تحذيرات إيران للقوى الأوروبية تفتح باب التصعيد في الملف النووي

الإصرار الإيراني على الرد بشكل حاد على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والانتقادات الأوروبية يعكس توجهاً يفاقم الشكوك الغربية تجاه نوايا طهران النووية.

طهران - تشير تحذيرات إيران الأخيرة للقوى الأوروبية، في أعقاب تقرير الأمم المتحدة حول تسريع تخصيب اليورانيوم، إلى منحى تصعيدي جديد من جانب طهران، من شأنه أن يهدد فرص التوصل إلى أي تفاهمات في إطار المفاوضات النووية الجارية. فبدلاً من انتهاج نهج يركز على الشفافية أو تقديم توضيحات بشأن أسباب رفع نسب التخصيب إلى مستويات تقترب من العتبة العسكرية، تلوّح إيران بإجراءات مضادة قد تعقّد مسار الحوار مع كل من الأوروبيين والأميركيين.
ويعكس الإصرار الإيراني على الرد بدل التفسير، والتعامل مع تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوصفه فرصة للمواجهة لا للمراجعة، توجهاً يفاقم الشكوك الغربية تجاه نوايا طهران النووية. هذا التصعيد لا يضع إيران فقط في مرمى مزيد من الضغوط والعقوبات المحتملة، بل يهدد أيضاً بإضعاف الزخم الدبلوماسي الذي يُفترض أن يرافق أي محاولات لاستئناف مفاوضات فعالة تحقق انفراجاً في الملف النووي المعقد.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة القريبة من مستوى 90 في المائة المطلوب للاستخدام العسكري، وذلك في تقرير غير معدّ للنشر تم الاطلاع عليهالسبت قبل أسبوع من اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا.
ولفتت الوكالة إلى أن المخزون بلغ 408.6 كلغ في 17 مايو/أيار بزيادة 133.8 كلغ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مقارنة بزيادة مقدارها 92 كلغ خلال الفترة السابقة.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأحد في بيان أنه أبلغ في مكالمة هاتفية مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي أن "إيران سترد بشكل مناسب على أي تحرك غير لائق من جانب الأطراف الأوروبية" في إشارة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وحذرت الدول الثلاث من أنها قد تعيد فرض العقوبات إذا هدد برنامج إيران النووي أمن القارة.
ودعا عراقجي غروسي في المكالمة التي جرت السبت إلى عدم إتاحة الفرصة "لبعض الأطراف" لإساءة استخدام التقرير "لتحقيق أهدافها السياسية" ضد إيران، بحسب البيان.
وندّدت وزارة الخارجية الإيرانية السبت بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفة إياه بأنّه "سياسي وغير متوازن".
وتتهم دول غربية وإسرائيل، إيران بالسعي الى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية، مؤكدة الطابع السلمي لبرنامجها النووي.
وجدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة تأكيده أنه "لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي"، مشيرا إلى أن البلدين "قريبان جدا من اتفاق".
وأعلن عراقجي السبت أنه تلقّى "عناصر مقترح أميركي" من نظيره العماني خلال زيارته لطهران حيث كتب في منشور على موقع اكس أن إيران سترد "بما يتماشى مع المبادئ والمصالح القومية وحقوق" شعبها.

وأجرت طهران وواشنطن خمس جولات من المباحثات بوساطة عمانية منذ نيسان/أبريل، مع تأكيد الجانبين إحراز تقدم، على رغم تباين معلن بينهما بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم.
وأوردت صحيفة نيويورك تايمز السبت أن كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الابيض قالت "أرسل المبعوث الخاص ويتكوف اقتراحا مفصلا ومقبولا للنظام الإيراني، ومن مصلحته قبوله".
وأشارت الصحيفة نقلا عن مسؤولين مطلعين على المحادثات الدبلوماسية أن الاقتراح عبارة عن سلسلة من النقاط الموجزة وليس مسودة كاملة.
ويدعو الاقتراح إيران إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، ويقترح إنشاء تجمع إقليمي لإنتاج الطاقة النووية يضم إيران والمملكة العربية السعودية ودولا عربية أخرى، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.
وأبرمت إيران عام 2015 اتفاقا مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح فرض قيود على أنشطتها وضمان سلميتها، لقاء رفع عقوبات كانت مفروضة عليها.
وفي 2018، سحب ترامب خلال ولايته الأولى بلاده بشكل أحادي من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية التي عمدت بعد عام من ذلك، الى التراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجبه.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي القوة غير النووية الوحيدة التي تقوم بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 60 في المئة.
ويلوح الرئيس الاميركي الساعي إلى اتفاق جديد، بالخيار العسكري في حال فشل المساعي الدبلوماسية.