تجارب في الدراما الرقمية والعرض الرقمي

كتاب سباعي السيد يتساءل: كيف للمسرح أن يستفيد من التقنية الرقمية وأن يوظفها في العرض المسرحي؟
المسرح فن غير صاف
جماليات الابداع التفاعلي

بقلم: د. محمد حسين حبيب 
    عن الهيئة العربية للمسرح، صدر كتاب "الدراما الرقمية والعرض الرقمي - تجارب غربية وعربية" تاليف سباعي السيد، ط1، سنة 2018، وهو بالأصل رسالة ماجستير عن المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة في يناير/كانون الثاني 2016 وتحت إشراف الدكتور حسن عطيه، بحسب ما جاء في تقدير وإهداء المؤلف بتاريخ فبراير/شباط 2017 . 
    ينطلق الكتاب في مقدمته عبر تساؤل مهم هو: "كيف اذا للمسرح ان يستفيد من التقنية الرقمية وان يوظفها في العرض المسرحي، دون ان يفقد جوهره وطبيعته الحيوية؟". 
عبر هذا التساؤل الإشكالي يسعى مولفه أن "يلقي الضوء على الأشكال الجديدة من العرض المسرحي والتي تستخدم التقنية الرقمية استخداما كثيفا ومتصلا بموضوع العرض، وعلى التفاعل بين المسرح وفنون الأدء الأخرى من ناحية وعلى علاقة التقنية الرقمية بجمهور المسرح المعاصر، وكيف يمكن للتقنية الرقمية بشكل عام ان تنتج نموذجا مغايرا وأكثر ملاءمة وقبولا للمتفرج العربي المعاصر الذي أحاط به، أو فلنقل داهمه العديد من المتغيرات السياسية والاجتماعية والتي جعلته أكثر إقبالا على المشاركة والتفاعل". 
    كما يشير المؤلف في مقدمة كتابه أيضا، إلى المرجعيات الاصل او المحفزات التي قادته بحثيا لهذا الموضوع كما يبدو منها: 
أولا: عبارة للكاتب المأسرحي الالماني تانكريد دورست، التي أكد فيها ان المسرح فن غير صاف، وان المسرح لا يتوانى عن تسخير كل ما يجده في طريقه الى مصالحه الخاصة، ويظل قادرا على تطوير قوانينه، وهو حتما غير محصن ضد مستجدات عصره وانه يستمد خيالاته من وسائل إعلام أخرى.
 ثانيا: إشارة سعيد يقطين عام 2004 في كتابه "من النص الى النص المترابط مدخل الى جماليات الابداع التفاعلي" والذي قال بالنص: "لقد دخلت الدراسات الأدبية مرحلة جديدة من البحث وتولدت مصطلحات ومفاهيم جديدة، لكننا ما نزال بمنأى عن التفاعل معها أو استيعاب الخلفيات التي تحددها. ظهرت مفاهيم تتصل بالنص المترابط والتفاعلية والفضاء الشبكي والواقع الافتراضي والأدب التفاعلي، ونحن لا نزال أسرى مفاهيم تتصل بالنص الشفوي أو الكتابي، ولم نرق بعد الى مستوى التعامل مع النص الإلكتروني." 
   أما ثالث هذه المرجعيات وأقربها التصاقا بموضوع الكتاب مباشرة، هي ما ثبته مؤلف الكتاب بقوله: "كما تناول (الدكتور محمد حسين حبيب) المسرح الرقمي في مقالة بعنوان (نظرية المسرح الرقمي) ( 2004 ) التي نشرت في موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب." والصحيح هو عام (2005) بحسب ما صححه لاحقا مؤلف الكتاب في (ص 122) من كتابه.
ولقد أشار ايضا إلى أن هذه المقالة نشرت "في صحيفة المدى العراقية العدد 544 في 27/11/2005"، ونؤكد نحن كان هذا هو النشر الأول لها، قبل نشرها في موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب بحسب إشارة المؤلف الذي أضاف بقوله: "حيث قال فيها - ويقصد حبيب - أنه قد بدأت المحاولات فعلا في كتابة ما يعرف باسم المسرحية التفاعلية، وان هذا النوع من المسرحيات متوافر حاليا على شبكة المعلومات، ويعد تشارلز ديمر رائد المسرح التفاعلي حيث ألف عام 1985 اول مسرحية تفاعلية كما أسس مدرسة لتعليم كتابة سيناريو المسرح التفاعلي في موقعه الخاص على الإنترنت عبر تقديمه دورات تعليمية متعددة."
