تبادل إطلاق نار في بغداد بين قوات الأمن والمحتجين على نتائج الانتخابات

الميليشيات والأحزاب الشيعية الخاسرة في الانتخابات المبكرة التي تأبى التسليم بنتائج أفرزتها صناديق الاقتراع، تحرك أنصارها في أكبر احتجاجات تدفع العراق مجددا إلى دوامة عنف جديدة.
مواجهات عنيفة تختبر سلطة الدولة وسطوة ميليشيات إيران
ميليشيات إيران تستعرض قوتها بمحاولة اقتحام المنطقة الخضراء
أنباء عن مقتل متظاهرين وإصابة العشرات في مواجهات مع قوات الأمن
توترات شديدة تخيم على بغداد وسط مخاوف من موجة عنف جديدة

بغداد - تطورت المواجهات اليوم الجمعة بين قوات الأمن العراقية ومتظاهرين من أنصار الميليشيات والأحزاب الشيعية الخاسرة في الانتخابات التشريعية والموالية لإيران إلى تبادل لإطلاق النار، في انزلاق خطير لموجة عنف كانت متوقعة في ظل تهديدات سابقة للميليشيات باللجوء للسلاح ما لم يتم إعادة النظر في نتائج الانتخابات بعد أن ادعت أن العملية الانتخابية شابها تزوير، في الوقت الذي أفادت فيه مصادر بسقوط أول قتيل بين المحتجين. 

وسبق احتجاجات الجمعة عملية تحريض وشحن بينما يكابد العراق للخروج من دوامة العنف والإرهاب، بينما شكلت الأحداث اختبار لقوة الدولة وسطوة الميليشيات التي تأبى التسليم بنتائج الاقتراع.

وقال ضابط في شرطة بغداد، إن الصدامات تجددت بين المتظاهرين وقوات الأمن، مضيفا أن المواجهات وقعت أمام الجسر المعلق، وهو إحدى بوابات المنطقة الخضراء وسط العاصمة.

وتابع "الصدامات تطورت إلى تبادل إطلاق النار والقنابل الصوتية بين الجانبين. قوات الأمن أضرمت النيران في خيام المعتصمين على مقربة من الجسر المعلق بهدف إبعاد المحتجين عن البوابة"، دون الكشف عن وقوع إصابات.

وتشهد العاصمة العراقية بغداد منذ الصباح توترا شديدا وسط مواجهات عنيفة دارت بين قوات الأمن وأنصار الأحزاب والميليشيات الشيعية التي ترفض الاعتراف بنتائج الانتخابات التشريعية، فيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن مقتل متظاهرين وإصابة العشرات بينما قررت الحكومة العراقية إغلاق مداخل المنطقة الخضراء التي تضم مقر الحكومة ومقار البعثات الدبلوماسية الأجنبية وذلك بعد محاولة المتظاهرين اقتحامها.

ومعظم المحتجين من أنصار ميليشيات كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وهما من أكثر الميليشيات تسلحا والأقرب من غيرهما لإيران من الميليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي.

وكان متوقعا أن تشهد بغداد أعمال عنف وسط تجييش وتحريض بدأ منذ أسابيع فيما يرجح أن يكون لإيران يد في تحريك تلك الميليشيات بعد زيارات سرية أجراها مسؤولون من الحرس الثوري الإيراني عقب نتائج الانتخابات التشريعية التي أظهرت حصول كتلة التيار الصدري والكتلة السنية بقيادة محمد الحلبوسي، على أكبر عدد من الأصوات وبالتالي منحت لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر فرصة تاريخية لتشكيل الحكومة.  

وقال مصدر أمني إن "المتظاهرين حاولوا اقتحام المنطقة الخضراء من جهة قريبة من وزارة الدفاع وقاموا بإلقاء الحجارة، لكن تم ردعهم من قبل قوة مكافحة الشغب"، مضيفا أن "القوات الأمنية قامت بإطلاق النار في الهواء" لتفريق المتظاهرين.

وأضاف أن المتظاهرين أغلقوا "ثلاثة من أصل أربعة مداخل للمنطقة الخضراء"، موضحا أن "غالبيتهم من مناصري كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق"، وهما من بين الفصائل الأكثر نفوذا في الحشد الشعبي.

