تحذير الجزائر من المرتزقة في مالي يكشف أزمة صامتة مع روسيا

تقارير دولية تشير إلى أن اتهامات الجزائر المبطنة لمجموعة 'فاغنر' الروسية بالوقوف وراء التصعيد في مالي يؤشر على أزمة محتملة في العلاقات بين البلدين.

الجزائر - أشارت تقارير دولية إلى أن الجزائر لمحت خلال مداخلتها الأخيرة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة إلى دور مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة في التصعيد الدائر بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، بدعوتها إلى التدخل من أجل إيقاف "أنشطة المرتزقة"، متوقعة أن يرخي التوتر بظلاله على العلاقات بين البلدين.

ويأتي هذا الطلب الجزائري بعد أن نفذت طائرة مسيرة عن بعد هجوما خلف مقتل أكثر من 20 شخصا، أغلبهم من المدنيين.

ودعت الجزائر إلى "محاسبة من أقدم على قتل المدنيين في شمال مالي"، فيما أعلن التلفزيون الرسمي المالي أن "الهجوم استهدف إرهابيين ممن يطالبون بالانفصال"، في وقت تجددت فيه المواجهات بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق.

ونفذت مالي ضربات جوية على أهداف للمتمردين في تنزاواتن بعد وقت قصير من تنفيذ المقاتلين الطوارق والإسلاميين هجمات وكمائن أدت إلى قتل عدد كبير من الجنود الماليين وآخرين من مجموعة "فاغنر" الروسية بالقرب من البلدة في يوليو/تموز.

وجعل المجلس العسكري الذي يتولّى السلطة في مالي منذ العام 2020 من استعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد إحدى أولوياته.
وبعدما استعاد السيطرة على أنحاء عدة شمالي البلاد، أعلنت القوات المالية في نهاية يوليو/تموز أنّها سيطرت على منطقة إن -أ فراك الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غربي تيساليت في منطقة كيدال. 

وتتواجد مجموعة "فاغنر" الروسية في مالي لدعم التدخلات العسكرية للجيش ضد من يصفهم النظام المالي بـ"الإرهابيين" في شمال البلاد.

وأوضحت التقارير أن "اتهامات الجزائر المبطنة لمجموعة "فاغنر" الروسية ينذر بحدوث أزمة في العلاقات بين البلدين"، في وقت تسعى فيه موسكو إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من بوابة الشراكات الاقتصادية والتعاون العسكري.

وأثارت الزيارة التي أداها الرئيس عبدالمجيد تبون إلى موسكو في العام الماضي والتي توجت بتوقيع عدد من الاتفاقيات قلقا غربيا من توسيع روسيا لمنافذها في القارة الأفريقية من بوابة التعاون مع الجزائر.

ودأبت الجزائر خلال الآونة الأخيرة على التحذير من تداعيات الأوضاع في مالي على استقرار المنطقة، بينما باتت تنظر بقلق بالغ إلى تنامي النفوذ الروسي في البلد المجاور.

والعلاقات بين الجزائر وباماكو مقطوعة منذ أن ألغت الحكومة المالية اتفاق السلام الهش المبرم في العام 2015  الذي رعته الجزائر وفشل في تحقيق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع، بينما اتهم المجلس العسكري الحاكم السلطات الجزائرية بالتدخل في الشؤون الداخلية إثر إجراء مباحثات مع الانفصاليين الطوارق دون إشراكه.

وفشلت الدبلوماسية الجزائرية في تبريد التوتر مع مالي وإعادة مياه العلاقات إلى مجاريها، ما أدى إلى مزيد تعميق عزلتها الأفريقية وتراجع حضورها في المنطقة.

وتوقعت التقارير "التصادم" بين الجزائر وروسيا بسبب التطورات التي تعرفها منطقة الساحل الأفريقي وليبيا، حيث تشعر الجزائر بالقلق من التحركات التي يقوم بها قائد الجيش الليبي خليفة حفتر وقواته المدعومة من الروس.

وتشير التحركات الجزائرية الأخيرة إلى "وجود قلق في الجزائر من توتر الأوضاع في الساحل وتداعياتها على البلاد التي ترتبط بحدود جغرافية طويلة مع عدد من دول المنطقة، مثل مالي والنيجر وليبيا".