    بدءا نؤكد على أهمية اختيار الموضوع من قبل الباحث، فقد جاء الاختيار هنا واعيا ومنتميا وجادا ومواكبا لمتطلبات العصر والثقافة المسرحية الغربية والعربية، اذ شكلت هذه التوظيفات التقنية الرقمية ظاهرة مسرحية كبرى أثرت الساحة المسرحية تنظيرات وعروض مسرحية معاصرة للثورة الرقمية والانفجار المعرفي لشبكة المعلومات العالمية التي تفاعلت فيها وعبرها جميع أنواع الاتصالات الوسائطية وبامتياز. وهذا ما نسجله للمؤلف نجاحا وسبقا معرفيا من شأنه أن يثري مشهدنا الثقافي العربي طروحات علمية هو أحوج ما يكون بحاجة اليها كي يواكب العلوم العصرية ومديات تطورها المتسارعة لا بالسنوات أو الأشهر بل بالأيام وأحيانا بالساعات. 
    العنوان .. لم يسع مؤلف الكتاب (سباعي السيد) الى الكشف عن المسوغات التي قادته الى عنوانه "الدراما الرقمية والعرض الرقمي". ولم يحاول التفريق بينهما (الدراما / العرض الرقميين) لالتصاق هذين المصطلحين بالرقمية هنا، فضلا عن ان هذا المصطلح الأخير (الرقمية) هو مصطلح إشكالي أصلا، فكيف به إذا التصق بمصطلحات أخرى مجاورة؟ ولماذا لم يذهب المؤلف الى مصطلح (المسرح الرقمي) في عنوانه كون ان هذا المصطلح شاملا لخطابي المسرح نصا وعرضا؟ 
فضلا عن ان مصطلح "المسرح الرقمي" ورد ذكره في الكتاب (19) مرة في الصفحات: (46، 47، 98، 99، 103، 104، 114، 123، 173، 174، 175، 179، 184، 186، 178، 188) فلماذا استبعده المؤلف من العنوان؟ لاأننا نجده أكثر توافقا مع طروحات الكتاب وشروحاته العلمية. 
ويشار من قبلنا ان هذا المصطلح (المسرح الرقمي) لم يكن متداولا في المشهد المسرحي العربي لا في التنظير النقدي أو البحثي ولا في التطبيق قبل تاريخ مقالتنا السالفة الذكر عام 2005 والذي ابتدأت بجملة: "المسرح الرقمي قادم". 
    حوى الكتاب ستة فصول، جاء الفصل الاول بعنوان "الثقافة الرقمية" اجتهد فيه المؤلف وبجهد كبير استعراض المكثف من تاريخ التكنولوجيا وعلاقتها بالمجال الثقافي والتوقف عند بعض المحطات ذات العلاقة استنادا للطروحات الفكرية لعدد من المفكرين أمثال (فرانك كيلش والفن توفلر وريموند وليامز وبوكانان) والأخير مثلا يشير "الى ان التكنولوجيا لعبت دورا شديد الاهمية في حياة المجتمع البشري، وكان لها نتائجها الحاسمة على ظواهر مثل الانفجار السكاني او تطوير المدن واكتظاظها بالسكان، ونتيجة للتكنولوجيا أصبحت حياة المدينة قسمة مهيمنة ومميزة للمجتمع الحديث وتكشف بذلك عن علاقة وثيقة بين التكنولوجيا والناس." 
ومن ثم يتعرض المؤلف عبر عنوانات ثانوية الى ارتباط الثقافة الرقمية بمفعلاتها مثل: (بعض الابتكارات الرقمية والحاسب الشخصي وشبكة الانترنت وتقنية المعلومات ومجتمع المعرفة وتعريف الثقافة الرقمية ومجتمع المعلومات) لنقف عند اشارة تشارلز جير في كتابه "الثقافة الرقمية" عام 2002 الذي يقول فيه: "إن هيمنة التكنولوجيا الرقمية على حياتنا هو جزء من نطاق أكبر من الظواهر فقد ازدهر في السنوات الثلاثين الماضية مصطلح العولمة وسيطرة راسمالية السوق الحر وتعاظم دور الوجود المطلق وتقنيات التواصل وقوة تأثير مجتمع التقنية، والتكنولوجيا الرقمية هي جزء أساس ومكون جوهري من هذه التطورات التي حددت شكلها الى حد ما." ثم يمر المؤلف على الثقافة الرقمية العربية مناقشا تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي عليها. 
