بوليساريو تفشل في اختراق الأحزاب الموريتانية

غالبية قادة الأحزاب السياسية الموريتانية يرفضون لقاء وفد الجبهة الانفصالية فيما غلبت على اللقاءات القليلة المصلحة الشخصية.

نواكشوط – فشلت جبهة بوليساريو في تحقيق أي نتيجة من تحركاتها المكثفة في موريتانيا، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة السبت، بغرض التأثير على الأحزاب السياسية والمسار الانتخابي لهذا البلد الذي تربطه علاقات متنامية مع المغرب.

وبوصول الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية إلى نهايتها، لم تستطع بوليساريو الحصول على دعم من الأحزاب الموريتانية الأوفر حظا في الفوز بالانتخابات، إذ أن محاولات وفد الجبهة الانفصالية لإحداث اختراق سياسي في صفوف الأحزاب ذات الثقل السياسي فشلت في تحقيق أهدافها.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 29 يونيو/حزيران الجاري، ويتنافس فيها 8 مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

المنابر الجزائرية تعمل على تكثيف الدعاية للقاءات ممثلي بوليساريو مع بضعة أحزاب ليست ذات ثقل سياسي كمحاولة لمجاراة الدعم المتزايد الذي يحظى به المغرب في ملف الصحراء المغربية.

وحاولت الجبهة الانفصالية، إرسال عدد من الممثلين يقودهم السالك بيبه، المقرب من زعيمها إبراهيم غالي، للقاء عدد من قادة الأحزاب السياسية وبعض المرشحين المستقلين، لكن الغالبية رفضوا لقائهم باستثناء البعض من قادة الأحزاب أولهم رئيس حزب الإنصاف، بيرام الداه أعبيد.

وروجت وسائل إعلام جزائرية لبضع لقاءات لوفد بوليساريو مع قلة من قيادات الأحزاب التي ليس لها ثقل سياسي في الساحة الموريتانية من بينهم حمادي سيدي المختار رئيس حزب تواصل، ومحمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم.

وعملت المنابر الجزائرية على تكثيف الدعاية لهذه اللقاءات وإعطائها وزنا في إطار التعليمات التي تتلقاها بهذا الشأن من السلطات كمحاولة لمجاراة الدعم المتزايد الذي يحظى به المغرب في ملف الصحراء المغربية.

وذكرت مصادر مطلعة أن ما جرى من لقاءات غلب عليها المصحة الشخصية أكثر من الإطار المؤسسي، وذلك بالنظر لعلاقات الانتماء القبلي أو العلاقات الشخصية المصلحية مع بعض السياسيين، في حين جرى تهويلها في الإعلام الجزائري.

وقال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن الجزائر وصنيعتها بوليساريو تتوجس كثيرا من تغير الموقف الموريتاني لصالح المغرب نظرا لتزايد اهتمام نواكشوط بتوطيد العلاقة مع الرباط ونظرا لتوطد العلاقات بين الطرفين خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية فضلا عن التعاون الأمني الوثيق بين الجارين.

وأضاف أنه وبالرغم من تبني موريتانيا لموقف الحياد رسميا إلا أنها عمليا تبدو أقرب الى الجانب المغربي، إذ تعترف عمليا بمغربية الصحراء من خلال مجموعة من الشراكات أهمها تلك المتعلقة بتدبير معبر الكركرات وأيضا المتعلقة بالتنسيق الأمني ومراقبة الحدود المشتركة ما بين البلدين، إلى جانب الاتفاقيات المتعلقة بانبوب الغاز المغربي النيجيري، والذي يمر عبر الأقاليم الجنوبية للمملكة وتراهن عليه موريتانيا مستقبلا في تصدير غازها.

وتؤكد زيارات المسؤولين الموريتانيين إلى المغرب عن حسن نيتها تجاه الرباط ورفض أي محاولة تسميم للعلاقات، مبرزين أن العلاقات الثنائية المغربية الموريتانية مبنية على أسس قوية تشمل "الدين والدم والعلاقات التاريخية، ووجود مؤهلات لتعزيز وتطوير هذه العلاقات". بحسب وصف زير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق.

وتتطور العلاقات المغربية الموريتانية بالرغم من مجموعة من المطبات التي عرفتها في فترات متعددة، ومحاولات النظام الجزائري للتشويش على هذه العلاقات، إذ أن الحكومة الموريتانية اليوم ترسل إشارات إيجابية مستجيبة لمساعي السياسة الخارجية المغربية التي تنبني على التعاون والشراكة وعلى طرح مبادرات بناءة وموضوعية لا يمكن للأطراف المعنية بها إلا أن تنخرط فيها سواء تعلق الأمر بالمجال الاقتصادي أو الثقافي أو الحضاري.

ولفت عبد الفتاح في تصريح لموقع "مدار21" المغربي، أن "النظام الموريتاني ورث مواقف قريبة للطرح للانفصالي من الزعماء الموريتانيين السابقين، لكنه بدأ يغير نظام تعاطيه مع بلدان الجوار وقضايا المنطقة إذ بات يتحرر من المواقف الايديولوجية المسبقة ومن التبعية والخضوع لمنطق الابتزاز الذي كانت تمارسه الجزائر".

ونوه أن نظام ولد الشيخ الغزواني بات يراهن على الشراكات الاستراتيجية التي تعود بالنفع على البلاد بعيدا عن منطق الخضوع والتبغية الذي يحاول النظام الجزائري فرضه على بلدان الجوار التي يعانيها بمنطق والتي كان يعتبرها بمثابة حديقة خلفية له ومجال حيوي يمارس نفوذه عليه.

وأورد أنه وفي فترات سابقة كانت هناك أحزاب ومجموعات سياسة ضيقة تتضامن مع الجبهة الانفصالية من منطلق الاستقطاب الايديولوجي إبان للحرب الباردة، إذ أن الجبهة الانفصالية تأسست في مدينة زويرات بموريتانيا وساهمت مجموعات يسارية، خاصة فصيل الكادحين والقوميين الناصريين في ذلك.

وبعد ذلك، ظلت بوليساريو تحاول التأطير داخل أوساط الشباب الموريتاني من خلال هذه الفصائل عبر اللعب على وتر الحس الشوفيني المتعلق بالناطقين بالحسانية بحكم المشترك الثقافي مع الأقاليم الجنوبية، لكن هذه الفصائل السياسية تراجع دورها بشكل كبير وفضلا عن تغير تعاطيها مع قضايا المرتبطة بالجوار الإقليمي الموريتاني، سيما في ظل افتضاح طبيعة مشروع بوليساريو الذي لا علاقة له بقيم اليسار التي تم توظيفها من قبل الجبهة لأجل استقطاب متعاطفين معها في نواكشوط وافتضاح الانتهاكات الجسيمة التي راح ضحيتها موريتانيون أنفسهم.