ورفع مئات المتظاهرين لافتات كتب عليها "كلا كلا للتزوير"، مرددين شعارات من بينها "كلا كلا للتزوير، نعم نعم للحشد"، قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء، وسط انتشار كثيف للقوات الأمنية في عدد من الشوارع المؤدية إلى المنطقة الخضراء.

شعارات مناوئة للكاظمي واتهامات بتزوير نتائج الانتخابات
شعارات مناوئة للكاظمي واتهامات بتزوير نتائج الانتخابات

وبدأ المئات من مناصري الحشد الشعب، وهو تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في الدولة، قبل أكثر من أسبوعين اعتصاما قرب المنطقة الخضراء في وسط بغداد، حيث يقع أيضا مقر المفوضية العليا للانتخابات، احتجاجا على ما اعتبروه "تزويرا" شاب الانتخابات التشريعية المبكرة.

وبعدما كان القوة الثانية في البرلمان السابق مع 48 مقعدا، حاز تحالف 'الفتح' الممثل للحشد الشعبي والحليف القوي لطهران، على نحو 15 مقعدا فقط في انتخابات العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، بحسب النتائج الأولية، فيما ندّد قياديون في التحالف مرارا بـ"تزوير" في العملية الانتخابية.

ويرى مراقبون أن الخسارة التي سجلها الحشد الشعبي بحسب النتائج الأولية تعود إلى خيبة أمل ناخبيه من أدائه السياسي وإخفاقه في تلبية تطلعاتهم، بالإضافة إلى العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل المكوّنة للحشد.

في المقابل، حصد التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أكثر من 70 مقعدا وفق النتائج الأولية، ما يجعله في الطليعة، لكن اختيار رئيس للحكومة وتشكّل الكتل السياسية والتحالفات في البرلمان الجديد قد تتطلب وقتا طويلا، فيما يجري الصدر حاليا لقاءات مع قوى سنّية وكردية في بغداد.

وتقوم المفوضية العليا للانتخابات بإنهاء المراحل الأخيرة لإعادة فرز الأصوات بناء على الطعون التي قدمت أمامها، قبل رفعها للمحكمة المختصة وإعلان النتائج النهائية.

وقررت الحكومة العراقية إغلاق جميع مداخل المنطقة الخضراء الحكومية على خلفية اضطرابات اندلعت اليوم الجمعة بين متظاهرين  من أنصار الأحزاب الخاسرة  في الانتخابات البرلمانية والقوات الأمنية.

وبحسب مصادر أمنية فإن الإغلاق شمل بوابات المنطقة الخضراء جهة الجسر المعلق وحي الحارثية ومن جهة حي المنصور ومن جهة وزارة التخطيط قرب جسر الجمهورية.

وذكرت أن القوات الأمنية وسعت من دائرة انتشارها في الشوارع المحيطة بالمنطقة الخضراء فيما لايزال المتظاهرون يتدفقون إلى الشوارع بينما يقوم آخرون برمي القوات الأمنية بكثافة بالحجارة. واستخدمت القوات الأمنية خراطيم المياه والغازات المسيل للدموع وإطلاق العيارات النارية في الهواء لتفريق المتظاهرين.

ودعا رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي مساء الجمعة الأطراف السياسية المختلفة إلى التهدئة واللجوء إلى الحوار، كما ناشد المتظاهرين ممارسة حقوقهم المشروعة باعتماد السلمية وتجنب العنف بآي صيغة ومستوى ووسائل.

وذكر بيان لقيادة العمليات المشتركة العراقية أن القائد العام للقوات المسلحة وجه بإجراء تحقيق شامل حول ملابسات أحداث الجمعة في مناطق مختلفة في محيط المنطقة الخضراء، وتقديم نتائج التحقيق.

وشدد  الكاظمي على أن التعليمات الصارمة للقوات الأمنية في التعامل المهني مع التظاهرات سارية وأن احترام حقوق الإنسان الأساسية، وخصوصا الحق في التظاهر  والتعبير عن الرأي من الأساسيات التي التزمت بها الحكومة.