تجارب حقيقية لمعتقلين تمثل فلسطين في ترشيحات الأوسكار

فيلم "اصطياد أشباح" للمخرج رائد أنضوني يقدم شهادات لم يسبق تقديمها بهذا الشكل في السينما الفلسطينية حيث تدمج بأسلوب مبتكر بين الفن والتوثيق.
فيلم حائز على جوائز عربية وعالمية عديدة
المعتقلون المحررون يؤدون أدوار السجانين والضحايا في ذات الوقت
تجربة سينمائية تنهل من الذاكرة والوجع والمعاناة الحية في الوجدان

رام الله (الأراضي الفلسطينية) - يمثل فيلم "اصطياد أشباح" فلسطين رسميا عن فئة أفضل فيلم بلغة أجنبية لجوائز الأوسكار في دورتها 91 للعام 2019.
أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية في بيان الأربعاء أنها اختارت فيلم المخرج رائد أنضوني للمشاركة في الحدث السينمائي الأبرز في العالم، والذي يستند الى تجارب مجموعة من السجناء الفلسطينيين السابقين في السجون الاسرائيلية من بينهم المخرج نفسه، يقومون باستحضار تفاصيل يومية من تلك الفترة ويعيدون عيشها في حاضرهم من خلال روايتها وتمثيل أجزاء منها.
ويقدم "اصطياد أشباح" شهادة لم يسبق تقديمها على هذا الشكل في السينما الفلسطينية حيث تنفذ الكاميرا الى أثر السجن في نفوس مجموعة مختارة من الفلسطينيين يتحولون سريعا الى ناطقين او مجسدين لتلك المعاناة التي ذاقها شباب فلسطيني.
وإن كان الفيلم يحيل الى تجربة السجن بشكل عام فهو يتحدث تحديدا عن سجن المسكوبية الإسرائيلي الشهير.
وفي حديث سابق، رفض المخرج رائد انضوني الذي امضى ثلاث سنوات في السجون الإسرائيلية ان يتناول هذه التجربة متحدثا عن نفسه، بل اراد التدليل على انها تجربة جماعية ولا يمكن استرجاعها الا عبر المجموعة التي عاشتها بكل عذاباتها وتفاصيلها قبل إعادة تركيبها.
وحتم هذا الامر على السجناء السابقين الذين ينتمون الى اجيال مختلفة إعادة بناء كاملة لسجن المسكوبية مع تركيب زنزانات بالواح خشبية داخل مرآب مقفل لا يصله النور ليستعيدوا التجربة بحذافيرها وباحلامها حتى التي تنقذهم أحيانا من قساوة التعذيب.
ويحضر المكان في الفيلم بتفاصيله بحسب خريطة وضعها السجناء معتمدين على ذاكرتهم لذلك السجن وغرف التحقيق فيه فيؤدون في آن أدوار السجانين والضحايا.

وينقل الفيلم انعكاس فترة السجن على المعتقلين بعد خروجهم من السجن، فيروي احدهم كيف اعتقل وهو في مقتبل العمر ليخرج بعد ثماني سنوات من دون ان يذوق مرة طعم الحب.
ويعترف آخر امام الكاميرا بان إعادة عيش التجربة اراحته نفسيا واخرجت ما كان كامنا بداخله ليتمكن من الفرح مجددا مع اسرته، بينما يكمل اخرون أداء التجارب القديمة التي لا زالت حية في وجدانهم.
واوضح رائد انضوني في أحد مقابلاته الصحفية "عملت بالتنسيق مع جمعية للأطباء النفسيين الذين حضروا خلال التصوير ولم اكن بمفردي في مواجهة حكايات السجناء وتجاربهم الموجعة".
وجميع المعتقلين في سجن المسكوبية وغيره من السجون الإسرائيلية هم معتقلون سياسيون او سجناء اداريون.
ويركز الفيلم على ان الاعتقال يطال الآباء والابناء على حد سواء ومن كل الاعمار.
ويهدي المخرج فيلمه الى المعتقلين الفلسطينيين جميعا وخصوصا الى معتقل سابق اعيد اعتقاله بعد تصوير الفيلم.
فيلم المخرج رائد أنضوني شهد حضورا جماهيريا ونقديا عالميا كبيرا، وحاز على العديد من الجوائز منذ عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2017، حيث حصد الفيلم جائزة أفضل فيلم وثائقي الدب الفضي، وحصل على جائزة "الوهر الذهبي" أفضل فيلم وثائقي في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في الجزائر، وجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة خاصة في مهرجان قرطاج السينمائي الدولي، وجميعها في 2017، وكان آخرها جائزة أفضل فيلم في مهرجان منارات السينمائي بتونس في 2018.