تحديات داخلية ودولية تواجه أية انتخابات فلسطينية

توافق كل من حماس وفتح بشان المصالحة وطريقة إجراء الانتخابات تواجهه مصاعب داخلية أبرزها امكانية وضع إسرائيل لعراقيل تقنية، وخارجيا ضبابية الموقف الأميركي مع صعود بايدن.
الجديد في مسار المصالحة هو استجابة حماس كتابيا لما كانت تطلبه فتح
بعض الأوراق لا تزال بيد الاحتلال منها وضع القدس والتحكم بالحركة بين المدن
الرهان على الضمانات التي قدّمتها الأطراف الإقليمية والدولية امر مبالغ فيه

القدس - تباينت آراء محللين سياسيين محليين، حول إمكانية إجراء الانتخابات الفلسطينية، في ظل المواقف الإيجابية التي أبدتها قيادتي حركتي "فتح" و"حماس" إزاء ذلك.
وتبادلت الحركتان مؤخرا، رسائل حملت الموافقة على إجراء الانتخابات، حيث تراجعت حركة "حماس" عن شرطها بإجراء الانتخابات الثلاثة "التشريعية، والرئاسية، والمجلس الوطني"، في وقت واحد، ووافقت على مطلب حركة "فتح" بعقدها بشكل متتابع.
ونقلت الحركة، في رسالة بعثها رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الخميس الماضي، قبوله إجراء الانتخابات الثلاثة على التوالي، في فترة زمنية أقصاها 6 أشهر، منذ إصدار المرسوم الرئاسي الخاص بتحديد تواريخ الانتخابات.
وفي المقابل، قالت حركة "فتح" إن الرئيس الفلسطيني "رحّب بتلك الرسالة مؤكدا التزامه بتحقيق الوحدة".
وجاءت هذه المواقف، بعد وساطات مارستها أطراف خارجية وهي مصر، وقطر، وروسيا، بين الحركتين.
تأكيدات بإجراء الانتخابات
ويعرب تيسير نصرالله، عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، عن ثقته "بتحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات على ثلاثة مراحل وخلال 6 شهور"، لكنه مع ذلك أكد على "ضرورة الاستعداد لمواجهة أي عقبات قد يضعها الاحتلال الإسرائيلي".

ضرورة الاستعداد لمواجهة أي عقبات قد يضعها الاحتلال الإسرائيلي

ويضيف نصر الله، إن الرئيس عباس "سيصدر مرسوما بتحديد مواعيد الانتخابات وستلقى (المراسيم) ترحيبا كهدف للفلسطينيين طال انتظاره".
ويوضح أن الجديد في مسار المصالحة هذه المرة هو "استجابة حماس كتابيا لما كان تطلبه حركة فتح"؛ في إشارة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات بالتتابع.
وفي ظل إعلان الأطراف الفلسطينية جاهزيتها لإجراء الانتخابات، لا يستبعد نصر الله "الاصطدام بعقبات سواء إسرائيلية أو أميركية في الفترة المتبقّية للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب".
ويتابع "بعض الأوراق بيد الاحتلال ومنها وضع مدينة القدس، والتحكم بالحركة بين المدن، إضافة إلى مسألة إجراء الانتخابات في غزة والضفة بالتزامن (..) الأمر الذي يتطلب من الفصائل تحدّي تلك المعيقات".
ويصف المسؤول الفلسطيني الأجواء بين حركتي "فتح" و"حماس" بـ"الإيجابية"، قائلا إن هذا "ما عكسته ردود الأفعال بينهما".
فرصة مهمة

دول اقليمية على غرار مصر لعبت دورا محوريا في المصالحة الفلسطينية
دول اقليمية على غرار مصر لعبت دورا محوريا في المصالحة الفلسطينية

