تحذيرات واشنطن لإيران أقرب للضجيج الإعلامي

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخلص إلى أن طهران بدأت بتخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من تلك المسموح بها بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الست في 2015.

بنس: على إيران أن لا تفهم ضبط النفس على أنه ضعف منّا
كبير مستشاري ماكرون في طهران في محاولة أوروبية لتهدئة التوتر
جلسة استثنائية لحكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الانتهاكات الإيرانية

واشنطن/طهران - وجهت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تحذيرا جديدا لإيران مؤكدة أنها جاهزة لحماية المصالح والقوات الأميركية والمواطنين الأميركيين في الشرق الأوسط.

وتواترت التحذيرات الأميركية لطهران إلى درجة أغرقت معظم التحليلات في سيناريو مواجهة عسكرية حتمية، لكنها لا تحمل في الواقع جديدا يذكر منذ تفجر التوتر بين واشنطن وطهران ولم تخرج عن سياق الضجيج الإعلامي في الوقت الذي انتقلت فيه إيران إلى تنفيذ تهديداتها بتقليص التزاماتها النووية ولوحت مجددا بأن تذهب إلى أبعد من ذلك بإعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

وقال مايك بنس نائب الرئيس الأميركي إن بلاده مستعدة لحماية العسكريين والمواطنين الأميركيين في الشرق الأوسط وذلك في ظل تصاعد التوتر مع إيران بسبب برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات بنس في الوقت الذي هددت فيه طهران اليوم الاثنين باتخاذ خطوات كبيرة بعيدا عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة العام الماضي.

كما تأتي بالتزامن مع تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من تلك المرخص لها بها بموجب الاتفاق المبرم مع الدول العظمى في 2015.

وقال بنس متحدثا أمام مجموعة مسيحية إنجيلية تدعو لدعم إسرائيل "دعوني أقول بوضوح: يجب على إيران ألا تسيء فهم ضبط النفس الأميركي بأنه ضعف لعزمها"، مضيفا "نحن نأمل في الأفضل لكن الولايات المتحدة وقواتنا المسلحة مستعدتان لحماية مصالحنا وحماية أفرادنا وحماية مواطنينا في المنطقة".

وقال إن واشنطن ستواصل الضغط على إيران من خلال العقوبات، مضيفا أن الرئيس ترامب "لن يسمح أبدا بأن تمتلك إيران سلاحا نوويا".

وألغى الرئيس الأميركي هجمات جوية على إيران الشهر الماضي قبل دقائق من شنها ردا على إسقاط طهران طائرة أميركية مسيرة.

وفي تصريحاته المعدة مسبقا، كان بنس يعتزم قول إن واشنطن لا تزال مستعدة لإجراء محادثات مع طهران لكنه لم يذكر ذلك أثناء إدلائه بكلمته.

وكانت الكلمة تتضمن فقرة تنص على أن "الولايات المتحدة لا تسعى لحرب مع إيران. نحن نرغب في الحوار. نحن مستعدون للإنصات، لكن أميركا لن تتراجع".

وقد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الاثنين أن إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من تلك المرخص لها بها بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الست الكبرى في العام 2015.

واشنطن جاهزة للتعامل مع اي تهديد إيراني لمصالحها وقواتها في الشرق الأوسط
واشنطن جاهزة للتعامل مع اي تهديد إيراني لمصالحها وقواتها في الشرق الأوسط

وقال المتحدث باسم الوكالة في بيان إن "مفتشي الوكالة تحققوا في الثامن من يوليو (تموز) من أن طهران قامت بتخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من 3.67 بالمئة".

وكانت طهران أعلنت الاثنين أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بـ4.5 بالمئة على الأقل ردا على إعادة فرض عقوبات أميركية عليها.

كما أكدت الوكالة في الأول من الشهر الحالي أن إيران تجاوزت قليلا المستوى المرخص لمخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب المحدد بـ300 كلغ.

وكانت الحكومة الإيرانية أعلنت مطلع مايو/ايار أنها ستتحرر تدريجيا من التعهدات التي قطعتها بموجب هذا الاتفاق في حال لم تسمح لها الجهات الأخرى الموقعة بالالتفاف على العقوبات الأميركية التي تخنق اقتصادها.

وفي مايو/أيار 2018 أعلن الرئيس الأميركي الانسحاب من هذا الاتفاق الهادف إلى التحقق من الطابع السلمي لبرنامج إيران النووي بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتنفي ظهران على الدوام بأنها تسعى لحيازة القنبلة الذرية وأعلنت الاثنين أنها ستخصب اليورانيوم بـ5 بالمئة بعيدا عن نسبة الـ90 بالمئة الضرورية لأغراض عسكرية.

والخروقات الإيرانية للاتفاق ستبحث الأربعاء خلال جلسة استثنائية لحكام الوكالة في مقرها في فيينا.

