تبون يقاوم دعوات الرحيل بتعديل وزاري محدود

خبراء يعتبرون أن علة الجزائر ليست في الأشخاص بل في السياسات وأن تغيير الوجوه بوجوه أخرى ربما يحدث أثرا ويضخ دماء جديدة في مؤسسات الدولة، لكنه لا يخرج البلاد من مربع الأزمة.
تبون القادم من قلب النظام يقاوم دعوات للرحيل وسط حراك يكابد لاستعادة زخمه
تعديل وزاري محدود لا يخرج الجزائر من مربع الأزمة
التعديل الوزاري يقلص عدد الحقائب الوزارية من 40 إلى 34
التعديل الوزاري يأتي عشية الذكرى الثانية لاحتجاجات أجبرت بوتفليقة على الرحيل
مظاهرة مؤيدة للحراك الجزائري تحيي دعوات رحيل النظام

الجزائر/باريس - أجرى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اليوم الأحد، تعديلا وزاريا محدودا على حكومة عبدالعزيز جراد، تضمن تعيين 6 وزراء جدد من دون المساس بالوزارات السيادية، فيما يواجه الرجل القادم من قلب النظام السابق دعوات متزايدة للرحيل في الذكرى الثانية للحراك الشعبي التي تصادف الـ22 من فيراير/شباط والتي أنهت عقدين من حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

ويأتي هذا التعديل الوزاري الذي شمل تقريبا في القسم الأكبر منه الطاقم الاقتصادي بينما تئن الجزائر تحت وطأة أسوأ أزمة مالية واقتصادية بسبب تراجع إيرادات الطاقة الشرياني المالي الحيوي لموازنة الدولة، وبفعل تداعيات جائحة كورونا التي دفعت الجزائر إلى أطول فترة عزل صحي للحد من انتشار الوباء.

وحسب قائمة نشرتها الرئاسة، تقلص عدد الحقائب الوزارية من 40 إلى 34 مع حساب الوزارات المنتدبة‎ وتم تعيين 6 وزراء جدد، في محاولة أيضا للضغط على النفقات الحكومية.

قالت الرئاسة في بيانها إنه تم تعيين وزير جديد للطاقة في التعديل الحكومي، موضحة أن محمد عرقاب وزير المناجم السابق حل محل عبدالمجيد عطار في المنصب.

وكان عرقاب يشغل منصب وزير الطاقة منذ أبريل/نيسان عام 2019 حتى يونيو/حزيران 2020 عندما حل مكانه عطار في تعديل أجراه الرئيس تبون.

وتسعى الجزائر عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب بعد تراجع إنتاج النفط والغاز مما تسبب في هبوط إيرادات صادرات الطاقة التي تساهم بنحو 60 بالمئة من ميزانية البلاد و94 بالمئة من إجمالي إيرادات الصادرات.

وأقرت الحكومة في وقت مبكر من العام الماضي قانونا جديدا للطاقة يتضمن بنودا جاذبة للمستثمرين تشمل حوافز ضريبية.

وزادت جائحة كورونا من التأثيرات السلبية على مالية الدولة، إذ أجبر تراجع أسعار النفط عالميا الحكومة على خفض الإنفاق وتأجيل بعض المشروعات الاستثمارية المزمعة.

وخفضت شركة الطاقة الحكومية خطتها للإنفاق الاستثماري بواقع النصف إلى سبعة مليارات دولار في 2020 مع سعي الحكومة للحد من الآثار الاقتصادية لإجراءات العزل العام.

واحتفظ معظم الوزراء بحقائبهم في التعديل الحكومي الذي جرى اليوم وبينهم وزراء المالية والتجارة والزراعة.

ويرى خبراء أن علة الجزائر ليست في الأشخاص بل في السياسات وأن تغيير الوجوه ربما يحدث أثرا ويضخ دماء جديدة في مؤسسات الدولة لكنه لا يخرج الجزائر من مربع الأزمة.

