تحذير من انهيار القطاع السياحي في تونس

تراجع حاد للعائدات السياحية بنسبة 66 بالمئة والليالي السياحية بنسبة 80 بالمئة، وخبراء يتوقعون حدوث إغلاقات جديدة للحدود على المستوى الدولي.
أرقام خجولة للسياحة الوافدة والقطاعات المرتبطة بها كالنقل والصناعات التقليدية
دعوة للتعويل في الفترة المقبلة على قطاعات أخرى مثل الفلاحة والصيد البحري
تونس خسرت 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في السياحة

تونس- بينما كانت تونس تأمل بنمو السياحة لديها بأكثر من 3 بالمئة خلال العام الجاري مقارنة مع 2019، أصبحت أمنيات القطاع بعدم تجاوز نسبة الانكماش 50 بالمئة بفعل تفشي جائحة كورونا.
وحذر وزير السياحة حبيب عمار في جلسة برلمانية من انهيار القطاع السياحي مع توقف شبه كلي في مختلف مرافق البلاد كإحدى التبعات السلبية لتفشي جائحة كورونا محليا وعالميا.
وبعد إجراءات تخفيف للقيود المتخذة عقب الموجة الأولى من الفيروس، يبدو أن إجراءات الغلق والقيود ستعود مجددا بالتزامن مع الموجة الثانية للفيروس التي يشهدها العالم حاليا.
تشير توقعات وزارة السياحة التونسية لتسجيل المؤشرات لكامل 2020 تراجعا حادا للعائدات السياحية بنسبة 66 بالمئة، وعلى مستوى الليالي السياحية بنسبة 80 بالمئة، وفي عدد الوافدين 79 بالمئة.
وتُساهم السياحة بين 8 و14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد التونسي، ومصدرا رئيسا للنقد الأجنبي إلى جانب الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج.

 السياحة
'أزمة السياحة عالمية وليست إقليمية أو محلية'

يرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن العام الجاري سيكون للنسيان بسبب الأرقام الخجولة لصناعة السياحة الوافدة، والقطاعات المرتبطة به كالنقل والصناعات التقليدية.
وقال الشكندالي، إن "توقعات صندوق النقد الدولي على مستوى تأثير كورونا على السياحة تُشير إلى تسجيل تراجع كبير، وأرقام المعهد التونسي للإحصاء تقول إن القطاع تراجع 77 بالمئة خلال الربع الثاني 2020".
واضاف "كل القطاعات المرتبطة بالسياحة، على غرار الصناعات التقليدية والنقل تراجعت بأكثر من 40 بالمئة.. أعتقد أننا ذهبنا في الاتجاه الخطأ عندما فتحت الحدود، وانتظرنا أن يرتفع عدد السياح ونحقّق مداخيل سياحية قياسية، ولكن هذا لم يحدث".
في 27 يونيو/ حزيران، فتحت الحكومة التونسية، الحدود البرية والجوية والبحرية، بعد إغلاق دام أكثر من 3 أشهر، بداية من 17 مارس/ آذار في إطار اتخاذ تدابير لمواجهة فيروس كورونا.
وتوقع الشكندالي بحدوث "إغلاقات جديدة للحدود دوليا، خاصة البلدان الشريكة لتونس والتي تمثل القسط الأكبر من عدد السياح القادمين من الخارج وتحديدا دول الاتحاد الأوروبي، على غرار فرنسا وألمانيا وإيطاليا".
كما أستبعد عودة القطاع السياحي في تونس لنشاطه خلال ما تبقى من العام الجاري.
واعتبر الشكندالي أن الحل يكمن في التعويل في الفترة المقبلة على القطاعات التي ما زالت على الرغم من الظروف القاسية تحقق نسب نمو جيدة كالفلاحة والصيد البحري وذلك لتغطية العجز الذي قد يسجله قطاع السياحة وتأثيره على الاقتصاد التونسي.
ودعا حكومة بلاده إلى "اتخاذ الإجراءات الملائمة لتشجيع قطاع الفلاحة الذي لوحده حقق نسبة نمو ايجابية في الربع الثاني من العام الجاري بلغت 3 بالمئة، بينما بقيمة القطاعات تراجعت بأكثر من 20 بالمئة".
واكد  الخبير الاقتصادي على ضرورة التعويل في قادم الأيام على ما يسمى باقتصاد الحياة الذي يقوم على الغذاء والصحة، وبالتالي لابد من الترفيع في ميزانيتي وزارتي الفلاحة والصحة ودعم الجهود لمقاومة فيروس كورونا".
في المقابل، يرى خبير الاقتصاد فتحي النوري أن "أزمة قطاع السياحة هي أزمة عالمية وليست أزمة إقليمية أو محلية، وقد مست كل القطاعات سواء السياحة المحلية أو السياحة بين الدول أو النقل".
وعالميا، بلغت خسائر السياحة قرابة 474 مليار دولار مسجلة انخفاضا بنسبة 68 بالمئة مقارنة مع 2019، وتراجع عدد السياح على المستوى العالمي بـ65 بالمئة، بحسب منظمة السياحة العالمية.
وقال النوري إن "تقييم الأضرار الناجمة عن أزمة القطاع السياحي، يكون بحسب حجم مساهمة القطاع في الناتج المحلّي الإجمالي للاقتصاد الوطني".
واضاف "قطاع السياحة ليس بالقطاع الكبير لكنه يبقى هاما، من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، فهو يساهم ما بين 8-14 بالمئة سنويا.. وتراجع مداخيل السياحة بما يفوق 60 بالمئة يعد رقما كبيرا".
واعتبر وزير السياحة ان وضع القطاع ترك المؤسسات السياحية أمام خيارات صعبة، ووضع الجميع أمام واجب إنقاذه من الاندثار، باعتبار توقف بشكل شبه كلي لأي نشاط سياحي".
وأضاف: "هذه الأزمة كان لها انعكاس مباشر على سوق العمل.. خسرنا قرابة 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع السياحة، ما يمثل 13 بالمئة من مواطن الشغل الإجمالية للقطاع".
ويوفّر القطاع السياحي بتونس 400 ألف فرصة عمل مباشر وغير مباشر، وحوالي مليون فرصة عمل في علاقة بالقطاع السياحي، بحسب الوزير.
وسجّل الاقتصاد المحلي انكماشا، خلال الربع الثاني من العام الجاري، بنسبة 21.6 بالمئة، وفق مؤشرات نشرها المعهد التونسي للإحصاء (حكومي) منتصف أغسطس/آب.