تجدد القتال يهدد بالقضاء على إنتاج النفط في ليبيا

تحذيرات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط تأتي في ظل تواصل الاشتباكات على مشارف العاصمة طرابلس بين الجيش وقوات حكومة الوفاق.
طيران الجيش الليبي يهاجم حلفاء حكومة الوفاق قرب بلدة زوارة
الضربة الجوية هي الأقرب حتى الآن من أي منشأة للنفط والغاز منذ بدء الهجوم على العاصمة
تعرضت مناطق انتاج النفط في ليبيا لمحاولات استهداف متكررة
الجيش الليبي يقول ان عملية طرابلس لن تتوقف

طرابلس - قال مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إن تجدد القتال في البلاد "قد يقضي" على إنتاج البلاد من الخام، وفقا لمنشور أعادت المؤسسة تغريده.

وأعادت المؤسسة الوطنية للنفط تغريد مقابلة أجراها صنع الله مع صحيفة فايننشال تايمز تضمنت تلك التعليقات.

وقال مصدر عسكري وسكان إن طائرة حربية تابعة للجيش الليبي هاجمت الجمعة معسكرا لقوة متحالفة مع حكومة الوفاق قرب بلدة زوارة بغرب البلاد.

والضربة الجوية هي الأقرب حتى الآن من أي منشأة للنفط والغاز منذ بدء هجوم الجيش الوطني الليبي على العاصمة طرابلس قبل أسبوع.

وتقع زوارة إلى الغرب من ميناء مليتة للنفط والغاز وهو مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة إيني الإيطالية

ويمثل النفط في ليبيا شريان حياة حيث تعرضت مناطق إنتاج النفط خاصة شرق وجنوب البلاد لمحاولات سيطرة من قبل الأطراف المتصارعة.

 وتتواصل الاشتباكات على مشارف العاصمة الليبية طرابلس بوتيرة الكرّ والفرّ بين طرفي القتال فيما لم تبح المعركة بعد بكل أسرارها ولم يظهر فيها منتصر ومنهزم، رغم تقدم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على أكثر من محور، فيما يبقى دخول العاصمة ذاتها المنعطف الحاسم والمرتقب الذي سيرسم ملامح المرحلة المقبلة سياسيا وعسكريا.

وعند أبواب طرابلس تحولت المعارك بين قوات الجيش الوطني الليبي التي تشن هجوما على العاصمة الليبية وخصومها من قوات وميليشيات حكومة الوفاق الوطني المصممين على التصدي له، إلى عمليات كر وفرّ.

ومنذ بدء الهجوم في 4 أبريل/نيسان تبادل الجانبان السيطرة مرتين أو ثلاث على مطار دولي مهجور على بعد 20 كيلومتر جنوب طرابلس وكذلك على ثكنة تقع إلى الشرق منه.

وقال قائد مجموعة مسلحة موالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس "نشهد حاليا معارك كر وفر"، مضيفا "ما زلنا في طور الاستعداد. بالنسبة لنا لم تبدأ الحرب فعليا بعد".

وأوضح أن المعارك الحالية تدور بالمدفعية الثقيلة والقذائف وأن المطار اليوم على خط الجبهة". ولا يسلك الطريق المغلق أمام حركة السير بين طرابلس والمطار الذي دمر في 2014 جراء أعمال عنف مماثلة، سوى آليات عسكرية تابعة لقوات حكومة الوفاق وسيارات إسعاف عائدة من خط الجبهة.

وسمعت أصوات اشتباكات بالأسلحة الثقيلة على بعد نحو 10 كيلومترات من المطار، فيما تحتدم المعارك في مدينة عين زارة في ضواحي العاصمة. وبعد تقدم في هذه المنطقة أحرزه مقاتلون من الجيش الوطني الليبي، قالت قوات حكومة الوفاق إنها نجحت في طردهم جنوبا.

