تحديات اقتصادية وأمنية تنتظر الحكومة السورية الجديدة
دمشق – أصدر الرئيس السوري بشار الأسد الاثنين مرسوم تشكيل حكومة جديدة برئاسة محمّد غازي الجلالي مع إجراء تغييرات في 14 وزارة أبرزها الخارجية بعد نحو شهرين من انتخابات مجلس الشعب، ويتعين على الحكومة التعامل مع تحديات اقتصادية اجتماعية وأمنية التي تواجهها سوريا للبدء بعملية التعافي والتي يقول محللون أنها تفوق قدرة أي حكومة على حلها دون إجراء إصلاحات سياسية عميقة.
وكلف الأسد منتصف الشهر الحالي الجلالي بتشكيل حكومة، إذ ينص الدستور السوري على أن ولاية الحكومة تنتهي مع انتهاء ولاية مجلس الشعب التي تستمر أربع سنوات، وتعتبر الحكومة مستقيلة فتتحول حكومة تصريف أعمال.
ويأمل السوريون أن تتمكن الحكومة الجديدة من إخراجهم من مستنقع الأزمات الاقتصادية، وانهيار الليرة السورية، وشبح الغلاء، نظرا لاعتبارهم أن رئيس الحكومة المكلف يتمتع بخبرة واسعة في مجالات الهندسة، الإدارة، والاقتصاد. وهذا الأمر يعزز الآمال في قدرته على مواجهة التحديات الهائلة التي تنتظره وإحداث التغيير المنشود.
وأعلنت الرئاسة السورية الاثنين أن "الرئيس بشار الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتشكيل الوزارة الجديدة برئاسة الدكتور محمد غازي الجلالي"، والمؤلفة من 27 وزيراً.
وشغل الجلالي منصب وزير الاتصالات من 2014 إلى 2016. ويخضع الجلالي لعقوبات من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2014 بسبب "مسؤوليته عن القمع العنيف الذي يمارسه النظام ضد السكان المدنيين".
وشهدت التشكيلة الجديدة تغييرات في أربع عشرة وزارة أبرزها الاقتصاد والمالية والإعلام والزراعة والكهرباء والثقافة.
وشمل التغيير اثنتين من الوزارات السيادية، إذ جرى إعفاء فيصل المقداد من وزارة الخارجية وتعيين بسام الصباغ بدلاً عنه، وتعيين زياد غصن بديلاً عن بطرس حلاق في وزارة الإعلام. وشغل الصباغ منصب نائب وزير الخارجية والمغتربين في سوريا منذ آب/أغسطس 2023، بعد أن كان مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
وزياد غصن صحافي كتب خلال السنوات الماضية في وسائل إعلام محلية، وكان يهتم على نحو خاص بالتقارير المتعلقة بالوضع الاقتصادي في البلاد.
وأبقى الأسد على محمد عبد الستار السيد وزيرا للأوقاف، وعلى العماد علي محمود عباس وزيراً للدفاع وعلى محمد خالد الرحمون في منصب وزير الداخلية. لكنه غير وجوه وزارات أخرى مثل الصناعة التي ذهبت لمحمد سامر الخليل، والمالية التي أُسندت لرياض عبد الرؤوف.
وحافظ وزراء الدفاع والداخلية والنفط والاتصالات والأوقاف والتنمية الإدارية على حقائبهم. كما شهدت الحكومة الجديدة إلغاء منصب وزير شؤون رئاسة الجمهورية الذي كان يشغله منصور عزام، وتخفيض عدد وزراء الدولة من ثلاثة إلى اثنين.
وتنتظر حكومة الجلالي صعوبات عدة ومزمنة على خلفية استمرار الأزمات الاقتصادية والمعيشية بعد أكثر من 13 سنة على بدء النزاع في سوريا التي يعيش أكثر من تسعين بالمئة من سكانها تحت خطّ الفقر بحسب الأمم المتحدة.
وتضاف الى ذلك تحدّيات عسكرية مرتبطة بالتصعيد الميداني بين إسرائيل وحزب الله في لبنان المجاور والقصف الإسرائيلي المتكرر في سوريا على وقع الحرب في غزة.
ويقول متابعون أنه من المتوقع أن تتوجه حكومة الجلالي إلى تنفيذ سياسات الخصخصة، في ظل أزمة اقتصادية أرهقت البلاد لاسيما أن السيطرة الخارجية على حقول النفط والغاز، بالإضافة إلى المحاصيل الزراعية الرئيسية مثل الحبوب، تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وتجعل من الصعب على أي حكومة جديدة تحقيق انتعاش اقتصادي.
ومن بين أكثر الملفات حساسية التي تواجه الحكومة الجديدة تحسين الظروف المعيشية للسوريين، خاصة في مناطق مثل اللاذقية وطرطوس والسويداء التي تعاني من فقر مدقع وغياب الخدمات الأساسية.
وفي حزيران/يوليو، فاز حزب البعث الحاكم مجدداً بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات تُجرى في سوريا بعد اندلاع النزاع في العام 2011، في غياب أيّ معارضة فعليّة.
وسبق تلك الانتخابات اتجاه السلطات السورية لتنظيم انتخابات داخل حزب البعث الذي يترأسه الأسد، الذي أجرى مؤخراً تغييرات على المستوى الأمني، وصفها بأنها تندرج "في إطار إعادة الهيكلة".