بومبيو: ابتزاز إيران النووي لن يجبرنا على قبول إرهابها

الدول الخمس التي لا تزال موقعة على الاتفاق النووي مع إيران تبدي تمسكها به وتنوي انقاذه رغم أن الجميع يتفقون على أن هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة.
طهران تلغي اعتماد مفتشة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية
مصنع فوردو الواقع تحت الأرض أبقته إيران سريا لفترة طويلة
مستوى التخصيب بفوردو سيصل إلى 4.5 بالمئة السبت

واشنطن - دعت الولايات المتحدة الخميس إلى اتخاذ "خطوات مشددة" للضغط على إيران التي استأنفت تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، في خفض جديد لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.

وأعلنت وكالة الطاقة الذرية الإيرانية أن المهندسين بدأوا صباح الخميس في ضخ غاز اليورانيوم في شبكات أجهزة الطرد المركزي وبدء إنتاج وتجميع يورانيوم مخصب (...) في منشآت فوردو" التي تقع على بعد حوالى 180 كلم جنوب طهران، وسط تأكيدات بأن مستوى التخصيب بها سيصل إلى 4.5 بالمئة السبت.

وكان تعليق تخصيب اليورانيوم في المنشأة التي ظلت سرية لفترة وطويلة، أحد الشروط التي وافقت عليها إيران مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان إن "توسيع إيران لنشاطاتها الحساسة المتعلقة بالانتشار النووي تثير المخاوف من أن إيران تستعد للوصول إلى خيار امتلاك" سلاح نووي.

وأضاف "لقد حان الوقت لجميع الدول لرفض الابتزاز النووي الذي يقوم به هذا النظام واتخاذ خطوات مشددة لزيادة الضغط. إن استفزازات إيران النووية المستمرة والمتعددة تتطلب مثل هذه الخطوات".

وشدد بومبيو على أن "التصعيد الإيراني الأخير في الملف النووي يعكس النوايا التي كانت لدى النظام طوال الوقت وهي ابتزاز المجتمع الدولي لقبول عنفها وإرهابها".

وأكد أن "على أعضاء المجموعة الدولية القلقين بشكل مبرر من الهجمات والاستفزازات الإيرانية الأخيرة أن يتخيلوا كيف ستتصرف إيران في حال امتلكت السلاح النووي. الولايات المتحدة لن تسمح أبدا بحصول ذلك".

وقالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في بيان إن "استاناف نشاط التخصيب أنجزت تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية" التابعة للأمم المتحدة والمكلفة مراقبة البرنامج النووي الإيراني.

وتعد الخطوة أكبر خفض في التزام طهران بالتعهدات التي قطعتها للأسرة الدولية في 2015 بشأن برنامجها النووي.

وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني القرار الثلاثاء قائلا إن بلاده ستستأنف أنشطة تخصيب يورانيوم كانت مجمدة.

وأوضح الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي الأربعاء أن انتاج اليورانيوم المخصب في منشأة فوردو تحت الأرض سيبدأ "عند منتصف ليل" الأربعاء الخميس، مشيرا إلى أن نسبة التخصيب في هذه المنشاة ستبلغ 4.5 بالمئة.

وقبل انطلاق العملية في فوردو بساعات سحبت إيران اعتماد مفتشة تابعة للأمم المتحدة بعد حادثة وقعت "الأسبوع الماضي" خلال عملية "مراقبة" عند مدخل منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.

وقال البيان الذي نشر على موقع وكالة الطاقة الذرية الإيرانية إنه خلال عملية المراقبة، تسببت هذه المفتشة في الوكالة الدولية للطاقة النووية "بإطلاق إنذار" ما أثار قلقا من احتمال حيازتها على "مادة مشبوهة".

وأضاف البيان أن المفتشة "منعت" من دخول الموقع بدون أن يقول ما إذا عثر فعلا على مادة مشبوهة عليها.

وقالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أنها أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالحادث وأنه "تم سحب اعتمادها (المفتشة)".

وتابع البيان أن "المفتشة غادرت إيران إلى فيينا" مقر الوكالة دون تحديد جنسيتها أو تاريخ رحيلها.

وقالت الوكالة أن "الممثل الايراني لدى الوكالة سيرفع تقريرا كاملا في الحادث" الخميس في فيينا.

وقال مصدر قريب من الوكالة إن الأعضاء الـ35 في مجلس الحكام سيجتمع صباح الخميس في جلسة خاصة مخصصة لإيران.

hg

ولم تعد إيران تحترم حاليا الحد الذي يفرضه الاتفاق على مخزونها من اليورانيوم المخصب (300 كلغ). فقد تجاوزت أيضا السقف الذي يحظر عليها تخصيب اليورانيوم بالنظائر المشعة 235 بنسبة تفوق 3.67 بالمئة.

