدي الفيروسات إلى آلام في العضلات، ويمكن لفيروسات أخرى أن تؤدي إلى مشاكل في المفاصل، لكن الذي شاهدناه في إصابة "كوفيد-19" لا يشبه شيئا مما رأيناه في المستقبل، خاصة لاتساع نطاق هذه الأعراض وعدد الأشخاص الذين يعانون منها.

ولم يكتشف العلماء بعد سبب تسبب الفيروس أحيانًا في هذه الاستجابات المناعية المفرطة النشاط ، لكن هناك عدة فرضيات، وتقول إحداها إن بعض البشر قد يواجهون مشكلات في تدمير الفيروسات المغلفة بالأجسام المضادة، مما يؤدي إلى تراكم ما يوصف بـ"النفايات"، أي الأجسام الغريبة عن الجسم.

وهذا يؤدي إلى دفع الجسم إلى سلسلة ردود فعل عشوائية، كأن تهاجم خلايا المناعة خلايا سليمة.

وأوضح ديشموخ أن "الفيروس يخدع الجسم ليعتقد أن بعض خلاياه ، وبعض عضلاته أو مفاصله ، غريبة وتحتاج إلى إزالتها".

الفيروس يخدع الجسم ليعتقد أن بعض خلاياه وبعض عضلاته أو مفاصله غريبة وتحتاج لازالتها

والخلاصة التي توصل لها العلماء، ليست جديدة بالكامل، اذ يعزوا الاطباء التدهور المفرط في وظائف الرئتين الى ما يسمونه بـ "عاصفة السيتوكين" وهي رد مناعي مفرط يؤدي إلى اعتداء شرس للخلايا على الرئتين.

والسيكوتين مادة تفزرها خلايا الجهاز المناعي طبيعيا لتنظيم النشاط المناعي والتفاعل مع الالتهابات وهي رد دفاعي طبيعي عندما يتعرض الجسم لهجوم.

لكن في حالة "عاصفة السيكوتين"، يسجل نشاط مفرط للنظام المناعي ما قد يؤدي إلى الوفاة.

وترصد هذه الظاهرة منذ عشرين عاما تقريبا فقط واعتبرت مسؤولة عن خطورة مرضين تنفسيين آخرين ناجمين عن فيروسات كورونا هما سارس (774 حالة وفاة غالبيتها في آسيا في 2002-2003) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ( ميرس -866 حالة وفاة منذ العام 2012).

ويشتبه بأن هذه الظاهرة كانت وراء جائحات انفلونزا سابقة مثل "الانفلونزا الإسبانية" التي حصدت نحو 50 مليون ضحية في 1918-1919.