بولتون في روسيا في ذروة التوتر بين واشنطن وموسكو

روسيا تنتظر بإلحاح تفسيرا أميركيا لإعلان الرئيس الأميركي عزمه الانسحاب من معاهدة أساسية ومهمة حول الأسلحة النووية، مؤكدة أنها لن تكون البادئة في الهجوم على أحد.
بولتون دفع لانسحاب واشنطن من معاهدة نووية مع موسكو
زيارة بولتون لموسكو تخفف التوتر مع روسيا ولا تنهيه
اجتماع مرتقب بين بولتون والرئيس الروسي

موسكو - التقى مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون الاثنين في موسكو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي ينتظر بإلحاح توضيحات منه بشأن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل يومين عزمه الانسحاب من معاهدة أساسية حول الأسلحة النووية .

وهذه الزيارة مقررة منذ وقت طويل، وأعلنت قبل أن يكشف ترامب عن قراره انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى التي وقعت مع روسيا إبان الحرب الباردة.

وحذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الاثنين من أن بلاده تعتزم تعزيز ترسانتها من الأسلحة النووية للضغط على روسيا والصين.

وكرر ترامب أمام صحفيين قناعته بأن روسيا لم تلتزم بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى المبرمة عام 1987 والتي هدد بالانسحاب منها، ما يلقي بظلال ثقيلة على زيارة بولتون لروسيا.

وردّت روسيا على تصريحات ترامب بالقول إنها ستضطر للرد بالمثل لاستعادة التوازن العسكري مع الولايات المتحدة إذا نفذ الرئيس الأميركي تهديده بالانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى وبدأ تطوير صواريخ جديدة.

لكن موسكو أشارت إلى أنها ربما تتراجع عن ذلك إذ أبلغ مسؤول كبير في الكرملين مستشار الأمن القومي الأميركي باستعداد روسيا لمناقشة المخاوف الأميركية بشأن تطبيق المعاهدة الموقعة عام 1987.

وتكتسب زيارة بولتون إلى موسكو أهميتها من كونها أول زيارة يقوم بها مسؤول أميركي كبير لروسيا منذ عدة أشهر وفي توترات معلنة بين البلدين على خلفية خلافات على أكثر من ملف من سوريا إلى أوكرانيا إلى قضية التدخلات الروسية المفترضة في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

لكن إعلان ترامب السبت أضفى على الزيارة المزيد من الأهمية في وقت تراجعت فيه العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها.

وبدأ اللقاء بين بولتون الذي يُعتبر أحد صقور الإدارة الأميركية ولافروف بعيد الساعة 16:00 بتوقيت غرينيتش.

ويتوقع المسؤولون الروس أن يشرح لهم المستشار الأميركي موقف واشنطن من المعاهدة النووية.

كذلك، سيجتمع بولتون الثلاثاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما أفاد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف.

واعتبر بيسكوف الاثنين أن انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة النووية "سيجعل العالم أكثر عرضة للخطر"، مشيرا إلى أنه ينتظر "توضيحات" من واشنطن ورافضا الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى روسيا والمتعلقة بانتهاكها للمعاهدة.

وفيما يثير إعلان الولايات المتحدة مخاوف من العودة إلى الانتشار النووي، أكد بيسكوف أن روسيا "لن تكون البادئة في الهجوم على أحد".

وأشار لافروف خلال مؤتمر صحافي إلى أنه ينتظر "توضيحات للموقف الرسمي" الأميركي، مضيفا "إذا كان جون بولتون مستعدا لتقديمها، حينها سنقيّم الوضع"، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية.

وبولتون الذي عين في مارس/اذار 2018 معروف بمواقفه المتشددة للغاية في ملفات السياسة الخارجية.

وكان في مقدمة المطالبين بـ"الانسحاب من الاتفاق النووي" الذي وقع في 2015 بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى لمنعها من امتلاك السلاح النووي.

الأسلحة النووية الروسية تثير قلق الولايات المتحدة
مخاوف من اندلاع نزاع نووي بسبب انسحاب أميركي محتمل من معاهدة نووية مع روسيا

كما أنه لم يتردد في إعلان اقتناعه بوجوب أن توجه واشنطن ضربة عسكرية إلى كوريا الشمالية بدل التفاوض معها، ويبقى مؤيدا لتوسيع العقوبات على روسيا التي تتهمها واشنطن بالتدخل في العملية الديمقراطية الأميركية.

واستهل بولتون زيارته لموسكو بلقاء مع نيكولاي باتروشيف رئيس المجلس الروسي للأمن القومي، استمرّ "حوالي خمس ساعات"، وفق ما صرّح متحدث باسم هذا الجهاز افغويني انوشين.

وأكد المجلس الروسي للأمن القومي في بيان أنه أثناء اللقاء الذي جرى "في أجواء بناءة"، قدّم المسؤولان "عددا من المبادرات تهدف إلى خلق جوّ من الثقة وتعزيز التعاون بين روسيا والولايات المتحدة".

روسيا تهدد بالرد بالمثل لاستعادة التوازن العسكري مع الولايات المتحدة إذا نفذ الرئيس الأميركي تهديده بالانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى

وشدد الطرف الروسي من جهته على "أهمية المحافظة" على المعاهدة النووية مشيرا إلى أن "الانسحاب منها سيوجه ضربة قاسية لكامل النظام الدولي لمنع انتشار" الأسلحة النووية، بحسب المصدر نفسه.

وذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية أن بولتون هو نفسه من ضغط على الرئيس ترامب للانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى.

كما أنه يعرقل أي مفاوضات لتمديد معاهدة "نيو ستارت" حول الصواريخ الإستراتيجية والتي ينتهي مفعولها في العام 2021.

ووقع الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغن وآخر زعيم للاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة في العام 1987 مع نهاية الحرب الباردة.

لكن ترامب يرى أن موسكو تنتهك المعاهدة منذ عدة أعوام. وتتحفظ واشنطن خصوصا عن نشر منظومة صواريخ "9ام729" التي يتجاوز مداها سقف الـ500 كلم المتفق عليه.

وندد غورباتشوف من جهته، بافتقار الرئيس الأميركي "إلى الحكمة"، داعيا "جميع الساعين إلى عالم خال من الأسلحة النووية" إلى إقناع واشنطن بالعودة عن قرارها.

ونصت المعاهدة على عدم استخدام مجموعة من الصواريخ يراوح مداها بين 500 و5500 كلم، وأنهت أزمة اندلعت في ثمانينات القرن الماضي بسبب نشر الاتحاد السوفييتي صواريخ "اس اس 20" المزودة رؤوسا نووية قادرة على استهداف العواصم الغربية.