ومنذ أيلول/سبتمبر، تنتج الجمهورية الإسلامية اليورانيوم المخصب في مفاعل نطنز بوسط البلاد مع أجهزة طرد مركزي يحظرها الاتفاق.

ويسمح الاتفاق بعدد محدد من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول (اي-ار-1) لكن إيران باتت تستخدم حاليا آلات أكثر تطورا.

في تنصل أيضا من بنود الاتفاق المتعلقة بالأبحاث والتطوير، بدأت إيران أيضا صنع وتجربة أجهزة طرد مركزي متطورة.

وقد أعلنت أيضا في أيار/مايو أنها لم تعد ملتزمة بالحد الوارد في الاتفاق لاحتياطها من المياه الثقيلة (1.3 طن) لكنها لم تعلن أنها تجاوزت هذه العتبة.

واستؤنفت نشاطات تخصيب اليورانيوم التي كانت مجمدة بموجب الاتفاق النووي الموقع في 2015، غداة انتهاء مهلة كانت قد حددتها للدول الأخرى الموقعة للاتفاق (الصين، روسيا، المملكة المتحدة، فرنسا وألمانيا) بهدف مساعدتها على تجاوز تبعات الانسحاب الأميركي في أيار/مايو 2018.

وهذه الخطوة الرابعة من خطة خفض التزامات إيران التي أطلقت في أيار/مايو الماضي، ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بقرار من الرئيس دونالد ترامب وإعادة فرض عقوبات أميركية عليها.

وتسعى طهران عبر هذه السياسة إلى الضغط على الأطراف الأخرى لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على إيران وسببت انكماشا كبيرا لاقتصادها.

وبموجب اتفاق فيينا، وافقت طهران على خفض نشاطاتها النووية بشكل كبير من أجل ضمان طبيعتها المدنية حصرا، مقابل رفع جزء من العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها.

يمنع الاتفاق الجمهورية الإسلامية من القيام بنشاطات لتخصيب اليورانيوم في فوردو المصنع الواقع تحت الأرض وبقي سريا لفترة طويلة.

وفي فيينا قال مصدر قريب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء إن "مفتشي الوكالة (موجودون) في المكان" في فوردو، موضحين أن تقريرا خاصا حول وضع المصنع بعد الإعلانات الأخيرة لطهران سيقدم بسرعة.

وكان الإعلان عن استئناف نشاطات التخصيب في فوردو أثار قلقا لدى الأطراف الأخرى الموقعة لاتفاق فيينا.hg

غير أنها تبقى حريصة على الاتفاق ومستعدة للعودة إلى تطبيقه كاملا طبقا لتعهداتها عندما يحترم الأطراف الآخرون تعهداتهم بتحقيق مطالبها وخصوصا السماح لها بتصدير نفطها.

وقال الكرملين الثلاثاء أنه يراقب "بقلق تطورات الأوضاع" بينما دعت كل من باريس ولندن وبرلين والاتحاد الأوروبي طهران على التراجع عن قرارها.

وحث الاتحاد الأوروبي إيران على الامتناع عن اتخاذ إجراءات جديدة من شأنها تقويض الاتفاق النووي بشكل أكبر وجعل إنقاذه "أصعب".

وفي بكين، رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء أن إيران قررت "للمرة الأولى وبشكل واضح ومن دون تحديد سقف (...) الخروج من إطار 'خطة العمل المشتركة الشاملة' (الاتفاق النووي) وهذا تغيير كبير".

وأضاف ماكرون "سأجري مناقشات في الأيام المقبلة، بما في ذلك مع الإيرانيين وعلينا أن نستخلص النتائج بشكل جماعي".

أما وزير الخارجية الألماني هايكون ماس فقد صرح في مؤتمر صحافي في برلين أن "ما أعلنه الرئيس روحاني غير مقبول". ودعا إيران إلى "العودة عن كل الإجراءات التي اتخذتها منذ تموز/يوليو واحترام كل التزاماتها من جديد".

واتهمت الولايات المتحدة أيران الثلاثاء بممارسة "الابتزاز النووي" وتعهدت بتشديد الضغوط عليها.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية "ليس لدى إيران سبب معقول لتوسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم في منشأة فردو أو أي مكان آخر"، معتبرا أنها "محاولة واضحة للابتزاز النووي لن تؤدي سوى إلى تعميق عزلتها السياسية والاقتصادية".

وأضاف "سنستمر في فرض أقصى الضغوط على النظام حتى يتخلى عن سلوكه المزعزع للاستقرار، بما في ذلك الأعمال الحساسة المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة النووية".