'تجمع المهنيين' من كيان غامض إلى قوة أسقطت البشير

تجمع المهنيين السودانيين تحول إلى رقم صعب في معادلة التسوية السياسية بعد أشهر من تعتيم متعمد حول قادته رافق نشاطه على مدى الاحتجاجات التي أنهت ثلاثة عقود من حكم البشير.

تجمع المهنيين السودانيين تشكل عام 2013 ولم يبرز إلا في 2018
التزام الغموض إستراتيجية جنبت قادة التجمع الاعتقالات في غمرة الاحتجاجات
البشير أخطأ التقدير في التعامل مع حركة ناشئة أنهت حكمه في نهاية المطاف


الخرطوم - تردد اسم تجمّع المهنيين السودانيين بقوة طوال الأشهر الأربعة الماضية وبرز كيانا قائدا لاحتجاجات تتطلّع نحو التغيير وأصبح بعد عزل الرئيس عمر البشير رقما صعبا في معادلة المرحلة الانتقالية التي يكافح المجلس العسكري الانتقالي لإرسائها تمهيدا لحكومة مدنية منتخبة.

والتجمع الذي ألقى بثقله في تأجيج الاحتجاجات وأصبح قوة نافذة قادرة على تحريك الشارع، كيان غامض أو هكذا بدا أو هكذا أراد قادته، لكن المؤكد أنه أقلق بشدة حكومة الرئيس المعزول عمر البشير والتي سارعت بوضع إجابات على مقاس أهدافها، أملا في إخماد فتيل الغضب الشعبي المتفجر، معلنة أن التجمع واجهة لخصمها اللدود، الحزب الشيوعي في السودان.

لكن ذلك لم يدفع قادة تجمع المهنيين إلى تغيير خطتهم في التخفي والغموض حتى السادس من أبريل/ نيسان، التاريخ الحاسم في احتجاجات السودان التي أطاحت بحكومة البشير، قبل أن تتحوّل إلى اعتصام حاشد أمام مقر الجيش في العاصمة الخرطوم.

وفي الواقع، فإن التعتيم والغموض الذي فرضه قادة تجمّع المهنيين على هوياتهم كان بهدف تجنّب الاعتقال من قبل النظام وأجهزته الأمنية.

وسلطت الأحداث المتسارعة في السودان بداية من انطلاق الحراك الشعبي في نهاية العام الماضي وصولا إلى سقوط الرئيس السابق وما تلاه من قرارات أعلنها المجلس العسكري وشملت إعفاء عوض بن عوف (أو ابن عوف) الرجل القوي في النظام السابق والذي كان مهندس عملية عزل البشير من منصبه.

ومع أن اسم التجمع لم يدخل دائرة الضوء إلا خلال الاحتجاجات الأخيرة، إلا أن تأسيسه يعود إلى العام 2013، عقب احتجاجات شهدتها البلاد حينها أيضا، أطلق عليها إثر ذلك اسم 'هبة سبتمبر'، سقط فيها عشرات القتلى، بينهم أطباء وأساتذة في المدارس، أما الظهور الرسمي للتجمع، فكان في أغسطس/آب 2018.

والسبت، قال رئيس المجلس العسكري الجديد في السودان عبدالفتاح البرهان، إنه سيتم تشكيل حكومة مدنية بعد مشاورات مع المعارضة ووعد بفترة انتقالية أقصاها عامان.

وتولى البرهان رئاسة المجلس العسكري عقب تنحي وزير الدفاع عوض بن عوف من رئاسة المجلس بعد يوم واحد على توليه المنصب.

وبادر تجمع المهنيين السودانيين السبت الماضي بإعلان أسماء أعضاء فريقه المفاوض الرسمي مع المجلس العسكري الانتقالي، بينهم المعلم بالمدارس الثانوية الحكومية أحمد ربيع سيد أحمد.

وسيد أحمد الذي ظهر لأول مرة في مؤتمر الاثنين، قال إن تجمع المهنيين "كيان تحالفي تشكّل من أجسام المهنيين القائمة والأخرى في طور الإنشاء ويستند على الإرث النقابي السوداني".

وسيد أحمد الحاصل على بكالوريوس عام 2003 وماجستير في العلوم الرياضية عام 2007 من جامعة الجزيرة الحكومية وسط البلاد، جرى اعتقاله منذ يناير/كانون الثاني الماضي ولم يُطلق سراحه إلا في 11 أبريل/نيسان.

ويُعد سيد أحمد المتحدر (من مواليد العام 1977) من قطاع التعليم، أحد الأعضاء المؤسسين لتجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الثورة في البلاد.

وقبل تجمع المهنيين، أسس مع آخرين لجنة المعلمين والأخيرة هي الجسم النقابي الموازي لنقابة التعليم التابعة لحكومة الرئيس المخلوع.

ويقول المقربون من سيد أحمد إنه يميل أكثر إلى اليسار وعقب إطلاق سراحه، عُيِّن ضمن فريق التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي إلى جانب 10 مفاوضين آخرين.

الصحفي محمد الأمين عضو شبكة الصحفيين السودانيين، وهو أيضا أحد أعضاء فريق تجمع المهنيين، الذي أعلن عنه قبل أيام ضمن آخرين لأول مرة.

وهو أيضا عضو أمانة الإعلام في حزب المؤتمر السوداني وظل منذ عام 2008، ناشطا في مؤتمر الطلاب المستقلين المقرب من حزب المؤتمر السوداني (معارض) في الجامعات قبل أن ينضم لاحقا للحزب المذكور.

واعتقلته الأجهزة الأمنية أكثر من مرة، بسبب نشاطه السياسي في حزب المؤتمر وقبلها في مؤتمر الطلاب المستقلين في الجامعات.

والأمين من مواليد مدني بولاية الجزيرة وسط السودان عام 1989، درس مراحل التعليم الأولى في مدرسة "شقدى" بالمدينة، ثم الثانوية في مدرسة مدني الشرقية الثانوية وسط البلاد.

وقد التحق بكلية مدني الأهلية الجامعية ولم يكمل دراسته ولاحقا حصل على بكالوريوس في الدراسات الإستراتيجية والعلوم السياسية من جامعة الزعيم الأزهري بالخرطوم عام 2018.

ونشط الأمين في كيانات أهلية ناهضت إنشاء سدود على نهر النيل في الولاية الشمالية وتقلد موقع نائب رئيس اللجنة الشبابية لمناهضة سُدي 'دال' و'كجبار' في العام 2015. وأصبح عضوا في شبكة الصحفيين السودانيين عام 2015 وعضوا في سكرتاريتها في 2016.

وتعمل شبكة الصحفيين كجماعة ضغط في ظل وجود اتحاد للصحفيين السودانيين يدين بالولاء لحزب المؤتمر الوطني الذي كان يحكم البلاد.