    أما الفصل الثاني وعنوانه "الفنون والتكنولوجيا الرقمية" فيحاول المؤلف فيه ان يحدد العلاقة بين الفنون بشكل عام والمسرح بشكل خاص، وبين التكنولوجيا الرقمية من جهة أخرى، فيقف عند ما طرحه وليم فوجان في مقالة له بعنوان "تاريخ الفن في العصر الرقمي مشكلات وامكانات". إنه منذ نشأة الشبكة العنكبوتية العالمية في أوائل التسعينيات أثرت هذه الثورة الرقمية سواء بالسلب أو بالايجاب على كل مجتمع في العالم وفتحت الباب لطيف واسع من الامكانات في الفنون البصرية. 
ليتطرق الكتاب بعد ذلك الى أهم النماذج الفنية والادبية الرقمية في العالم الغربي والعربي في الشعر وفي الرواية والمسرحية وعلاقة هذه الأخيرة بالتكنولوجيا في أولى خطواتها عالميا تحت عنوان ثانوي هو "المسرح والتكنولوجيا" ص 54 يقول فيه المؤلف: "ارتبط المسرح منذ بدايته بالتكنولوجيا باعتباره فنا يحاكي الحياة، ويستوعب بداخله كل الفنون، وكما اسلفنا فان تاريخ المسرح هو بشكل او بآخر تاريخ للتكنولوجيا، فالمسرح يسعى دائما الى الافادة من التقنيات الجديدة في عصره، وبالتالي يعكس التطور التكنولوجي. فاذا تاملنا الوسائل التقنية التي استخدمها الاغريق على سبيل المثال في مسارحهم، استطعنا ان نتعرف على مستوى التكنولوجيا التي كانت سائدة في ذلك العصر." 
متتبعا المؤلف تاريخ التوظيف المسرحي التكنولوجي وفق مراحل وأسماء مائزة امثال: (مايرهولد وبيسكاتور والروسيان فسنين وبروبوفا وبريخت وكانتور) لينتهي الى حضور الالة في الفكر الدرامي مستشهدا بنماذج عالمية من النصوص كالالة الحاسبة لالمر رايس، والالة الجهنمية لجان كوكتو، والية هاملت لهاينر موللر. 
    عنوان الفصل الثالث "الدراما الرقمية وعروض الحاسوب" اشارة فيه المؤلف الى انه وفي "بداية التسعينيات من القرن العشرين دارت مناقشات موسعة حول الروابط الاصيلة التي تجمع بين تقنيات الوسائط المتعددة والحداثة. 
وكان صدور عدد من الكتب مثل كتاب جاي بوتلر المعنون (فضاء الكتابة: الكومبيوتر في تاريخ العلم 1990، وكتاب مارك بوستر طريقة المعلومات: ما بعد البنيوية والسياق الالكتروني 1993، يحاول أن يثبت فيه اوجه الاتفاق بين النص التشعبي والفنون الرقمية وبين النظرية النقدية والادبية، لا سيما تفكيكية جاك دريدا." فضلا عن استطرادات المؤلف الاخرى في كشفه عن معلومات مهمة ومفاهيم جديدة مرتبطة بهذا التوظيف الرقمي للفنون عامة وللمسرح خاصة.
    تعريف "العرض الرقمي" الذي جاء كعنوان للفصل الرابع يقول فيه: "ويعرف العرض الرقمي بأنه يتضمن بشكل عام كل العروض التي يلعب فيها الكومبيوتر دورا أساسيا لا فرعيا في أشكال المحتوى والتقنيات والجماليات أو التصميم." 
