بين رفض حلفاء طهران ودعم واشنطن الزرفي أمام مهمة مستحيلة

وزير الخارجية الأميركي يعد بتأييد أميركي ودولي لعدنان الزرفي إذا أعطت حكومته الأولوية للحفاظ على سيادة العراق وتوفير احتياجات العراقيين الأساسية وضمان حقوقهم ومحاربة الفساد.

بغداد - أعلنت 5 كتل سياسية شيعية عراقية مقربة من إيران، الأربعاء، رفضها عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدة أن الرئيس برهم صالح خالف الدستور والأعراف بقرار التكليف، في خطوة تعكس موقف إيراني معادي له بعد ساعات من تعهده بأن تتبنى حكومته سياسية خارجية قائمة على إبعاد بغداد عن الصراعات الإقليمية، وحصر السلاح بيد الدولة.

وفي بيان مشترك أعلنت أربع كتل هي ائتلاف دولة القانون (26 مقعدا في البرلمان من أصل 329) ، وتحالف الفتح (48 مقعد)، وكتلة العقد الوطني (18 مقعد)، وكتلة النهج الوطني (8 مقاعد) رفضها لقرار التكليف.
وقالت الكتل السياسية في بيانها، "نعيش مع استحقاق دستوري حاكم تأخر حسمه، ووقعت فيه مخالفات دستورية وتجاوز للأعراف والسياقات السياسية المعمول بها في الدولة العراقية الاتحادية، حيث رفض رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة الأكبر ابتداءًا بطريقة غير مبررة وإعلانه ذلك رسميا".
وأضاف البيان "ما يقلقنا أن حامي الدستور يعلن مخالفته الدستورية على الملأ، وقيامه بتكليف مرشح دون موافقة أغلبية الكتل المعنية بذلك".
وأوضحت الكتل السياسية رفضها لتكليف الزرفي، مؤكدة أنها "ستستخدم جميع الطرق والوسائل القانونية والسياسية والشعبية لإيقاف هذا التداعي".
ودعا البيان "الشركاء في الوطن إلى الوقوف موقفا وطنيا واضحا وصريحا لمنع هذه التجاوزات وما ينتج منها، وإعادة الأمور إلى نصابها الدستوري حفاظا على الشراكة الوطنية ومصلحة الجميع ولكي ينعم العراق والعراقيون بالأمن والاستقرار".

عدنان الزرفي تعهد بحماية أمن المتظاهرين والتأكيد على ضرورة الاستجابةُ لمطالبِهم المشروعة وحصر السلاح بيد أجهزة الدولة

من جهته، أبدى تيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم (19 مقعداً) رفضه لقرار التكليف.
وقال المكتب السياسي للكتلة في بيان، إن "هناك أهمية احترام المباني الأساسية التي يقوم عليها الدستور والعملية السياسية في العراق، والالتزام بما يعزز التلاحم ويعقد الشَمل الوطني".
وتابع أن "تيار الحكمة يبدي اعتراضه على الآلية التي تم بها التكليف والتي اعتُمدت بنحو يعكس عدم الاكتراث لعدد مهم من القوى الأساسية في الساحة السياسية، على الرغم من ثقتنا بحسن النوايا وتقدير المصلحة".
وكلّف صالح، الثلاثاء، القيادي في ائتلاف "النصر" ومحافظ النجف السابق عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن تنحى رئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي، عن مهمة تشكيل الحكومة لفشله في إقناع السنة والأكراد لدعم تشكيلته الوزارية وبرنامجه الحكومي.
وتخلف الحكومة المقبلة حكومة عادل عبدالمهدي، التي استقالت في الأول من ديسمبر/ كانون أول الماضي، تحت ضغط احتجاجات شعبية مستمرة منذ مطلع أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وقال الزرفي بعد تكليفه تشكيل الحكومة في كلمة مكتوبة وجهها إلى العراقيين إنه سيبذل جهده لـ"اعتماد سياسة خارجية قائمة على مبدأ العراق أولا، والابتعاد عن الصراعات الإقليمية والدولية، التي تجعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات".

وأكد رئيس الوزراء المكلف حرصه على "العمل على حصر السلاح بيد الدولة، والقضاء على كلّ المظاهر المسلحة، وبسط سلطة الدولة"، واعدا بـ"التحضير لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، بالتعاون مع ممثلية هيئة الأمم المتحدة العاملة في العراق، خلال مدة أقصاها سنة واحدة من تشكيل الحكومة".

