تأجيل أول محاكمة لعدد من رجال بوتفليقة

محامو المتهمين يشككون في نزاهة المحاكمة معتبرين أنها مسيّسة وتصفية حسابات تجري في أجواء مشحونة ووفق أجندات انتخابية.

سلال وأويحيى ووزيرا صناعة سابقين من بين أبرز المتهمين
المتهمون نقلوا لمبنى المحكمة وسط إجراءات أمنية مشدّدة
حشود غفيرة تجمعت منذ ساعات الصباح الباكر أمام محكمة سيدي أمحمد

الجزائر - تأجلت اليوم الاثنين محاكمة اثنين من رؤساء الحكومات السابقين وعدد آخر من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال في الجزائر ملاحقين في قضايا فساد مالي إلى الأربعاء في محاكمة قاطعها المتهمون.

وقال خالد بورايو محامي علي حداد الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات (أكبر منظمة أصحاب أعمال) ورئيس مجلس إدارة أكبر شركة أشغال عامة خاصة في الجزائر "تم تأجيل المحاكمة إلى الرابع من ديسمبر (كانون الأول)"، أي الأربعاء.

وقال المحامون إنهم يقاطعون المحاكمة بداعي "عدم توافر شروط محاكمة عادلة"، بحسب ما أعلن عميد محامي العاصمة عبدالمجيد السليني باسم سائر زملائه.

ويتولى السليني الدفاع عن أحد المتهمين وقد ندد بما وصفه بالقضاء "المسيس" وأجواء "تصفية حسابات".

وتجمع حشد غفير منذ ساعات الصباح الأولى أمام محكمة سيدي أمحمد في وسط العاصمة الجزائرية وسجل تدافع عند فتح أبوابها.

واعتبر حكيم صاحب وهو محامي أحد إطارات شركة الأشغال العامة الخاصة أن ما يحدث "مهزلة قضائية" مشيرا إلى أن "المحاكمة يجب أن تتم في كنف الهدوء والصفاء".

وهذه المحاكمة هي الأولى اثر تحقيقات واسعة النطاق في قضايا فساد أثيرت عقب استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019 تحت ضغط الشارع والجيش.

وكان وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي قال إن المحكمة ستنظر الاثنين في قضايا تتعلق بـ"منح امتيازات بدون وجه حق لشركات تركيب سيارات".

وهناك قضايا أخرى سيتم النظر فيها لاحقا تتعلق خصوصا بإسناد صفقات عمومية وتمويل حملات انتخابية لبوتفليقة. وهناك من يشتبه في أن هذه الحملة على الفساد تأتي في سياق صراع أجنحة السلطة في عهد ما بعد بوتفليقة.

محاكمة مسؤولين سابقين تأتي في خضم احتجاجات مستمرة رفضا للانتخابات الرئاسية
محاكمة مسؤولين سابقين تأتي في خضم احتجاجات مستمرة رفضا للانتخابات الرئاسية

وبحسب سليني فإنه "في ظروف تصفية الحسابات والانتقام الحالية، لا يمكن أن تكون هناك محاكمة عادلة"، مضيفا "لن نقبل الدوس على الحقوق الأساسية" أو أن تكون العدالة "مسيسة وتصبح رهينة مواعيد انتخابية"، في إشارة على ما يبدو إلى الانتخابات الرئاسية التي تنظم في 12 ديسمبر/كانون الأول الحالي في الجزائر.

وأضاف عميد محامي العاصمة "لا يمكن للعدالة أن تتحقق في مثل هذه الظروف"، معتبرا أن "كل من ارتكب فعلا مشينا يجب أن يدفع الثمن، لكن أمام قضاء هادىء".

والمتهمون قيد التوقيف الاحتياطي منذ أشهر ووصلوا الاثنين في عربات نقل مساجين أحيطت بحماية أمنية كبيرة.

وبين المتهمين رئيسا الوزراء الأسبقان أحمد أويحيى (ترأس الحكومة أربع مرات بين 1995 و2019) وعبدالمالك سلال (بين 2014 و2017)، بحسب المحامي بورايو. وهي المرة الأولى منذ استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962 التي تتم فيها محاكمة رؤساء حكومة.

كما مثل أمام المحكمة وزيرا الصناعة السابقان محجوب بدة (2017) ويوسف يوسفي (2017-2019).

ومثل الاثنين أيضا العديد من رجال الأعمال بينهم علي حداد الذي تتولى إحدى شركات مجموعته توزيع شاحنات ثقيلة من صنع ايطالي في الجزائر.

وضمن المتهمين أيضا محمد بعيري رئيس مجلس إدارة مجموعة ايفال التي تملك مصنع تجميع جزائري لعربات "ايفيكو" الايطالية الصناعية وأحمد مازوز رئيس شركة تجمع وتوزع في الجزائر عربات من صنع صيني.

وكانت صناعة تركيب السيارات الجزائرية الفتية انطلقت في الجزائر في 2014 من خلال شراكات بين ماركات أجنبية ومجموعات جزائرية أغلبها ملك رجال أعمال مقربين من نظام بوتفليقة.

ورغم عدم احترام الصناعيين دفتر الشروط، فقد حظي القطاع بمساعدات مهمة من الدولة وامتيازات ضريبية وذلك رغم عدم تحقيقه لهدفه المزدوج المتمثل في خفض فاتورة واردات الجزائر وخفض أسعار السيارات في السوق المحلية.