إلى جانب اقتباسات مهمة أخرى يترجمها مؤلف الكتاب من كتاب "العرض الرقمي" تاليف ستيفن دكسن مفادها إفراط العروض الادائية والراقصة بتوظيف الرقمية كعنصر فاعل وأساس في فضاءاتها التي تحقق الانبهار على مستوى عال في التلقي برغم ما شاب هذا التوظيف من توتر وارتياب في البداية لكننا "وبتعبير أحد الباحثين في مجال العرض الرقمي قوله: يجب ان نقبل التطور، المستقبل، اي مساندة التكنولوجيات الجديدة في خدمة الممثل." 
بعد ذلك يعدد المؤلف أنماطا من العروض المسرحية الرقمية وفقا للباحث ستيف ديكسون وهي كما يلي: (1- الواقع الافتراضي 2- الرقص الرقمي وتطورات البرامجيات 3- القرين الرقمي - الأجساد الافتراضية - الروبوت 4- المعمار السائل - الشذرات fractures الخاصة بالموقع site-specific   5- البعديات ربط فضاءات العرض 6- العرض اون لاين 7- المسرح في الفضاء التخيلي 8- التفاعلية. ليختار المؤلف بعد ذلك نماذج تقترب من المسرح الرقمي للتعرف على طبيعة كل عرض وكيفية توظيفه للتقنيات الرقمية ومدى نجاحها في ذلك مثل: (الالة الحاسبة ويهودي مالطه وعلاء الدين واوديس ) لينتهي هذا الفصل بخلاصة مهمة يقول فيها سباعي السيد ما نصه: "نماذج العرض الرقمي التي قمنا بدراستها في هذا الفصل تعبر بدرجة او باخرى عن قدرة المبدع المسرحي على أنسنة التكنولوجيا وتوظيفها جماليا للتعبير عن قضايا انسانية ليست بعيدة عن اثر التكنولوجيا البين في حياتنا اليومية وقيمنا وثقافتنا." 
    وفي الفصل الخامس "تجارب عربية في العرض الرقمي" يقدم المؤلف مهادا تنظيريا عن بداية الاهتمام عربيا فيشير الى أنه: "في عام 2005 نشر الباحث العراقي الدكتور محمد حسين حبيب عدة مقالات عن المسرح الرقمي وقام بتعريفه بانه (المسرح الذي يوظف معطيات التقنية العصرية الجديدة المتمثلة في استخدامه الوسائط الرقمية المتعددة في انتاج او تشكيل خطابه المسرحي ،شريطة اكتسابه صفة التفاعلية" ص 122 من الكتاب. 
وكذلك يستشهد ببداية اخرى في عام 2007 كبداية للاهتمام بالمسرح الرقمي في مصر تحديدا عندما خصص مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي مائدة مستديرة عن المسرح الرقمي حضر فيها انطونيو بيتزو من ايطاليا مؤلف كتاب "المسرح والعالم الرقمي" الذي أصدره المهرجان حينها ضمن اصداراته المترجمة سنويا. 
وفي عام 2011 كان الاهتمام مغربيا وتحديدا لدى المركز الدولي لدراسات الفرجة بطنجه في ندوة عنوانها "الواسائطية والفرجة المسرحية". الى جانب ‘صدار الفنان المغربي عام 2013 كتابه بعنوان (شذرتان رقميتان). 
ومن ثم راح المؤلف يستعرض ويناقش الكتابات النظرية حول تجارب المسرح الرقمي  لدى اربعة من الباحثين المغاربة هم (خالد أمين وحسن المنيعي وحسن اليوسفي وعز الدين بونيت) مستخلصا في النهاية الى ان الباحثين الاربعة اتفقوا على ان "توظيف التكنولوجية الرقمية في المسرح كفيلة بتجديد الخطاب المسرحي، وأنه علينا ان نتقبل هذه الوسائطية باعتبار ان المسرح في الأساس هو فن يستخدم الوسائط حتى في شكله الدرامي التقليدي. كما ان على النقد المسرحي ان يتقبل مثل هذه التجارب ولا يتعامل معها باعتبارها محض (تأورب) مطلق بتعبير خالد امين .. ". 