كما تعهد بـ"حماية أمن المتظاهرين والناشطين والاستجابة لمطالبهم المشروعة، والعملُ بجد على ملاحقة القتلة".

ولدى الزرفي (54 عاماً) العضو السابق في حزب الدعوة المعارض الشيعي التاريخي لنظام صدام حسين، 30 يوماً لتشكيل الحكومة ونيل ثقة البرلمان وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة، وتمرير موازنة يتوقّع أن تكون بعجز كبير جداً.

ورئيس الوزراء المكلف الجديد نائب حالي في البرلمان ضمن قائمة "النصر" التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الذي يقدم نفسه على أنه معارض للحكومة المستقيلة، وهو أيضا محسوب على الولايات المتحدة في العراق.

وسيرث الزرفي ملف تواجد القوات الأجنبية على الأراضي العراقية التي تطالب الأحزاب والميليشيات المقربة من إيران بإنهاء مهامها هناك ويتخوف العراقيون أن تحول دعواتهم تلك العراق إلى ساحة حرب بين واشنطن وطهران.

ال
زخم المظاهرات تقلص مع انتشار كورونا
​​​

ولجأت الأحزاب الشيعية الموالية لطهران إلى إيجاد ثغرات "قانونية" لتبرير رفضها تكليف الزرفي، بعدما فشلت في تمرير جميع مرشحيها، ما يجسّد تراجع تأثيرها بشكل كبير في الشارع العراقي ويعمق أزمتها على الساحة السياسية.

ومع إعلان الزرفي برنامجه الانتخابي مساء الثلاثاء للخروج من مرحلة الركود السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، سقط صاروخا كاتيوشا على حي سكني محاذ للمنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد، والتي تضم مقر السفارة الأميركية.

وهذا هو الهجوم الرابع المماثل خلال أسبوع في العراق والذي وجهت فيه واشنطن أصابع الاتهام لميليشيات إيران في البلاد.

وتواصل القوات العراقية تنفيذ عمليات مع قوات التحالف الدولي ضد الجهاديين بقيادة واشنطن، لكن البرلمان العراقي صوت أخيراً على انسحاب 5200 جندي أميركي من البلاد.

وأكد مسؤول حكومي رفيع إن الكتل السياسية التي توافقت على الزرفي تريد "شخصية لا مواجهة، بحيث لا تفعل شيئاً كبيراً" قد يخل بالنظام القائم في الدولة التي تشغل المرتبة 16 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم.

وتتعرض القواعد العسكرية العراقية التي تنتشر فيها قوات أجنبية إلى هجمات صاروخية تتواصل من أكثر من خمسة أشهر.

ومنذ أواخر تشرين الأول/أكتوبر، استهدف نحو 25 هجوماً مماثلاً قوات أجنبية في العراق، لم يتبنها أي طرف حتى الآن، لكن واشنطن تنسبها لكتائب حزب الله الموالية لإيران.

وفي تغريدة على تويتر قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنّ "العراقيين يريدون حكومة تحافظ على سيادة العراق وتوفّر احتياجاتهم الأساسية ولا ينخرها الفساد وتصون حقوق الإنسان الخاصّة بهم".

وأضاف "إذا أعطى رئيس الوزراء المكلّف عدنان الزرفي الأولوية لهذه المصالح، فسيحصل على الدعم الأميركي والدولي".

وتؤكّد القوات العراقية، التي تستند إلى دعم التحالف الدولي أنها لم تتمكن أبداً من كشف هوية المهاجمين، رغم إعلانها في كل مرة عن ضبط منصة إطلاق الصواريخ.

ورحبت كتائب حزب الله الخميس للمرة الأولى بالضربات الصاروخية التي قتلت عسكريين أميركيين ومجنّدة بريطانية الأربعاء، دون أن تتبنى الهجوم. ونددت من جديد بـ"قوات الاحتلال الأميركي".

وردت واشنطن ليل الخميس بضربات استهدفت وفق تأكيدها قواعد لكتائب حزب الله.

وتزيد هذه الهجمات والهجمات المضادة المخاوف من تصعيد في العراق.