والوزراء الجدد هم أحمد باشا وزيرا للصناعة خلفا لفرحات آيت علي وطارق بلعريبي وزيرا للإسكان خلفا لكمال ناصري الذي نقل إلى الأشغال العامة وحسين شرحبيل وزيرا للرقمنة خلفا لمنير براح.

كما تم تعيين كمال ميهوبي وزيرا للري خلفا لازرقي براقي ودليلة بوجمعة وزيرة للبيئة، خلفا لنصيرة بن حراث ومحمد بوغازي وزيرا للسياحة، خلفا لمحمد حميدو.

فيما احتفظ بحقائبهم وزراء الخارجية صبري بوقادوم والداخلية كمال بلجود والمالية أيمن بن عبدالرحمن، إضافة إلى وزارة الدفاع التي يتولاها تبون.

والأحد، وقع تبون مرسوما بحل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، تنفيذا لقرار أعلنه الخميس وتمهيدا لانتخابات برلمانية مبكرة لم يتحدد تاريخها بعد.

وتولى تبون الرئاسة في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية عقب استقالة بوتفليقة (1999: 2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه ومطالبة بالإصلاح.

وقاطع معظم الجزائريين تلك الانتخابات التي شكلت اختبارا لشرعية الرئيس القادم من قلب النظام السابق والذي يعرف بأنه مخلص للرئيس السابق بوتفليقة.

ويأتي هذا التعديل الوزراء فيما تواجه السلطة ضغوطا شعبية على وقع حراك شعبي خفت حدّته بسبب وباء كورونا لكنه يبحث في الذكرى الثانية لانطلاقه على استعادة زخمه بعد موجة قمع غير مسبوقة استهدفت النشطاء فيه والذين عفا عنهم تبون مؤخرا لاحتواء الغضب الشعبي.

وفي أحدت التطورات، تجمّع مئات الأحد في باريس دعما للحراك الاحتجاجي الجزائري عشية ذكرى انطلاقه الثانية، رافعين مطالب من بينها الإفراج عن كل معتقلي الرأي وإحداث "تغيير جذري" في النظام الحاكم.

وعلّق المتظاهرون لافتات بيضاء في ساحة "لا ريبوبليك" على مقربة من وسط باريس، كتبت عليها شعارات بينها "الشعب سيمضي إلى النهاية" و"أوقفوا القمع" و"لا نسيان ولا تنازل" و"فليرحل النظام، السيادة للشعب على كل المؤسسات والموارد".

وكان يفترض أن ينطلق المتظاهرون في مسيرة تبدأ من ساحة الجمهورية وتنتهي في ساحة "لا ناسيون"، لكن الشرطة منعتهم بسبب "مخاطر جدية بالإخلال بالنظام عام"، وقرب موقع انتهاء المسيرة من القنصليّة الجزائرية.

وقال الناشط في ائتلاف منظمات تشكل قبل عامين في فرنسا حكيم طيبي "نحن هنا لنقول إننا لن نتوقف، سنواصل المعركة"، مضيفا "لن نتراجع الآن، لم يعد لدينا خيار، لا يتعلق الأمر بتغيير نظام بل بإنقاذ بلد لأن هذا النظام يقود البلاد إلى الإفلاس".

وعبّرت المتظاهرة إيمان (28 عاما) واضعة علم الجزائر على كتفيها وكمامة وقائية على وجهها بألوان الراية الوطنية، عن أملها في أن ترحل من وصفتها بـ"العصابة" التي تقود الجزائر.

وقالت المتظاهرة نرمين (30 عاما) "نتظاهر ضد نظام لم يتغيّر رغم انتخابات العام الماضي. نظهر تضامننا مع إخواننا وأخواتنا في الجزائر الذين يواجهون صعوبة في التظاهر حاليا لأن الدولة تستفيد من الوضع، من وباء كورونا، لمنع التظاهرات".

وانطلق الحراك الاحتجاجي الجزائري في 22 فبراير/شباط 2019 وقاد بعد شهرين إلى استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بعد بقائه عقدين في السلطة.