ثم ينتقي المؤلف عيناته القصدية من بعض التجارب الرقمية العربية وهي: 1- حازم كمال الدين في تجربتين هما "مقهى بغداد" و"العرض الرقمي اورال". 2- تجربة ربيع مروه الرقمية 3- تجربة يوسف ريحاني في مختبر بيكت للفنون الادائية 4- تجارب أخرى من مصر (سوليتير داليا بسيوني) عرض وسائطي 5- المغرب (مسرح بوسلهام الضعيف) ليختم المؤلف قوله المهم جدا: "... يمكن للباحث ان يخلص الى ان المسرحيين العرب بشكل عام قد أفادوا من التقنية الرقمية بدرجات متفاوتة، وتمكنوا من توظيفها في عروضهم بشكل ابداعي وخلاق .." وعلى "الرغم من استثمار التكنولوجيا الرقمية في العديد من اوجه حياتنا اليومية، إلا انه يبدو أن نقل التكنولوجيا الى فن المسرح العربي يشوبه الكثير من المعوقات والتحديات". 
    ولم يكن الفصل السادس والاخير من الكتاب أقل اهمية من بقية الفصول، اذ ناقش وبعلمية كبيرة اشكاليات العرض الرقمي بعد ان بحث في حيثيات مجاورة لانتشار الانترنت واحصائياته والثورة المصرية الاخيرة فضلا الى التعرض للعلاقة بين الجمهور المسرحي والعرض التقليدي ومن ثم العرض الرقمي والتفريق في فاعلية التلقي لكلا العرضين. طارحا بعد ذلك مصطلحات مجاورة للمسرح الرقمي فرضت نفسها في الثقافة الاجنبية مثل (العروض المموسطة) و(المسرح الشبكي) ليطرح تساؤله في اخر الامر بقوله: "هل هناك مسرح رقمي حقا؟" ص 179، محيلا اجابته المرتهنة بإشكالية الزمن والمستقبل والظاهرة. 
    ولا يسعنا ان نضيف اخيرا ان مؤلف الكتاب سباعي السيد، ومنذ سنوات طويلة تمتد الى اكثر عشرة اعوام تقريبا كان قد بدا اهتمامه بهذا الموضوع. وقد لجأ الى تكريس عدد من الحوارات والندوات مع عدد من المهتمين حينها والى اليوم ومن بينهم كاتب السطور، وتمت هذه التفاعلات النقاشية عبر الوسائطية الاتصالية عبر (الشات) ولاحقا عبر (سكايب) وتم نشر هذه الحوارات في موقع المسرح دوت كوم ومنتدياته المتعددة مع حشد من التعليقات والتفاعلات المجاورة وهي كثيرة، فلا ندري لماذا أغفل كل هذه الجهود، ولم يستعن بها بوصفها مرجعا توثيقيا لهذا الموضوع؟ 
ولسباعي السيد ايضا جهوده التي لا تمحوها الذاكرة المسرحية العربية في تفعيله للثقافة المسرحية العربية وتطورها وخاصة هو مدير ومؤسس اول موقع الكتروني عربي (المسرح دوت كوم) الذي كان له الاثر البالغ في التواصل المعرفي والثقافي والتلاقحي بين المسرحيين العرب. وجهده الكبير الثاني في تأسيسه (الجمعية العربية لنقاد المسرح) وهو منسقها العام. الى جانب ترجماته الاخرى وابحاثه ودراساته المسرحية المتعددة. 
    كتابه الاخير هذا "الدراما الرقمية والعرض الرقمي" بعدد صفحاته 196 صفحة من الحجم المتوسط، كتاب جدير بالقراءة من قبل الجميع، ومنهم، أقدم نصيحتي الى أولئك الذين يعتقدون الى اليوم بان (المسرح الرقمي) لا وجود له، انصحهم، بأنهم سوف يتخلصون من أوهامهم وتعنتهم القصدي، لكن بعد قراءتهم هذا الكتاب، وعلى مسؤوليتي. 
    وللتذكير أيضا، فقد ظهر في السنوات القريبة عدد من الاطاريح والرسائل الاكاديمية في بلدان مثل مصر والعراق والجزائر والمغرب وتونس ولبنان، قد درست هذه الظاهرة المسرحية الرقمية الى جانب عدد غير قليل من الابحاث العلمية الرصينة وهي كلها محفوظة وموثقة للدارسين ولمستقبل النقد المسرحي العربي بشكل خاص والثقافة العربية بشكل عام.