تأجيل مفاجئ لزيارة ألباريس للجزائر يرجئ طي صفحة الخلافات مع مدريد

الدبلوماسية الجزائرية تعلّل تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسباني بـ"ازدحام الأجندة".
التأجيل يأتي بعد أيام من نشر الجريدة الرسمية الإسبانية وثيقة تصف العيون بكبرى مدن الصحراء المغربية
الدبلوماسية الجزائرية تبدو مربكة في التعاطي مع أكثر من ملف اقليمي
علاقات الجزائر مع الشركاء الغربيين لا تغادر مربع الذبذب

الجزائر - أجّلت الجزائر دون مبرر منطقي زيارة كان من المقرر أن يجريها وزير الخارجية الإسبانية خوسيه مانويل ألباريس بداية الأسبوع الحالي، فيما يؤشر هذا التصرف الذي يفتقر إلى أبجديّات اللياقة الدبلوماسية على عودة الفتور إلى العلاقات بين البلدين بعد فترة وجيزة من تعيين الجزائر سفيرا لها لدى مدريد في خضم مساعيها لطي صفحة الأزمة التي كانت سببا فيها، في ظل تمسك إسبانيا بموقفها الراسخ بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء وتأييد مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وعلّلت الجزائر تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسباني بـ"ازدحام الأجندة" وهو ما  اُعتبر سببا غير مقنعا، فيما أشارت وسائل إعلام إسبانية إلى أن هذا التأجيل يأتي بعد أيام من نشر الجريدة الرسمية في إسبانيا وثيقة تصف فيها مدينة العيون بـ"كبر مدن الصحراء المغربية"، في تأكيد واضح وصريح لموقف مدريد الثابت بشأن هذه القضية، وفق موقع "الصحيفة" المغربي.

ويبدو أن الجزائر لا تزال ترفض استيعاب تمسّك مدريد بتأييدها لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحلّ وحيد للنزاع المفتعل، في وقت تستعد فيه إسبانيا والمغرب لتدشين شراكة إستراتيجية لا سيما وأن العلاقات بين البلدين تشهد زخما مهمّا يتجسد في التعاون والتنسيق بينهما على كافة المجالات.

وسعت وسائل إعلام جزائرية إلى احتواء الجدل الذي أثاره تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسباني إلى الجزائر بنفي إلغائها. 

وأشارت "الشروق أونلاين" نقلا عن مصادرها إلى أن "زيارة ألباريس كانت إلى غاية مساء الأحد طور التحضير"، لافتة إلى أن "العملية التحضيرية لم تسفر عن نتائج حاسمة الأمر الذي حال دون إجراء الزيارة في التاريخ المقرر".

وتابعت أن "الجزائر امتنعت عن الإعلان الرسمي لزيارة رئيس الدبلوماسية الإسبانية إلى الجزائر، بما أنها كانت في طور التحضير"، مشيرة إلى أن "وفدا إسبانيا رسميا زار البلاد خلال الآونة الأخيرة لإنهاء ترتيبات الزيارة" .

وفي مارس/آذار 2022 أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها لدى مدريد للتشاور، احتجاجا على ما وصفته بـ"الانقلاب المفاجئ" في موقف الحكومة الإسبانية بعد اعترافها بمغربية الصحراء، كما قامت بعدها بنحو ثلاثة أشهر بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا.

وسعت الجزائر إلى إصلاح العلاقات مع إسبانيا بعد أن تكبد اقتصادها خسائر كبيرة نتيجة شلل التبادل التجاري بين البلدين وإلغاء العديد من المشاريع المشتركة بين شركات جزائرية وإسبانية. وعيّنت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023 عبدالفتاح دغموم سفيرا لها مدريد، في خطوة تهدف إلى إنهاء نحو عامين من القطيعة.

وكان ينظر إلى الزيارة المقررة لوزير الخارجية الإسباني على أنها تشكّل فرصة تاريخية لإعطاء دفعة لمسار تطبيع العلاقات بين مدريد والجزائر، لكن يبدو أن الدبلوماسية الجزائرية التي تتخبط في حالة من الإرباك قد أهدرت هذه الفرصة.

وكانت وزارة الخارجية الإسبانية قد أفادت في وقت سابق بأن "خوسيه مانويل ألباريس سيقوم بزيارة عمل إلى الجزائر الاثنين" بناء على دعوة من نظيره الجزائري أحمد عطاف، فيما سعت حكومة بيدرو سانشيز خلال الآونة الأخيرة إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بتأكيدها على "الطابع الإستراتيجي لعلاقات البلدين والمصالح المشتركة وتثمين العلاقات الثنائية بينهما".

ويرى مراقبون أن الجزائر لا تزال مغتاضة بعد أن سقطت كل رهاناتها على تراجع مدريد عن موقفها الراسخ بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء، في وقت تسعى فيه حكومة سانشيز إلى تعزيز التعاون مع المغرب في كافة القطاعات.