وتسعى الدول الأوروبية التي انتقدت بشدة خرق طهران للاتفاق النووي، إلى إنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار، لكن تجاهل الإيرانيين للتحذيرات الأوروبية عقّد من مهمة الأوروبيين لتخفيف حدة التوتر في المنطقة وأيضا إيجاد مخرج لأزمة النووي الإيراني.

وقد أعلنت الرئاسة الفرنسية الاثنين أن إيمانويل بون المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور إيران الثلاثاء والأربعاء للقاء مسؤولين إيرانيين سعيا "للتخفيف من حدة التوتر" حول الملف النووي.

وأضافت الرئاسة أن بون "سيزور طهران لإيجاد عناصر تساهم في التخفيف من حدة التوتر مع خطوات يجب أن تتخذ فورا قبل 15 يوليو" دون أن تقدم المزيد من الإيضاحات.

وفي السياق ذاته نقلت وكالة تسنيم للأنباء عن الميجر جنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني قوله اليوم الاثنين إن العالم يعلم أن طهران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي.

وتأتي هذه الزيارة بينما قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحدث اليوم الاثنين مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تهديد إيران بزيادة مستوى تخصيب اليورانيوم، مضيفا في بيان "بحثا الجهود المتواصلة لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي ووضع حد لسلوك طهران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط".

طهران تقرأ التحذيرات الأميركية على أنها ضعف
إيران تذهب بعيدا في تهديداتها بتقليص التزاماتها النووية

وهددت إيران في وقت سابق اليوم الاثنين بإعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتوقفة عن العمل وزيادة درجة نقاء تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمئة ضمن خطواتها الكبيرة التالية المحتملة في إطار تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن العام الماضي.

وقال سلامي "لماذا يفرضون علينا عقوبات دولية بشأن القضية النووية في الوقت الذي يدرك فيه العالم أننا لا نسعى لامتلاك سلاح؟ في حقيقة الأمر هم يعاقبوننا بسبب المعرفة.. الأسلحة النووية ليس لها مكان في الإسلام. الإسلام لا يقر أبدا أسلحة الدمار الشامل".

وهددت إيران اليوم الاثنين باستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي توقفت عن العمل وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 بالمئة ضمن خطواتها الكبيرة المحتملة التالية بعيدا عن الاتفاق النووي لعام 2015.

وتتجاوز التهديدات التي صدرت على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الخطوات الصغيرة التي اتخذتها طهران الأسبوع الماضي لزيادة مخزوناتها من المادة الانشطارية إلى ما يتجاوز حدود الاتفاق النووي.

تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 بالمئة سيكون خطوة مثيرة حيث يعتبر هذا المستوى مرحلة مهمة في منتصف الطريق للحصول على اليورانيوم الانشطاري بدرجة نقاء 90 بالمئة اللازم لصنع قنبلة

وقد يثير هذا تساؤلات جدية عما إذا كان الاتفاق الذي يهدف لمنع إيران من صنع سلاح نووي لا يزال قابلا للاستمرار.

وربما يبطل هذان التهديدان إنجازات رئيسية للاتفاق النووي رغم أن إيران لم تذكر تفاصيل مهمة عن المدى الذي قد تذهب إليه للعودة إلى الوضع الذي كان موجودا قبل الاتفاق حين عبر خبراء أوروبيون عن اعتقادهم بأن بإمكان الجمهورية الإسلامية بناء قنبلة في غضون أشهر.

وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 بالمئة سيكون خطوة مثيرة لأن هذا هو المستوى الذي كانت إيران قد وصلت إليه قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

ويعتبر هذا المستوى مرحلة مهمة في منتصف الطريق للحصول على اليورانيوم الانشطاري بدرجة نقاء 90 بالمئة اللازم لصنع قنبلة.

وكانت إحدى الإنجازات الرئيسية التي حققها الاتفاق موافقة إيران على تفكيك أجهزة الطرد المركزي من طراز آي.آر-2إم التي تستخدم لتنقية اليورانيوم.

وكانت طهران تملك ألفا من هذا الطراز في منشأة نطنز الإيرانية الكبيرة للتخصيب قبل الاتفاق. وبموجب الاتفاق يُسمح لإيران بتشغيل ما يصل إلى اثنين فقط منها لأغراض الاختبارات الميكانيكية.

لكن الإجراءات الواردة في التهديدات الإيرانية تهدف في ما يبدو إلى أن تكون غامضة لدرجة لا تصل إلى حد تنصل الإيرانيين من الاتفاق تماما.

ولم يحدد متحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية كمية اليورانيوم التي قد تخصبها إيران بدرجة نقاء أعلى أو عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستفكر في إعادة تشغيلها.

كما لم يتطرق إلى أجهزة طرد مركزي أخرى أكثر تقدما مثل جهاز آي.آر-8 الأكثر تطورا. وقالت إيران إن كل الخطوات التي تفكر في اتخاذها يمكن التراجع عنها.