وفي الشارع الرئيسي في المدينة حيث تنتشر المنازل والمحال التجارية، تفصل تلة رملية وضعتها قوات حكومة الوفاق بين الجانبين. وقال أحد المقاتلين في صفوف قوات حكومة فائز السراج، إن قوات حفتر تقدمت "لكننا دمرنا دبابة ومدرعتين"، مضيفا "الوضع جيد الآن".

وترتفع خلف هذا المقاتل سحابة من الغبار مع كل طلقة مدفع أو صاروخ فيما تسمع طلقات نارية من أسلحة رشاشة أو مضادات جوية من سيارات بيك-آب. وفجأة يدوي انفجار صاروخ يسقط على منزل قريب. ثم يطلق آخر يسقط على الإسفلت دون أن ينفجر.

وأعلن الجيش الوطني الليبي أن عملية طرابلس لن تتوقف. وقال آمر غرفة العمليات الرئيسية بالقيادة العامة للقوات المسلحة اللواء عبدالسلام الحاسي، إن الجيش لن يوقف عمليته العسكرية التي أطلقها قائده العام المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة طرابلس نهاية الأسبوع الماضي إلا بعد تحقيق كافة أهدافها المتمثلة في القضاء على الميليشيات المسلحة هناك.

وعرض الاعلام الحربي للقوات الليبية المسلحة شريط فيديو على صفحته بفايسبوك يظهر استسلام مقاتلين من قوات حكومة الوفاق وميليشياتها بعد ماعرك عنيفة على مشارف العاصمة.

وفر معظم السكان جراء المعارك. وقال أحدهم إن كثيرين رفضوا مغادرة منازلهم خوفا من "أعمال النهب". وقالت امرأة تسكن المنطقة "اشتدت المعارك. نخاف من مغادرة المنزل المعارك ضارية".

وأكد الصليب الأحمر الليبي أن فرقه "تمكنت صباح الأربعاء من إخراج مدنيين عالقين في مناطق المعارك". وتم إجلاء حوالي 30 أسرة خصوصا من عين زارة ووادي الربيع جنوبا.

وتدور معارك عنيفة أيضا بين الجانبين في منطقة العزيزية على بعد 50 كلم جنوب طرابلس حيث أعلن الجيش الوطني الليبي الأربعاء السيطرة على ثكنة متنازع عليها منذ أيام.

والثلاثاء اتهم المتحدث باسم قوات حكومة الوحدة العقيد محمد قنونو قوات الجيش الوطني الليبي بـ"التسلل" إلى بعض المناطق والتقاط صور بهدف الدعاية ثم الانسحاب. ويؤكد الضابط أن الحرب بين الجانبين تجري أيضا عبر وسائل الإعلام وفيسبوك.

وقالت الأمم المتحدة اليوم الخميس إن القتال بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة طرابلس أسفر عن مقتل 56 شخصا وأجبر ستة آلاف آخرين على النزوح من ديارهم في العاصمة على مدى الأسبوع الماضي وذلك في وقت نشب فيه خلاف بين فرنسا وإيطاليا حول كيفية التعامل مع تجدد الصراع.

وبعد زحفها من جهة الجنوب، توقفت قوات الجيش الوطني الليبي عند الضواحي الجنوبية لطرابلس على بعد حوالي 11 كيلومترا من وسط العاصمة.

وأثناء الليل، سمعت في وسط طرابلس أصوات إطلاق رصاص وانفجارات أثناء مواجهات بين قوات حفتر والقوات الموالية لحكومة السراج حول المطار الدولي السابق ومنطقة عين زارة.

وطالبت إيطاليا المستعمر السابق لليبيا، فرنسا التي تربطها علاقات وثيقة بحفتر بالامتناع عن مساندة أي فصيل وذلك بعدما قال دبلوماسيون إن باريس عرقلت إصدار بيان للاتحاد الأوروبي يدعو قوات الجيش الوطني الليبي لوقف الهجوم.

وقال ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء الإيطالي لراديو آر.تي.إل 102.5 "سيكون أمرا بالغ الخطورة إذا اتضح أن فرنسا عرقلت لأسباب اقتصادية أو تجارية، مبادرة من الاتحاد الأوروبي لتحقيق السلام في ليبيا وساندت طرفا في القتال، مضيفا "بصفتي وزيرا للداخلية فلن أقف موقف المتفرج".

متطرفون في قوات حكومة الوفاق
مخاوف من ان المعارك ستشجع المتطرفين الاسلاميين على نشر الفوضى

ويقول مسؤولون ليبيون وفرنسيون إن فرنسا التي تملك استثمارات نفطية في شرق ليبيا، سبق أن قدمت مساعدات عسكرية لحفتر خلال السنوات الماضية في معقله بشرق البلاد. وكانت أيضا لاعبا رئيسيا في الحرب التي اندلعت للإطاحة بالقذافي، بينما تساند إيطاليا حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة.

وقال سالفيني، إن فرنسا سحبت مؤخرا سفيرها من روما "لأسباب أقل أهمية بكثير" وذلك بعد لقاء جمع زعماء من حركة خمس نجوم شريكة حزب الرابطة الذي يقوده مع محتجين من حركة "ذوي السترات الصفراء" الفرنسية.

وأضاف "يعتقد البعض أن التدخل العسكري الذي قاده حلف شمال الأطلسي في ليبيا عام 2011 في ليبيا والذي شجع عليه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي كان مدفوعا بمصالح اقتصادية وتجارية أكثر منه بالمخاوف الإنسانية. آمل ألا نرى نفس الفيلم يتكرر مرة أخرى".

وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية اليوم الخميس إن فرنسا لم تعترض على دعوات لحفتر لوقف هجومه لكنها طلبت فقط إدخال تعديلات تتضمن ذكر محنة اللاجئين ووجود متشددين تصنفهم الأمم المتحدة كإرهابيين ضمن القوات المناهضة للمشير خليفة حفتر.

وقالت أحدث إحصائية للخسائر البشرية أصدرتها منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إن 56 شخصا قُتلوا أغلبهم مقاتلون كما أُصيب 266 آخرون في طرابلس. وأضافت أن بعض القتلى مدنيون وبينهم طبيبان وسائق سيارة إسعاف.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن عدد الأشخاص الذين نزحوا من ديارهم تضاعف إلى مثليه خلال الثماني وأربعين ساعة الماضية ليصل إلى ستة آلاف شخص.

وإلى جانب العواقب الإنسانية، يهدد تجدد الصراع في ليبيا بعرقلة إمدادات النفط وزيادة الهجرة عبر البحر المتوسط إلى أوروبا وإجهاض خطة السلام التي أعدتها الأمم المتحدة وتشجيع الإسلاميين المتشددين على استغلال الفوضى.

وليبيا نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الذين تدفقوا إلى أوروبا في السنوات الأخيرة بتدبير من عصابات الاتجار في البشر.

وزحفت قوات الجيش الوطني الليبي من معقلها في شرق ليبيا للسيطرة على الجنوب ذي الكثافة السكانية المنخفضة والغني بالنفط في وقت سابق هذا العام، قبل أن تبدأ قبل أسبوع الزحف نحو طرابلس حيث تتمركز حكومة السراج المعترف بها دوليا وحيث تنتشر ميليشيات متشددة موالية للاخوان ولتنظيم القاعدة.

وتأخذ دول غربية وعربية على السراج الاعتماد على ميليشيات متطرفة لتحصين سلطته في غرب ليبيا ودخوله في سياسة المحاور تنفيذا لأجندة دول داعمة للإخوان المسلمين.

وتقول قيادة الجيش الوطني الليبي إن عملية طرابلس تستهدف تطهير العاصمة من الإرهابيين. وكانت قد اتهمت مرارا تركيا وقطر بتمويل وتسليح جماعات متطرفة في غرب ليبيا.