بدوره، يصف مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، الأجواء الإيجابية التي عكستها الرسائل المتبادلة بين الحركتين، بـ"الفرصة المهمّة لإعادة ترتيب النظام السياسي".
ويقول "من المهم أن يخطو الفلسطينيون هذه الخطوة، التي لن تنهي الانقسام، إنما قد تقود إلى ذلك في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها القضية".
ويعتقد أن الرهان على الضمانات التي قدّمتها الأطراف الإقليمية والدولية مبالغ فيها، لافتا إلى أن بعض المعيقات قد "تصطدم بهذا المسار وتعطّله".
ويقول إبراهيم أن إجراء الانتخابات يتطلب استحقاقات كبيرة من حركتي "فتح" و"حماس"، وسط حالة من "التوافق الوطني".
ويتابع "هذا الملف يفتح المجال للكثير من الأسئلة التي لا جواب لها حتى اللحظة، حول كيفية إنهاء الأجواء السياسية المشحونة، وانعكاس الأوضاع الصحية، والأوضاع المتدهورة في غزة والضفة، ووضع المؤسسات الفلسطينية، ودخول حماس منظمة التحرير، والضبابية التي تعيشها القيادة الفلسطينية بإعادة علاقتها مع إسرائيل؛ والتي ترفضها حماس".
ويرى المحلل السياسي أنه "لا يمكن إنجاز الانتخابات دون إنهاء كافة الملفات العالقة".
رغبة فلسطينية
من جانبه، يقول طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي، إن فكرة إجراء الانتخابات هي رغبة فلسطينية لـ"توحيد النظام السياسي وإن كان بخطوات أولية".
ويتابع "كلا الطرفين لديه مصلحة من الانتخابات، لتجديد شرعيته، خاصة في ظل رؤية الرئيس الأميركي المُنتخب جو بادين، حول المفاوضات، والتي تستدعي وجود وضع فلسطيني مختلف نسبيا".
ويرى عوكل أن "تجديد الشرعيات الفلسطينية استحقاق له علاقة بالتحضير لمرحلة جديدة للدور الأميركي".

تجديد الشرعيات الفلسطينية استحقاق له علاقة بالتحضير لمرحلة جديدة للدور الأميركي

لكن إجراء تلك الانتخابات، بحسب عوكل، لا يعني أن المصالحة قد تمت إنما هي بداية لـ"ترتيب الوضع السياسي الفلسطيني".
ضغوط وأسباب
ويرى وديع أبو نصار، المحلل السياسي، إن تدخل الأطراف الدولية والإقليمية، والضغط على الحركتين باتجاه إجراء الانتخابات يأتي لرغبتهم في تجديد شرعية "القيادة الفلسطينية سواء في المؤسسات الرئاسية أو التشريعية، أو المجلس الوطني، وذلك أمام المجتمع الدولي".
ويعتقد أبو نصار أن تجديد الشرعية من شأنه أن "يُحرج إسرائيل ويشكّل ضغطا لقبولها استئناف المفاوضات".
ويكمل "انتخاب قيادة جديدة، يساعد نوعا ما في وضع الغالبية العظمى من الفلسطينيين، تحت سقف واحد، بدلا من انقسامهم، ما يساعد على استئناف المفاوضات".
معيقات إسرائيلية
ويقول عادل شديد، المحلل السياسي، إن عددا من العقبات قد تعترض ما اتفقت عليه الحركتان "أبرزها إسرائيل التي لن تقبل بإنجاز المصالحة".
ويتابع موضحا "إسرائيل ما زالت توظّف الانقسام لإضعاف الحركة الوطنية وزيادة تشرذمها، والأمر الذي يساعدها على زيادة وتيرة المشروع الصهيوني بالمنطقة".
ويرى "شديد" أن "إسرائيل لن تتردد في وضع العراقيل أمام إنجاز هذا الاستحقاق".
لكنه يعتبر أن المتغير الإيجابي الوحيد الذي لا يصب في مصلحة إسرائيل هو الإدارة الأميركية الجديدة "التي ترى أن إضعاف الموقف الفلسطيني لا يمكن أن يؤدي إلى فرض حلول سياسية على القيادة الفلسطينية".
وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع عام 2006، وأسفرت عن فوز حركة حماس بالأغلبية، فيما كان قد سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس.