تبون يتنصل من محاولة إفشال الاتحاد المغاربي

محاولات الجزائر إحداث تكتل مع دولتي تونس وليبيا لا تعفيها من مسؤولية التحجج بأهداف خاصة تتعلق أساسا بعدائها للمغرب في قضية الصحراء.

الجزائر – حاول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حديث مساء السبت الماضي، التنصل من مسؤولية إفشال مشروع الاتحاد المغاربي، بحديثه عن مشروع التكتل المغاربي الذي تنوي دول المنطقة تأسيسه، معتبرا أنه سيشكل كتلة لإحياء العمل المغاربي المشترك وتنسيق العمل من أجل توحيد كلمة هذه الدول حول العديد من القضايا الدولية دون اقصاء أي طرف، ما يعني أنه نسخة مكررة من مشروع الاتحاد ينص على نفس الأهداف ويجمع دول المنطقة الخمسة.

واتحاد المغرب العربي تكتل واقعي وقانوني وتاريخي يكتسب شرعيته ووجوده وديمومته من الدول الخمس الأعضاء دون استثناء، وبالتالي لا معنى لخلق تكتل بديل، لذلك فإن التبرير الجزائري يبدو غير منطقي أو واقعي بل يشير إلى محاولة إجهاض الحلم المغاربي.
وتتناقض تصريحات تبون بشأن عدم اقصاء أي طرف مع ما تم الاتفاق عليه مطلع مارس الماضي، إذ اتفقت الجزائر وليبيا وتونس على عقد اجتماعات كل ثلاثة أشهر، يقام أولها في تونس بعد شهر رمضان، بأهداف "تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية، بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة التي تشترك في الحدود".
وتعتبر الخطوة الجزائرية محاولة عزله عن محيطه المغاربي. ويؤكد محللون سياسيون أن مبررات التخطيط لمشروع مغاربي بديل “منعدمة وبلا أفق”، وغايته فقط “إقصائية”، طالما أن الرباط لم تتلق دعوة أو إخبارا بالأمر، بينما وجهت دعوة إلى موريتانيا التي رفضت الانخراط في المشروع. وكان لافتا في المشروع الجزائري، غياب موريتانيا، وهو ما اعتبره متابعون رغبة من نواكشوط في تبني “الحياد”، ونأيا بنفسها عن الأزمة بين البلدين اللذين تجمعهما معها روابط اقتصادية وسياسية وأمنية مؤثرة.

ويرى عبد الفتاح الفاتحي المحلل السياسي والخبير في قضية الصحراء المغربية، أن تصريحات عبد المجيد تبون الأخيرة حول التكتل الجديد، تعد “هروبا إلى الأمام، أمام مسؤوليات بلاده الأخلاقية في إفشال مشروع المغرب العربي”.

وقال الفاتحي في تصريح لموقع “الحرة”، إن محاولات الجزائر إحداث تكتل مع دولتي تونس وليبيا، لا يعفيها من مسؤولية التحجج بأهداف خاصة تتعلق أساسا بنزاع إقليمي مع المملكة المغربية عبر قضية الصحراء.

ويضيف الفاتحي، أن هناك اختلافات كبيرة بين مبررات وأهداف مبادرة تنمية الأطلسي كمشروع جديد غايته النهوض بالوضع الأمني والاقتصادي لدول الساحل والصحراء وبين الخطط الجزائرية التي تأتي بأهداف إقصاء المغرب”، وإنشاء تكتل يستعمل “أداةً للتوظيف السياسي ضد مصالح ترابية لدولة مغاربية جارة”.

وأطلق المغرب مبادرة الأطلسي لفتح الواجهة الأطلسية أمام دول الساحل الأفريقي المعزولة عن البحر، لإيمانه بأهمية النوافذ البحرية كضامن لرفع المردود الاقتصادي والتنموي وعلاج للاستقرار السياسي في هذه البلدان.

وفي فبراير/شباط الماضي أصدر رئيسا البرلمان في كل من المغرب وموريتانيا بيانا أكدا فيها تمسك الرباط ونواكشوط باتحاد المغرب العربي، وشددا على أن التكامل المغاربي خيار لا رجعة فيه.

وجاءت هذه تصريحات في ختام زيارة أداها رئيس البرلمان المغربي لنواكشوط، بالتزامن مع مرور الذكرى 35 لإنشاء منظمة اتحاد المغرب العربي الذي أُعلن تأسيسه من مراكش المغربية في 17 فبراير/شباط عام 1989.

كما تزامنت التصريحات مع مشاكل عديدة تعرفها الدول الأعضاء، أهمها الأحداث الأمنية في الساحل التي تتأثر منها موريتانيا والجزائر وليبيا بشكل مباشر، والأزمة الاقتصادية والسياسية في تونس، وتجميد العلاقات بين المغرب والجزائر.

والدول المشكلة لاتحاد المغرب العربي هي تونس والجزائر وموريتانيا والمغرب وليبيا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 120 مليون نسمة، فيما تبلغ مساحتها 6 ملايين كيلومتر مربع أي نسبة 40 بالمئة من مساحة الوطن العربي، وتشكل صادراتها الخارجية 47.5 مليار دولار.

وحسب معاهدة التأسيس، فإن الاتحاد المغاربي قام على أهداف طموحة ترمي إلى النهوض بالقطاع الاقتصادي وتوحيد الرؤى والمواقف الخارجية إزاء القضايا الدولية. وأهم الأهداف المنصوص عليها في ميثاق التأسيس هي توثيق أواصر الأخوة التي تربط بين الأعضاء وشعوبهم، والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف، والسير في السياسات المشتركة في مختلف الميادين.

ومن الأهداف الرئيسية للاتحاد المغاربي العمل على تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء، والسعي لإقامة تعاون دبلوماسي وثيق أساسه الحوار البناء.

لكن الجزائر ساهمت في تعميق أزمة الصحراء المغربية المفتعلة وفاقمت الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء، وحالت دون تقدم الكيان الإداري الذي يضم الدول الخمس الواقعة في الجزء الغربي من العالم العربي.